استقالة اولمرت وتداعياتها العربية
".....
من الصعب التكهن بنتائج هذه الاستقالة علي التحضيرات للحرب ضد ايران، لان هذا الملف هو في يد القادة العسكريين، مثل ايهود باراك وزير الدفاع والجنرال غابي اشكانازي رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي، ولكن الامر المؤكد ان هذه الاستقالة ستشكل صدمة للطرف الفلسطيني، والرئيس محمود عباس علي وجه التحديد الذي راهن علي العملية التفاوضية للوصول الي تسوية سلمية للصراع العربي ـ الاسرائيلي.
العملية السلمية ستتضرر بكل تأكيد باستقالة اولمرت، هذا اذا لم تتوقف كليا، او يجري تجميدها لثلاثة اشهر في احسن الاحوال، ريثما يتم انتخاب زعيم جديد يخلف اولمرت في رئاسة الوزراء، وهذا يعني ان احتمالات التوصل الي تسوية لهذا الملف الشائك، وقبل نهاية هذا العام، مثلما وعد الرئيس الامريكي جورج بوش، باتت ضئيلة للغاية ان لم تكن معدومة.
فاذا افترضنا ان انتخابات حزب كاديما المقررة في شهر ايلول (سبتمبر) المقبل ستتم في موعدها، وستنتهي جولتها الثانية في نهاية الشهر المذكور، فان الرئيس الجديد للحزب لن ينتهي من تشكيل حكومته قبل منتصف تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، اي قبل اسبوعين تقريبا من بدء الانتخابات الرئاسية الامريكية.
ولعل الطرف السوري الذي يخوض مفاوضات غير مباشرة مع حكومة اولمرت بوساطة تركية للوصول الي معاهدة سلام تعيد هضبة الجولان الي السيادة السورية، سيصاب بخيبة امل كبري من جراء اختفاء اولمرت من سدة القيادة في الدولة العبرية. فاولمرت أقدم علي هذه المفاوضات بمبادرة منه، ودون الحصول علي مباركة كاملة من حلفائه الامريكان، وبهدف تحقيق انجاز يمكن ان يعزز مكانته في قيادة الحزب والدولة معا. ولذلك فإن خسارة الجناح المعتدل في الدولة السورية ستكون كبيرة بانسحابه هذا.
العملية السياسية في اسرائيل تعيش اضعف لحظاتها، وتعيش حالة من التشظي الحزبي، حيث خفت سطوة الاحزاب الكبري التاريخية، مثل حزبي العمل و الليكود لصالح احزاب موسمية صغيرة تعتمد علي كاريزما اشخاص اكثر من اعتمادها علي برامج ايديولوجية واضحة.
استقالة اولمرت هي بمثابة زلزال كبير لن تتوقف آثاره عند حدود الدولة العبرية، بل ستشمل الكثير من دول الجوار العربي علاوة علي الدول الكبري، والادارة الامريكية علي وجه التحديد التي استثمرت الكثير من الجهد والمال في رهانها عليه وعلي حكومته والائتلاف الحزبي والحكومي الذي يتزعمه.
نستطيع ان نقول دون تردد بان عملية انابوليس للسلام التي جاءت بديلا لخريطة الطريق، واكدت تفرد ادارة بوش بملف السلام العربي ـ الاسرائيلي تعيش الآن ايامها الاخيرة، هذا اذا لم تكن قد نفقت فعلا."
No comments:
Post a Comment