Sunday, May 3, 2009

توريث اللعنة


توريث اللعنة

عبد الحليم قنديل
"....
فقد بدأ النظام المصري طويلا كأنه يتعيش على دور الوساطة، وبأجر معلوم من المعونة الأمريكية وغيرها، ثم بدا أن صعود دور المقاومة المسلحة في لبنان والعراق وفلسطين، وتحولها إلى رقم استراتيجي في تغيير معادلات المنطقة، بدت هذه التحولات مما يعيق أدوار الوساطة المصرية سيئة الصيت، ويزيد الشك في دوافعها، ويميل إلى وضعها في قفص الاتهام، وهو الأمر الذي تآكلت معه قواعد الوساطة، وانتهى بالنظام المصري إلى شراسة جريحة، وإلى نوع من الخصام السياسي المرضي مع المقاومة، ثم إلى نوع من الخصام العسكري، وبدا كأنه ينقلب على مظاهر حياد قشري مما تتطلبه الوساطة، ويميل إلى سفور الانحياز لوجهات نظر إسرائيل بكاملها، ويدمج أمنه بأمنها، ودوره بدورها، ويصادق من تصادقه، ويعادي من يعاديها .
....
بدت حزمة الحوافز وقتها في صورة صفقة متكاملة، وبدا مبارك كأنه يقول لتل أبيب وواشنطن 'أنا الأفضل لكم وليس بعدي غير الطوفان '، وهي الطريقة ذاتها التي تتكرر الآن،
.....
ثم كان الضغط الأمريكي ـ الإسرائيلي كاسحا مع حرب غزة وبعدها بالذات، وتزايد مع توقيع مذكرة التفاهم الأمريكية الإسرائيلية لمحاصرة ومنع تهريب السلاح إلى غزة، وقتها أطلق النظام المصري دخانا باهتا أوحى باعتراض، وبدواعي السيادة ذاتها التي يرددها في الاتجاه العكسي الآن، ثم كان التحول الشرس إلى السلوك العكسي بالضبط، وإعلان الحرب الجهيرة على المقاومة وشبكات دعمها بالمال والسلاح، وسرت حركة نشيطة لإغلاق الأنفاق بإشراف أمريكي مباشر، وغلق رفح المصرية أمنيا لإحكام طوق الحصار على غزة، واعتقال المصريين والفلسطينيين واللبنانيين الداعمين فيما يعرف إعلاميا باسم 'خلية حزب الله '، وإعلان الحرب على المصريين في سيناء بدءا من خط قناة السويس، بدت كل هذه التطورات مثيرة لارتياح إسرائيلي يطمع فيما هو أكثر، ثم أضيفت إليها دعوة نتنياهو وباراك ـ جزار غزة ـ للقاء مبارك، بدا ذلك كله 'ثمنا مدفوعا ' مقدما بهدف تأكيد وتجديد الرضا الإسرائيلي والأمريكي، وكأن عائلة مبارك تقول لواشنطن وتل أبيب مجددا : نحن أفضل لكم ومن بعدنا الطوفان،
....."

No comments: