AN EXCELLENT EDITORIAL
رأي القدس
"انشغلت الفضائيات العربية ووكالات الانباء الاجنبية يوم امس ببث صور واشرطة عن استعدادات المسلمين للاحتفال اليوم بعيد الاضحى المبارك، من خلال شراء الاضاحي والحلويات والملابس الجديدة. وغابت عن هذا المشهد صور بثها ناشطون فلسطينيون للاجئين الفلسطينيين، وهم يعتصمون في مخيم اليرموك، ويرفعون يافطات تطالب بادخال الخبز وحليب الاطفال والادوية.
يعاني مخيم اليرموك من الحصار المحكم الذي يفرضه النظام السوري منذ عدة شهور، وقد بدأ الحصار منذ 26 كانون الاول (ديسمبر) 2012، بعد استهداف المخيم بغارات جوية، واشتد الحصار خلال الشهور الثلاثة الاخيرة، ما ادى لنفاد معظم المواد التموينية والادوية والوقود، وتقول مجموعة العمل من اجل فلسطينيي سورية، ان المواد الاساسية لاستمرار الحياة البشرية، وخاصة الخبز والدواء وحليب الاطفال لم تعد متوفرة للاجئين بالمخيمات الفلسطينية في سورية، اضافة الى انقطاع خدمات البنى التحتية عنها من ماء وكهرباء واتصالات.
بعد زيارة المبعوث الفلسطيني عباس زكي موفدا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاسبوع الماضي لدمشق، ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد، وتصريحاته بعد الزيارة المتعاطفة مع النظام، كان من المقرر خلال اليومين الماضيين ادخال قافلة مساعدات انسانية الى المخيم، الا ان ذلك لم يتم. وقبل زيارة عباس زكي، كانت منظمة التحرير ارسلت وفدا رباعيا، ضم عضو اللجنة التنفيذية احمد مجدلاني، وزكريا الاغا وبلال قاسم والعميد اسماعيل جبر، حاملا مبادرة لرفع الحصار عن المخيمات ووقف اقحام وزج مخيم اليرموك وسكانه بالصراع العسكري، في سورية والحفاظ على المخيمات بيئة آمنة تحتضن سكانها من فلسطينيين وسوريين، ولم تصل تلك المبادرة الى اي نتيجة.المأساة في مخيم اليرموك وصلت حد الاعلان من خلال منابر المساجد عن تحليل اكل لحم الكلاب والقطط، وهو ما يذكرنا بحصار المخيمات في لبنان، الذي بدأ في ايار (مايو) 1985 واستمر حتى اواسط عام 1988، حيث عانى السكان نقصا حادا في الاحتياجات بما في ذلك المياه.
مأساة المخيمات الفلسطينية في سورية لا تقف عند مخيم اليرموك، فالايام الماضية شهدت مقتل واصابة العشرات في مخيم درعا جنوب سورية.
ومن بين 510.500 لاجئ فلسطيني في سورية، اضطر 250 الفا الى النزوح من مخيماتهم الى اماكن اخرى في سورية، ونجح عشرات الآلاف بالهجرة من جديد. وفي حين يستطيع السوريون دخول تركيا بدون تأشيرات ويستطيعون دخول مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن، الا ان الفلسطينيين محرومون من ذلك، ومن نجح منهم باللجوء الى لبنان ينضم الى مخيمات مكتظة تعاني اصلا من نقص كبير في البنى التحتية، وادنى المستلزمات الصحية والحياة الكريمة.
بعض اللاجئين الفلسطينيين نجح بالوصول الى مصر، وبسبب الاوضاع البيروقراطية وعدم وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) يحاول معظم الفارين الى مصر، البدء برحلة محفوفة بالمخاطر وعبر قوارب الموت الابحار الى اوروبا، وقد غرق الاسبوع الماضي 70 فلسطينيا في مياه المتوسط. ومن ينجح بالوصول لشواطئ اوروبا يبدأ معاناة محاولة الحصول على صفة لاجئ من جديد.
رغم الاسى الذي يثيره وضع المخيمات في سورية، فاننا لا ننسى ان سورية نفسها اصبحت بمثابة مخيمات فلسطينية، فكما عاش السوريون والفلسطينيون معا في مخيم اليرموك وغيره، كذلك يعانون اليوم معا من الحرمان والجوع، فالنظام الذي يرفض ادخال الاغاثة الى ابناء شعبه في مختلف انحاء سورية، ليس غريبا عليه ان يكون سجانا للفلسطينيين، كما سبق ان فعل في لبنان ايضا.
"
No comments:
Post a Comment