صالح النعامي
Link
حذّر مسؤولون سابقون ومعلقون إسرائيليون من تداعيات كارثية على مصالح إسرائيل الاستراتيجية، في أعقاب تهاوي مكانة نظام الحكم السعودي في الولايات المتحدة إثر تفجر قضية إخفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول منذ الثاني من أكتوبر/تشرين الأول.
ونقل موقع صحيفة "جيروزاليم بوست"، مساء الجمعة، عن المسؤولين والمعلقين توقعاتهم أن يسهم التراجع الكبير بمكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن في تقليص قدرة إسرائيل على احتواء "الخطر" الإيراني، إلى جانب أنه سيفضي إلى تراجع التعاون بين تل أبيب والرياض، وسيؤدي إلى عدم استفادة القيادة الإسرائيلية من دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات سياسية.
وقال عيران ليرمان، النائب السابق لمستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس المساعد لـ"مركز يروشليم للدراسات الإستراتيجية"، إن أي تطور يفضي إلى المس بمكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن، لا يخدم المصالح الإستراتيجية لإسرائيل لأنه سيحرم تل أبيب من الاستفادة من التأثير السعودي على الإدارة الأميركية، والذي كان يوظف على نطاق واسع في تحقيق مصالح مشتركة للجانبين.
وأعرب عن "خيبة أمله لتعاظم المؤشرات في تورط بن سلمان بعملية إخفاء أو اغتيال خاشقجي"، مشيراً إلى أن مكانة ولي العهد السعودي تتهاوى ويخفت "بريقه في الولايات المتحدة كمصلح".
وأشار ليرمان إلى أن "التساؤلات داخل الولايات المتحدة حول مدى صلاحية بن سلمان كزعيم للسعودية وكشريك "مريح" للولايات المتحدة، تفجرت في واشنطن قبل قضية خاشقجي"، لافتاً إلى أن العقوبات التي فرضها بن سلمان على كندا في أعقاب انتقاد وزيرة خارجيتها واقع سِجل حقوق الإنسان في المملكة، أدت إلى تعاظم الدعوات داخل واشنطن لإعادة النظر في العلاقة مع الرياض، وقد تعززت هذه المطالب داخل أروقة صنع القرار الأميركية، مع الأنباء عن إخفاء أو اغتيال خاشقجي.
وجزم بأن "تراجع مكانة نظام الحكم السعودي في واشنطن سيمس بالجهود الإسرائيلية الهادفة إلى تسليط الأضواء على المشروع النووي الإيراني والتهديدات الأخرى التي تشكلها طهران"، منوهاً إلى أن التحول الذي طرأ على موقف الولايات المتحدة إزاء إيران جاء، بشكل خاص، نتاج التحركات الدبلوماسية التي قامت بها السعودية، وليس فقط نتاج الجهود الإسرائيلية.
كما لفت إلى أنه على الرغم من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قاد التحرك العلني الذي انتهى بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، إلا أن السعودية لعبت دوراً رئيساً من وراء الكواليس في تحقيق هذه النتيجة، مشيراً إلى أن السعودية عملت مع لوبيات داخل الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف.
ولم يستبعد ليرمان أن تتحرك المنظمات اليهودية التي تعمل لصالح إسرائيل في الولايات المتحدة داخل الكونغرس لمحاولة مساعدة السعودية في الخروج من هذه الورطة، موضحاً أنه وصل إلى هذا الاستنتاج من خلال عمله سابقاً كمسؤول فرع "اللجنة الأميركية اليهودية" في إسرائيل.
وأوضح أن هناك ما يدلل على أن نظام الحكم في الرياض سيتطلع إلى تدخل إسرائيل لمساعدته، لمواجهة الانتقادات الحادة التي يواجهها بن سلمان داخل أروقة الكونغرس.
وأضاف أن ولي العهد السعودي "متهور يقدم على فعل الكثير من الأشياء وبسرعة كبيرة دون أخذ الاحتياطات اللازمة".
بدوره، قال دوري غولد، الذي سبق أن شغل منصب وكيل الخارجية ومندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، أن مصالح إسرائيل ستتعرض للخطر بسبب قضية خاشقجي على اعتبار أن هذا التطور في الرياض سيمس بالتوازن الإستراتيجي القائم في المنطقة.
وتوقع غولد، الذي يرأس حالياً "المركز الأورشاليمي لدراسات المجتمع والدولة" أن تفضي قضية إخفاء خاشقجي إلى إضعاف نظام الحكم الذي يقوده بن سلمان ويعزز في المقابل مكانة إيران، علاوة على أنه سيمنح طهران القدرة على "دق إسفين بين السعودية والغرب".
ولفت غولد إلى أن "ما يفاقم الأمور تعقيداً بالنسبة لإسرائيل، أن اختفاء خاشقجي أدى إلى تعزيز مكانة تركيا من خلال احتكارها السيطرة على مجريات التحقيق في القضية"، منوها إلى أنه سبق لنظام الحكم السعودي أن عمل على المس بمصالح تركيا الإستراتيجية، من خلال دعم التطلعات القومية للانفصاليين الأكراد، لأن الرياض ترى في أنقرة "قوة إقليمية تهدد أمنها القومي".
يشار إلى أن غولد مرتبط بعلاقات وثيقة بعدد من كبار القيادات السعودية، حيث سبق أن التقى بكل من وزير المخابرات السعودي الأسبق تركي الفيصل واللواء أنور عشقي، علاوة على أنه كشف في مناسبات أنه زار دولة عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وفي السياق قال هيرب كينون، المعلق في "جيروزاليم بوست" إن ما حدث لخاشقجي جعل وسائل الإعلام الأميركية تجزم بأن رهانات جاريد كوشنير مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب على العلاقة مع بن سلمان في خطر، منوها إلى أن كوشنير استثمر الكثير من الجهود من أجل بناء علاقة قوية مع ولي العهد السعودي.
وشدد كينون على أن من مصلحة إسرائيل ألا يتم المس بعوائد العلاقة بين كوشنير وبن سلمان، لافتاً إلى أن مكانة السعودية داخل الولايات المتحدة باتت في خطر كبير في أعقاب أزمة خاشقجي.
وأشار إلى أن أكثر ما يدل على تهاوي مكانة السعودية في واشنطن في أعقاب اختفاء خاشقجي يتمثل في مطالبة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كروكر بتفعيل قانون ماغنتسكي ضد المسؤولين السعوديين المسؤولين عن إخفاء أو اغتيال خاشقجي.
ونوه كينون إلى أن المس بمكانة بن سلمان في واشنطن يمثل مسا مؤكداً بمصالح إسرائيل على اعتبار أن هذا التطور يهدد التعاون والشراكة بين تل أبيب والرياض، مشيراً إلى أن التوتر الأميركي السعودي سيقلص من قدرة بن سلمان على مواصلة التعاون مع تل أبيب.
وأضاف أن أزمة خاشقجي ستؤثر على قدرة نظام الحكم في السعودية على الضغط على الفلسطينيين لإبداء تنازلات لإسرائيل، لافتاً إلى أن نتنياهو يجاهر برهانه على دور المعسكر السني المعتدل في الضغط على الفلسطينيين لإبداء المرونة اللازمة.
من ناحيتها، أكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن حادثة إخفاء الصحافي جمال خاشقجي أدت إلى عزلة السعودية. وأشارت الصحيفة في تقرير نشره موقعها اليوم إلى القرارات التي اتخذتها عدد من كبريات الشركات والشخصيات العالمية بمقاطعة مؤتمر "دافوس الصحراء"، الذي كان من المتوقع أن يعقد نهاية الشهر الجاري في السعودية.
1 comment:
Hi, thanks for sharing this
Post a Comment