Wednesday, October 22, 2008

سياسات السلطة الفلسطينية كما يراها قادتها


ياسر الزعاترة

"حين يتحدث قائد الأمن الوطني في السلطة الفلسطينية اللواء ذياب العلي، فعلينا الإصغاء باهتمام، تماما كما نصغي لقادته السياسيين الكبار، لاسيما أنه الرجل الأكثر قربا من الرئيس الفلسطيني، وعندما قابله مراسل صحيفة القدس العربي زهير أندراوس، كان ثمة منسق إعلامي يحضر الحوار الذي أصر أندراوس، ربما لما تنطوي عليه تصريحات الرجل من إثارة، على التأكيد على أنه مسجل.

مواقف اللواء السابقة بدت مثيرة، حتى لصحفي إسرائيلي من وزن ناحوم برنياع الذي حضر لقاءً لعدد من قادة الأمن الفلسطيني مع نظرائهم الإسرائيليين في مستوطنة بيت إيل، وكتب عنه في يديعوت أحرونوت بتاريخ (19/9) قائلا "لم أسمع بمثل هذا الاستعداد المفرط للعمل مع إسرائيل من القيادة الفلسطينية في أية مرة من المرات باستثناء فترة قصيرة في ربيع 1996 عندما لوحت إسرائيل لعرفات بأن إرهاب الانتحاريين سيؤدي إلى إبعاده. جبريل الرجوب وأتباعه قضوا على مخربي حماس فوق تلة بيتونيا. في شهرين إلى ثلاثة انتهت الحكاية".

ثم نقل عن صاحبنا اللواء، واسمه الحركي أبو الفتح قوله لمضيفيه الإسرائيليين "ليس هناك خصام بيننا، لدينا عدو مشترك" مضيفا "أنا سأفعل كل ما أستطيعه لكي أمنع العمليات، أنتم تدركون أننا أفضل من السابق، وأنتم تمدحون ذلك. بفضل عملياتنا أصبحتم أقل حاجة لقواتكم".

ثم نقل عن قائد آخر، هو رئيس الاستخبارات العسكرية مجيد فراج، قوله "قررنا خوض الصراع حتى النهاية، قررنا وضع مشاكلنا على الطاولة. كل شيء علني وظاهر، وأنا أقول لكم، لن يكون هناك أي حوار معهم، فمن يريد قتلك عليك أن تبكّر بقتله". ويضيف "أنتم توصلتم إلى هدنة معهم، أما نحن فلا. توخيا للصدق أقول إننا تصرفنا بصورة مغايرة في الماضي. الآن نقوم بتولي أمر كل مؤسسة حمساوية ترسلون اسمها إلينا. أعطيتمونا في الآونة الأخيرة أسماء 64 مؤسسة، وقد انتهينا من معالجة 50 منها. بعض هذه المؤسسات أغلقت، والبعض الآخر استبدلنا إدارتها. كما وضعنا أيدينا على أموالهم (إسرائيل حولت للسلطة 150 حسابا بنكيا يشتبه بعلاقاتها بالتنظيمات الإرهابية. السلطة أغلقت 300 حساب)".
.....
.....
كل ذلك يثبت عبثية الديمقراطية تحت الاحتلال وفي ظل تحكّمه بكل شيء، وبالتالي عبثية اعتبار الانتخابات حلا لمشكلة الانقسام، هي التي ينبغي أن تخدم الاحتلال، وليس الشعب الفلسطيني.

لقد مللنا القول إننا إزاء سلطة صممت لخدمة الاحتلال (أمنيا وسياسياً واقتصادياً) وليس لخدمة الشعب الفلسطيني، حتى لو انطوى وجودها على بعض المكاسب، وبالتالي فإن حلّها هو الحل، وأقله تحويلها إلى سلطة مقاومة بصرف النظر عن رد فعل الاحتلال، وليس الذهاب إلى انتخابات مبكرة أو غير مبكرة، لأنها انتخابات إما أن تفضي إلى نتائج تكرس السلطة بطبعتها الحالية في الضفة الغربية، وإما أن يتواصل الحصار وتستمر الأزمة.

أما حماس، فعليها الخروج من روحية الهيمنة على قطاع غزة على حساب القضية برمتها، وإلا فإن الموقف الشعبي والعربي والإسلامي منها سيتغير، لاسيما أن بقاءها أسيرة هذا التفكير سيعني هدنة دائمة يريدها الاحتلال، مع نسيان القضية المركزية أو تركها لمسار خريطة الطريق العبثي.

لقد آن أن تعترف قيادة حماس بخطأ المشاركة في انتخابات سلطة أوسلو، ومن تشكيل الحكومة، وبعد ذلك الحسم العسكري، أقله في دوائرها الداخلية، وإذا لم تفعل فستواصل مسلسل الأخطاء الناتج عن حشر الذات في قطاع غزة واعتباره خاتمة المطاف، أقله بلسان الحال، وإن قيل غير ذلك بلسان المقال (هناك من يعتبرون ما جرى إنجازا، وشخصيا أقسم أنني أدعو الله من كل قلبي أن يكون كذلك، وأن يثبت صحة اجتهادهم وخطأ التحليل الذي تبنيناه) وهو مسلسل أفضى إلى نسيان القضية الحقيقية التي تأسست الحركة لأجلها، والهدف الذي من أجله دفعت أروع الشهداء وأعظم الضحيات التي توجتها سيدة لسائر الحركات الإسلامية بلا منازع طوال ما يزيد على عقد ونصف العقد من السنوات.

أما أولئك الذين تابعنا بعض مواقفهم ورؤاهم، فنحن لم ننتظر منهم غير ذلك، ولطالما تمنينا لو تركوا يطبقون رؤيتهم المعروفة النتيجة، وذلك حتى يصلوا الجدار المسدود وينقلب الشعب عليهم، ويعيد القيادة إلى من يستحقونها من الأوفياء لخيار المقاومة؛ القابضين على جمر فلسطين، كل فلسطين، من البحر إلى النهر."

No comments: