- منذ اندلاع الثورة السورية منتصف شهر آذار/ مارس 2011، حافظ الخطاب الأميركي تجاه المسألة السورية على نسق معين، وإن اختلفت النبرة الدبلوماسية، صعودًا أو هبوطًا. تروم هذه الورقة رصد ملامح الخطاب السياسي الأميركي تجاه الثورة السورية خلال سنواتها الأربع السابقة، وصولاً إلى تصريحات جون كيري الأخيرة (15 آذار/ مارس 2015) عن "التفاوض مع الأسد".
بداية مرتبكةعلى خلاف الثورتين المصريّة والتونسية، سارعت الإدارة الأميركية وفي اليوم التالي (16 آذار/ مارس 2011) على انطلاق أول تظاهرة احتجاجيّة في سورية لبلورة موقف منها، فطالب المتحدث باسم وزارة الخارجية آنذاك مارك تونر الحكومة السورية بالاعتراف بحقوق المواطنين السوريين في التظاهر بحرية، وبضرورة الاعتراف بالمطالب المشروعة[1]. بدا واضحًا آنذاك أنّ تصريحات الخارجية الأميركية، وعلى الرغم من عدم وضوح المشهد ومحدودية المشاركة في الاحتجاجات، جاءت لتلافي انتقادات واسعة وجهت لإدارة أوباما، أثناء الثورتين المصرية والتونسيّة، بالصمت والامتناع عن اتخاذ موقف واضح من الاحتجاجات المنادية بالديمقراطية، وهو ما شجع الأنظمة الديكتاتورية على قمعها وأدّى إلى سقوط مئات القتلى. وبناءً عليه، تصاعدت نبرة الخطاب الأميركي خلال الأسبوع الأول بشكل طردي مع اتساع الاحتجاجات وسقوط القتلى، فاتهمت الخارجية الأميركية (23 آذار/ مارس 2011) النظام بـ "ترهيب الشعب"، و"استخدام العنف والاعتقالات التعسفية لمنعه من ممارسة حقوقه الرئيسة"، وسارع وزير الدفاع الأميركي الأسبق ليون بانيتا، وبعد اقتحام الجامع العمري في درعا، إلى تحذير النظام من تداعيات سلوكه العنفي ودعاه إلى "الاستفادة من الدرس المصري"[2]. كان لتصريح بانيتا وقعه آنذاك، خاصة بعد تهيؤ مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار عربي، يتيح التدخل العسكريّ في ليبيا ضد الرئيس الليبي السابق، معمر القذافيّ، وهو ما أعطى انطباعًا باحتمالية تكرار الأمر ذاته في سوريّة. ومنعًا لأي التباس في ذلك الموضوع، سارعت إدارة أوباما إلى إجلاء موقفها، فاستبعدت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة في 27 آذار/ مارس 2011، حصول أي تدخل عسكري أميركي في سورية، وبرّرت هذا الموقف باختلال الشروط والظروف الموضوعية للتدخل بين ليبيا وسورية، وبحسب كلينتون فإنّ القذافي استخدم "قواته الجوية ومدرعاته الثقيلة ضد المدنيين" وهو ما لم يحصل في سورية آنذاك، كما أنّ أعضاء الكونغرس، وبحسب كلينتون، يعدّون الرئيس بشار الأسد "رجل إصلاح"[3]. ومع أنّ كلينتون عبّرت آنذاك عن حقيقة موقف إدارة أوباما غير المتحمس للتدخل العسكري في الخارج، فإنّ الخطاب الأميركي كان محكومًا بمحددات ترتبط بالداخل السوريّ بالدرجة الأولى، فخلافًا للثورات الأخرى لم يطالب المحتجون السوريون بإسقاط النظام أو "الرئيس"، وانحصرت مطالبهم في الكرامة والحريّة والإصلاح، وراهن كثير من السوريين على خطاب الرئيس الأول في مجلس الشعب لحل الأزمة وإجراء إصلاحات سياسية واسعة، وعلى هذا الأساس سعى الخطاب الأميركي للتماشي مع مطالب الداخل السوري، ففي اليوم السابق (29 آذار/ مارس 2014) لذلك الخطاب، أصدرت الخارجيّة الأميركية بيانًا جاء فيه "أنّ الأسد عند مفترق طرق، وأنه منذ استلامه الحكم نفّذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، لكنه لم يقم بإصلاحات مهمّة على المستوى السياسي، وأنّ واشنطن تحثّه على الاستجابة لحاجات الشعب السوري وتطلعاته"[4]. وكردة فعل المحتجين عليه، رأت الخارجية الأميركية أنّ "خطاب الرئيس بشار الأسد في مجلس الشعب يفتقر إلى المحتوى، وأنّه دون التطلعات الإصلاحية التي يريدها الشعب السوري"[5].طرأ تغيير طفيف على الخطاب الأميركي بعد مجزرة الجمعة العظيمة 22 نيسان/ أبريل 2011، والتي ...للاطلاع على الورقة كاملة، انقر هنا، أو انقر على الصورة في الأسفل
[1] "واشنطن تدعو الحكومة السورية إلى الامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين"، بي بي سي عربي، 16/3/2011، على الرابط:http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/03/110316_syria_update.shtml[5] "أميركا ترفض خطاب الأسد ونظرية المؤامرة التي تحدث عنها"، الرياضالسعودية، 31/3/2011، على الرابط: http://www.alriyadh.com/618732
Friday, April 3, 2015
تطور الموقف الأميركي من النظام السوري: من دعوات الإصلاح إلى التفاوض
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment