Wednesday, June 24, 2009

اخلعوهم معا


اخلعوهم معا

رشاد أبوشاور

" مرّةً قتلونا بسّم،
فحين وُلدنا استداروا علينا بسيف
فحين وُلدنا أتوا بالدنانير تلدغ صف المشاهير منّا،
ولكن موعدنا الثورة المقبلة
(أحمد دحبور)
.....
مطلع السبعينات راجت آنذاك الدعوة للانخراط في عمليّة التسوية ـ بعد حرب تشرين ـ ورُفع شعار: سلطة وطنيّة على كل شبر يتحرر من فلسطين.
صراع فكري سياسي حاد احتدم بين (دعاة الاستسلام) ـ كما وصفوا عن حق، ورافعي شعار: فلسطين عربيّة من النهر إلى البحر، وهو ما ينطلق من أن الصراع صراع وجود لا صراع حدود، وأن فلسطين قضيّة العرب الأولى، قضية الأمّة لا الحكّام الذين تسيدوا على أشلاء ومزق رسم حدودها وأشكالها مبضعا سايكس وبيكو...
دحبور قال شعرا بقي وعمّر ليس لأنه كلام موزون مقفّى، ولكن لأنه يحمل رؤية، ويمتح من تراث، ويقول ما لا ينتهي مع حقبة أو مرحلة ...
.....
دعوة دحبور للخلع تبدأ من عنده، من فتح نفسها، من قيادتها التاريخيّة التي وصفها في قصيدة أخرى بأنها وقفت في منتصف الطريق، وهذا يدلل على عدم تعصّبه، وانحيازه لفلسطين فقط، ومتى؟ في مطلع السبعينات، قبل أوسلو والسلطة، والغوص في مرحلة الأوهام.
اخلعوهم معا!..
يعني من أعلنوا بأن الهدف حيفا ويافا وعكا، ولكنهم توقفوا في منتصف الطريق، ومن نظّروا باسم الماركسيّة، ووظفوا (صلح برست) غطاءً لطروحاتهم العاجزة المساومة، ولتبرير تبعيتهم لليمين الفلسطيني الذي طالما هجوه، ومن قدّموا أنفسهم متشددين، ثمّ أيدوا النقاط الـ10، فأُنعم عليهم بعضوية اللجنة التنفيذيّة...
كانت دعوة خلعهم معا، دعوة لتجديد الثورة، للثورة في الثورة، التي دعا كثيرون منّا لتفجيرها، لتجاوز كل الأمراض التي بدأت تفتك مبكرا في جسد الثورة الفلسطينيّة، وتحيد بمسارها عن الهدف.
والآن، ونحن نرى ما آلت إليه حال قضيتنا، وثورتنا، ومقاومتنا، وانتفاضتنا، ووحدة شعبنا، والتفاف جماهير أمتنا حول القضيّة، فإن الأصوات لا بدّ أن تعلو: لنخلعهم معا، من أفلسوا وطنيّا وباتوا أسرى عجزهم وترهلهم ومصالحهم وامتيازاتهم التي لن يتخلّوا عنها، ومن لحقوا بهم، وها هو خطابهم العاجز يتكشّف عن قُصر نظر، وخداع لمن منحوهم أصواتهم في انتخابات المجلس التشريعي، فبرنامجهم الانتخابي المطروح آنذاك لم يتضمن أنهم مع دولة في حدود الـ4 من حزيران (يونيو)! ولكنهم للخروج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه اختاروا وضع القضيّة تحت هذا السقف الواطئ جدا الذي خنق من سبقوهم، وألحق بقضيتنا ما لم يتمكن العدو من إلحاقه بها منذ نكبة عام 48.
بماذا يجيب هؤلاء على الأسئلة: هل بقيت أرض لدولة في حدود الـ 4 من حزيران؟
.....
خلعهم معا يعني العودة إلى ما تخلّى هؤلاء عنه، ما أداروا ظهورهم له
، هؤلاء الذين يسلب عقولهم بوش بوعد دولة، أو ينتشون لمجرّد الظهور مع كارتر ـ بطل (كامب ديفيد) ـ في مؤتمر صحفي بائس يُجدد فيه السيّد هنيّة ما صرّح به السيّد مشعل في خطابه لمجلس العموم البريطاني: نحن مع دولة في حدود الـ4 من حزيران!!...
تأخرت الثورة المقبلة، وقصار النظر والنفس يُبددون القضيّة، ينضاف إليهم المتلمظون على السلطة، يكررون مسيرة تملّق الغرب، واستجداء رضاه ...
رغم الخراب، وبسببه،
آن أن تبدأ مسيرة خلع خطابي العجز من الشروش...
"

No comments: