Friday, February 13, 2015

عبد الملك نصرالله

Link

حسام كنفاني
عبد الملك نصرالله

من بين الأحداث الكثيرة التي تعصف باليمن، من الصعود الحوثي الغامض إلى الاستيلاء على مقدرات الدولة، وفي النهاية، تنفيذ 
الانقلاب مكتمل المعالم، هناك نقطة لافتة جداً في المشهد، لم يتم التوقف عندها كثيراً في تحليل سياقات الأمور، هي مدى التشابه، إلى حد التطابق بين التطور الحوثي والوضع الحالي لحزب الله اللبناني، ما يؤكد أن الاثنين تلميذان نجيبان للمدرسة الإيرانية نفسها. مراقبة خطابات عبد الملك الحوثي، الكثيرة في الأيام الماضية، لا بد أن تذكّرك بالأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، ولا سيما في اللغة الحركية المعتمدة من الطرفين، والمعني تحديداً هنا حركة الأصابع التي تصعد وتهبط، حسب متطلبات المحتوى، خصوصا إذا كان ذا بعد تهديدي. إضافة إلى ذلك، هناك السياق التحليلي والمنهجي للخطاب، الموجه خصوصاً إلى الأنصار، قبل الخصوم، لإيصال رسالة واضحة، هي: "نحن على حق". ليس التشابه في الشكل، هنا، من فراغ، إذ من الواضح أن الإيرانيين سعوا إلى استنساخ تجربة حزب الله في لبنان ومآلاتها، ونقلها بحذافيرها إلى اليمن، في ظل غطاء، أو غض نظر إقليمي ودولي، في محاولة لتحقيق ما أمكن من مكاسب في هذه الظروف. نظر الإيرانيون إلى حزب الله اليوم، والذي هو نتاج 30 عاماً من التحولات والتغيرات، وأرادوا القفز مباشرة في اليمن إلى النتائج التي وصل إليها الحزب في لبنان، لجهة كونه صاحب القوة العسكرية العابرة للدولة، والمسيطر على مقاليد السياسة في البلاد، حيث لا قرار، مهما كان صغيراً، يمكن أن يمرّ من دون أن يكون للحزب دور فيه، أو موافقة عليه. الأكثر من ذلك، تخطت مرحلة الاستنساخ البعد السياسي إلى البعد العسكري، وما اجتياح الحوثي المدن اليمنية، وصولاً إلى صنعاء، إلا عملية مشابهة لما قام به حزب الله وأنصاره في السابع من مايو/أيار 2008، عندما اجتاحت قواته العاصمة اللبنانية، من دون مقاومة تذكر، نظراً لطبيعة موازين القوى، وفرضه أجندة سياسية، لا تزال البلاد تسير على وقعها إلى اليوم، على الرغم مما خلقته من حالة شرخٍ، لا يبدو أنها ستلتئم بسهولة. غير أن ما تم تناسيه، في هذه المرحلة، هو التطور الذي شهده حزب الله، وعملية التشذيب التي تمت على مدى السنوات، وما رافقها من عمل مقاوم للاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، ما أعطاه المقبولية الشعبية العربية والإقليمية. الحاضنة الشعبية، الداخلية والعربية، وما خلقته من غطاء سياسي، أمنت لحزب الله البقاء والنمو، وصولاً إلى ما بات عليه، اليوم، من قوة في لبنان والمحيط الإقليمي القريب، خصوصاً سورية والعراق، اللذين بات له وجود فيهما لا يستهان به، وأصبحت تجربته مصدر إلهام للقوى المتماهية معه، في البلدين. مثل هذا الأمر غير متوفر للحوثيين الذين يشبهون، اليوم، بدايات حزب الله في 1985، من حيث نضج عناصره، سياسياً وشعبياً وعسكرياً وأخلاقياً، لكنهم يريدون نيل المكاسب السياسية نفسها التي يحوزها الحزب اليوم، متناسين الظروف السابقة التي هيّأت لحزب الله وأنصاره الوصول إلى ما هم عليه الآن. لكن، يبدو أن الإيرانيين لا يرون مثل هذه الفروق بين نشوء حزب الله وتطوره وبين إنشاء الحوثيين وإسقاط التطورات عليهم، بغض النظر عن المحيط الثقافي والاجتماعي الذي ساهم في تكون الحزب اللبناني. ولا يبدو أنهم مقتنعون، أيضاً، بأن محاولة خلق نسخة مماثلة لنصرالله في اليمن، يمكن تسميتها "عبد الملك نصرالله" لن تكون كافية لإعطاء الحوثيين القدرة نفسها على الاستمرار المتوفرة لدى حزب الله في لبنان. الإيرانيون يخلقون نبتاً شيطانياً في محيطٍ ما عاد يتقبل حزب الله الأساسي، على الرغم مما راكمه من شعبية في مرحلة معينة في مواجهته مع إسرائيل. شعبية أضاعها فور التفاته إلى الداخل اللبناني والسوري، فكيف سيكون الحال مع قوة حوثية، بنت قوتها، أساساً، من محاربة الداخل اليمني والانقلاب على ثورته. -

No comments: