Tuesday, November 25, 2008

مآزق الرئيس عباس تتفاقم


مآزق الرئيس عباس تتفاقم

رأي القدس

"هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في حال لم تتم الاستجابة إلى دعوته لاجراء حوار فلسطيني قبل نهاية هذا العام. ومن المؤكد أنه في ظل الخلافات الحالية المتفاقمة بين سلطته في رام الله ونظيرتها في غزة ان المهلة التي حددها ستمر دون ان ينطلق هذا الحوار.
الرئيس عباس يعيش حالياً أكثر من مأزق في آن، دون أن يملك أي حلول للخروج من أي منها، ويمكن تلخيص هذه المآزق كالآتي:
أولاً: أكبر مأزق يواجهه السيد عباس هو مع تنظيمه 'فتح'، سواء على صعيد القيادة المتمثلة في اللجنة المركزية أو على صعيد القاعدة الشبابية والتنظيمية.
فالتنظيم في حال تآكل، والقاعدة فقدت ثقتها بالقمة. والمؤتمر العام للحركة الذي قال الرئيس عباس انه سيعقد قبل نهاية هذا العام لم يعقد، ولا يلوح في الأفق انه سيعقد في الأسابيع المقبلة المتبقية، وفشلت كل الاجتماعات التحضيرية لعقده. والأخطر من ذلك أن الرئيس عباس على خلاف كبير مع معظم أعضاء اللجنة المركزية للحركة، حتى مع أقرب المقربين إليه، أي السيد أحمد قريع رئيس الوفد المفاوض، وانعكس هذا الخلاف في غيابه عن لقاءات الرئيس الأخيرة مع ايهود أولمرت رئيس الوزراء، وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية ومسؤولين أوروبيين آخرين.
ثانياً: مأزق الرئيس مع المؤسسات الفلسطينية التي يتزعمها، وجميعها مؤسسات منتهية الصلاحية وبالتالي غير شرعية. فهو يترأس اللجنة المركزية لحركة 'فتح'، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والسلطة الوطنية في رام الله، وأخيراً جرى انتخابه رئيساً لدولة فلسطين من قبل المجلس المركزي، أي أنه أصبح أكثر حرصاً على جمع المناصب من الرئيس الروماني تشاوتشيسكو، هذا في الوقت الذي يروج في أوساط المقربين منه بأنه 'زاهد' في السلطة ويريد الاستقالة، فإذا كان زاهداً ويجمع كل هذه المناصب، فكيف سيكون الحال لو كان غير ذلك.
ثالثاً: تنفيذ الرئيس عباس لتهديداته بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة في مطلع العام المقبل، يعني اجراء هذه الانتخابات في الضفة الغربية فقط، مما يعني تكريس الانقسام الفلسطيني الحالي دستورياً. فالرئيس عباس لا يستطيع اجراء هذه الانتخابات في قطاع غزة بسبب سيطرة حكومة 'حماس' عليه.
رابعاً: ماذا يستطيع ان يقدم الرئيس عباس الى الفلسطينيين في الضفة الغربية في حال ترشحه للانتخابات، وما هو برنامج العمل الذي سيخوض هذه الانتخابات على اساسه، فالدولة الفلسطينية التي وعد باقامتها من خلال الرهان على نهج المفاوضات ما زالت في رحم الغيب، والاحتلال الاسرائيلي للضفة ما زال على حاله، ولم ينجح في تفكيك مستوطنة واحدة، او حاجز عسكري اسرائيلي واحد، رغم لقائه مع اولمرت اكثر من ثماني عشرة مرة؟
خامساً: مأزق الرئيس عباس مع الادارة الامريكية الجديدة، والعالم الغربي لا يقل عن مأزقه مع العالم العربي، فمكانته السياسية في تدهور مضطرد، وسيطرته على الاوضاع باتت شبه معدومة، وزياراته للعواصم العربية والعالمية بالكاد تذكر في وسائل الاعلام لانعدام القيمة الخبرية فيها.
الرئيس عباس يجب ان يبدأ حواراً اولاً مع قيادات تنظيمه وقواعد هذا التنظيم الشعبية، وعقد المؤتمر العام للحركة وانتخاب قيادة جديدة تضع برنامجاً للمرحلة المقبلة، وبعد ذلك يمكن للسيد عباس اذا بقي زعيماً منتخباً للتنظيم ان يطالب بحوار مع الفصائل الأخرى، وسيكون موقفه قوياً. اما اذا كان لا يتحدث مع السيد احمد قريع ولا يلتقيه، ويفعل الشيء نفسه مع معظم اعضاء اللجنة المركزية لحركة 'فتح' فكيف يطالب بحوار مع الآخرين؟
الرئيس عباس يبدو وكأنه منفصل بالكامل عن الواقع الفلسطيني، وتصرفاته وتهديداته توحي بذلك."

No comments: