Saturday, December 29, 2007

حجاج غزة: تراجع مصري مخجل


حجاج غزة: تراجع مصري مخجل

"يبدو ان الزيارة التي قام بها ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي الي مصر، والتقي خلالها الرئيس حسني مبارك ومدير مخابراته العامة عمر سليمان بدأت تعطي ثمارها بشكل اسرع مما توقعه الكثيرون الذين اعتقدوا، ونحن منهم، ان الحكومة المصرية ستصمد في مواجهة الضغوط الابتزازية الاسرائيلية، وتتمسك بمواقفها الرافضة لها، خاصة تلك المتعلقة بالوضع الراهن في قطاع غزة المحتل.
فبعد ان مارست الحكومة المصرية حقها السيادي في السماح لحجاج قطاع غزة بالعبور من خلال معبر رفح لاداء فريضة الحج، ودون الاذعان للاملاءات الاسرائيلية برفض هذه الخطوة، ها هي تتراجع وبشكل مخجل، وتطالب هؤلاء الحجاج البالغ عددهم حوالي ثلاثة آلاف ان يوقعوا تعهدا بالعودة الي قطاع غزة عبر معبر كرم سالم الذي تريد الحكومة الاسرائيلية فرضه كبديل عن معبر رفح، ويخضع لسيطرتها بالكامل.
محافظ سيناء السيد احمد عبد الحميد اعلن يوم الجمعة انه تم اعداد مخيمات لايواء هؤلاء فور وصولهم الي العريش في اطار الاستعدادات المتخذة من جانب الحكومة المصرية، وهذا يعني ان اقامة هؤلاء قد تطول طالما انهم يرفضون العودة عبر المعابر الاسرائيلية، سواء معبر كرم سالم او معبر العوجة.
هذا التراجع المؤسف من قبل الحكومة المصرية يؤكد النظرية الاسرائيلية التي تقول بان الضغط والتهديد والوعيد هي الاسلوب الانجع في التعامل مع القاهرة، لان مواقف الحكومة المصرية قابلة للتغيير والتبديل بسرعة فائقة، اذا ما لوحت لها نظيرتها الاسرائيلية بورقة اللوبي اليهودي في واشنطن، واستخدامه الكونغرس لاشهار سيف المساعدات الامريكية لمصر والتهديد بتخفيضها.
فاللوبي اليهودي نجح في استصدار قرار من الكونغرس الامريكي ينص علي تخفيض المساعدات المالية لمصر بمقدار مئة مليون دولار، طالما لا تبذل الجهود المطلوبة والكافية لمنع تهريب الاسلحة من خلال الانفاق الي حركة المقاومة الاسلامية حماس التي تسيطر حاليا علي قطاع غزة.
هذا القرار أرعب الحكومة المصرية، وجعلها تتجاوب كليا مع الاملاءات الاسرائيلية فيما يبدو، واولها التضييق علي الحجاج الفلسطينيين والزج بهم في العراء، ومنعهم من العودة الي قطاع غزة بالطريقة نفسها التي غادروه بها اي عبر معبر رفح.
الحكومة الاسرائيلية تمارس ابشع انواع الابتزاز علي نظيرتها المصرية، والثانية لا تتردد في ابتزاز الحجاج الفلسطينيين، واستخدام معاناتهم كورقة لاثبات حسن نواياها تجاه واشنطن واسرائيل.
كنا نعتقد ان مصر الدولة الاقليمية العظمي لا يمكن ان تخضع للابتزاز الاسرائيلي، وتتقبل الاملاءات الاسرائيلية المهينة بشأن معبر رفح والمشاركة في حصار مليون ونصف المليون فلسطيني ومفاقمة معاناتهم الانسانية، خاصة ان باراك رفض رفضا مطلقا التجاوب مع المطالب المصرية في تعديل اتفاقات كامب ديفيد، بما يسمح بزيادة القوات المصرية في سيناء، ولكن يبدو ان اعتقادنا لم يكن في محله مطلقا، وثبت مرة اخري ان الحكومة المصرية اضعف من ان تصمد في وجه محاولات الابتزاز هذه، وتتمسك بابسط قراراتها السيادية التي تخدم مصالحها الاستراتيجية وامنها القومي."

No comments: