Wednesday, August 4, 2010

نعم: ننتظر انتصار أفغانستان!../

رشاد أبوشاور

"ليس ضروريّا أن تكون مع طالبان حتى تفرح بانتصار أفغانستان على الاحتلال الأمريكي الأوربي.
كنّا مع فيتنام حتى النصر.. وانتصرت فيتنام، وآه كم فرحنا وشمتنا بالسفير الأمريكي الهارب من سايغون، والراكض كي يلحق بطائرة الهيلوكبتر التي أوشكت أن تقلع من فوق سطح السفارة، واضطر لفرط هلعه أن يترك حذاءه - فحياته رغم كل شيء أغلى من الحذاء، رغم انه حذاء فاخر، ونفيس!- فالتقطت الكاميرات صورة الحذاء وبثّتها للعالم، فكانت مشهد النهاية لغطرسة القوّة الأمريكيّة التي أحرقت الغابات، وقلوب الأمهات، وذبحت وحرقت أهالي قرية ( ماي لاي) فضيحة الديمقراطيّة الأمريكيّة، تلك التي أعادت الكرّة في العراق ، فحولته - بفضل العملاء اللصوص، خونة وطن يدعون الانتساب له- إلى مقبرة، وميتم، وبلد أرامل، وسجونا ضمن سجن كبير، بفضل لصوص يتنافسون على نهب المليارات، ممن عادوا مع الهليكوبترات، وفي ظلال الدبابات، ومع الصورايخ، والذخائر المنضبة التي أنتجت جيلا من المشوهين بالسرطان، وأجيال قادمة أكثر تشوها.

ليس ضروريا أن تكون مع طالبان- فيكفيك أنك مع طالب واحد خاب في الامتحان، امتحان فلسطين- كي تفرح بدنو انتصار الأفغان الحفاة، أشباه العراة، الذين من جديد أغرقوا أمريكا وقادتها الحمقى في الوحول، وأدخلوهم في متاهات المغاور والكهوف، والذين لا تخضع قيادتهم ( لضغوطات)، ولا تستجيب لإغراءات التفاوض على تقاسم السلطة.

ليس ضروريا أن تكون مع طالبان أبدا، فأنت مع حق كل شعب في الحرية، والاستقلال، والسيادة، و..المقاومة، فشعب لا يقاوم ليس حرا، وشعب أفغانستان حر، وهو أسقط إمبراطوريّات، وأرغمها أن تجر أذيال خيبتها، وتخرج طالبة النجاة بما تبقى لها من هيبة وكرامة ملطخة بالخزي، وبدم فقراء تلك البلاد التي تستكلب عليها الإمبراطوريات، وتنهزم تحت سفوح جبالها، فالقمم تليق بالمقاومين، والنسور، والمؤمنين.
....
تساءل أحد الأصدقاء في جلسة حزن وندب على حالنا العربي: هل رأيتم ما جرى في كابول؟ سيارة تدهس أربعة أفغان وتقتلهم، وتجرح بعض المّارة، وهي سيارة مرتزقة إحدى الشركات الأمريكيّة المستأجرة..ف.. ينتفض أهالي كابول، وينقضون على سيارة القتلة المرتزقة، ويضرمون بها النار، وتشتعل انتفاضة كرامة وكبرياء عفوية.

تساءل الصديق: لماذا لا يحدث هذا في بلد عربي. أين الملايين؟! أنا حبكت معي فعلقت: الملايين تسرق في العراق وفلسطين.. والملايين التي تقصدها بلا قيادات، ولا مرجعيات، وهي تفتقد من يتقدم صفوفها. هذه الجماهير لم تكن هكذا.. أتنسى جماهير الانتفاضتين؟ لقد بيعتا بثمن بخس، ولقيادات هزيلة، تتنمّر على شعبنا، وتستخذي أمام أعدائه، وتدّعي أنها مضغوط عليها..و هي لا تتخلّى عن القيادة، فهي نعمة، وكنز، وهي تدّر ما لا يخطر على بال من الأرباح..

وعلى ذلك قس يا صاح، فالفساد في بلاد العرب صار دولاً، والفاسدون الطغاة أرهقوا الناس، أذلوهم، وجوعوهم، والثوريون الكذبة خانوهم، والوحدويون.. باتوا أشد الناس تعصبا إقليميّا وطائفيّا..
....
واحد طلباني يبوّس طالباني راجع من عمليّة ناجحة استهدفت رتل دبابات.. وواحد فلستيني - ثمّة فرق بين الفلسطيني و..الفلس تيني! - يتأوّد أمام الكاميرا، مدهون بكل أنواع الكريمات.. يعني الميك أب.. التجميل ولا أي ممثلة إغراء.. لم أقل: سيدة.. لأن السيدة تذكرني بأمهات الشهداء، بزوجاتهم، ببناتهم بكبريائهن.. بحنين الزعبي.. وليس بحنان التي تهوّل ضغوت أمريكا التي لم تر مثلها في ( كل) حياتها السياسيّة! أين كانت حياتك السياسيّة يا ( مناتلة)؟!

كعربي فلسطيني عشت زمن انتصار فيتنام، ولم أكن شيوعيا - ولم أنحز لفيتنام كرمى لخاطر والدي الشيوعي تغمده الله في فسيح جنّات الفقراء والبروليتاريا، وكل الطيبين المؤمنين الطاهرين والورعين - فنحن لا نحب المعتدين الآثمين، ونفس القوة الغاشمة السافلة اعتدت على فيتنام، وحرقت غاباتها- وهي بالمناسبة من أحرقت هيروشيما وناغازاكي، وعبثت بتجاربها الرهيبة بكل أنواع الأسلحة بمصير الأرض فغيّرت الطقس، وحوّلت مناخها إلى جحيم، وجعلت الكوكب الأزرق الجميل حرائق ودخانا وأمراضا.. فلماذا لا نكون سعداء بطرد الأفغان للاحتلال الأمريكي عن ترابها، رغم ما سيبقى وراء تلك القوة الآثمة من خراب في تلك الأرض البكر!
...."

No comments: