تبدو السياسة السعودية كأنها داخلة في حرب ضروس ضد زحف الثورات الشعبية العربية. والسبب مفهوم. فالحكم السعودي يخشى اقتراب النار من بيته، ومن حرق حكم العائلة، في بلد يمتاز عن كلّ دول العالم بأنّ اسمه مشتقّ من اسم عائلة تحكمه، وكأنّ كلّ السكان لا شيء يميّزهم، لا من جغرافيا ولا من تاريخ، إلا أن يكونوا رعايا ومن بقية أملاك العائلة التي تفرض عليهم اسمها، وتحتكر السلطة لأمرائها، وتأخذ نصف الثروة فوق البيعة.
فزع العائلة السعودية من الثورات غريزيّ وتاريخي معاً، وكلّنا يتذكر ما جرى في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين. فقد توالت وقتها موجات وانقلابات حركات الضباط الأحرار، وتحول بعضها إلى ثورات سياسية واجتماعية فوارة، وظهرت حركة القومية العربية مؤثرة على مسرح الحوادث، وبدا أن الحياة العربية تتغير على نحو عاصف كاسح، وأن المنطقة تخرج من معادلات القرون الوسطى الكسيحة، وتهدد الممالك التي وجدت سندها وحاميها في عواصم الاستعمار. وكانت الثورة المصرية في القلب مما يجري، وبدت أقواس حركتها للشام واليمن، ولحركات تحرير على حواف الخليج العربي. بدت أقواس حركة الثورة المصرية كأنها تحاصر مملكة العصور الوسطى في الرياض
No comments:
Post a Comment