بيع الأوهام في لقاء أولمرت وعباس
بقلم : إبراهيم أبو الهيجاء
البضاعة ذاتها يجري بيعها لنا من قبل إسرائيل، والمفاوضون الفلسطينيون الذين يتشددون مع "حماس" على كل فاصلة وكلمة في اتفاقات حكومة الوحدة، نجدهم يرضون فقط بالتقاط الصور مع الوفد الإسرائيلي، دون أي انجازات حقيقية. ومرة أخرى نسمع قصة الأموال والأسرى والحواجز وإعادة الانتشار والمبعدين، وكأن ذاكرتنا ضعيفة فيظن البعض أننا نسينا مباحثات طابا التي جرت أيضا بين (اولمرت – عباس)، والتي شكلت على إثرها اللجان، ووعدنا فيها بعسل النحل، فلم يبق منها سوى لسعات النحل.
أفهم أن يكون "اولمرت" صريحاً مع شعبه، فيقول إن اللقاء جاء من أجل تقوية مكانة الرئيس أبو مازن بالمال والسلاح والكثير من الوعود الكلامية، أستطيع أن أفهم مقصد "اولمرت" في لقاء أبو مازن، سيما وهو يعايش تدنيا انتخابيا، وهجوما من كل النخب الإسرائيلية المثقفة يمينا ويساراً.
ولكنني بصراحة لا أستطيع أن أبرر أو أفهم خطوة الرئيس عباس، لن أتحدث هنا عن الثمن المقابل، فمن الواضح أنه ثمن بخس، ولا يصب إلا في اتجاه ما يعزز استقواء طرف فلسطيني بطرف خارجي، وهو ببساطة يخدم أولا وأخيرا أمن إسرائيل، وكل ذلك فقط لإضعاف قوة حماس وتشديد الطوق عليها، والإثبات أن برنامجها، وبالتالي مقاومتها، لن تخرج أسرى ولن تفرج عن أموال ... فقط هي الطريقة التفاوضية والمقاومة السلمية واللقاءات الحميمة ما يخرج الأسرى ويعيد الأرض ويؤمن الرواتب ...
وهذا عبث وهو اجترار للتفكير الحزبي الضيق، الذي يخشى من حماس أكثر من خشيته من إسرائيل، وهو يصب في ذات التفكير الذي يريد أن يجرنا لانتخابات مبكرة، ويفرض علينا أن نوافق على شروط الرباعية وليس الوطنية، وإلا فالسلاح والتعسف في الصلاحيات الرئاسية جاهز لردع أي مخالف ومعاند.
ورغم كل ذلك، فإننا نستطيع القول إن أي إنجاز يمكن أن يحققه الرئيس الفلسطيني فإن الفضل سيعود فيه إلى "حماس"، لأن التحركات الإسرائيلية المتسارعة والضغوط الأميركية المتوافقة، تهدف أساسا إلى قطع الطريق على تحقيق "حماس" لشرعية، تتجاوز الشروط الرباعية وتنسجم مع الشروط الوطنية، وتحت هذا الضغط يتحركون ويريدون إرضاء الشعب الفلسطيني، الذي ملّ من الأعيب التفاوضية والفساد المتحالف معها .... وأصبح لا يرى إلا خيار المقاومة سبيلا لتحصيل حقوقه التي ضاعت في مدريد وما بعدها، وتضيع الآن في الجدار والاستيطان، الذي يبدو أن المفاوض الفلسطيني قد نسيه ... وهو يريد تضييع حقوقنا مرة أخرى في عناوين مستهلكة وحقوق كانت من قبل مكتسبة حتى في ظل أوسلو الرديء.
وأخشى أن يقول المفاوض الفلسطيني لحماس عندما تسجل احتجاجها على مفاوضاته مع اولمرت: "ألم نتفق أن المفاوضات من صلاحيات الرئيس"، فيجري تناسي أن الاتفاق كل لا يتجزأ ... ويجري التغافل عن أرضية التوافق الوطني المسجلّة بوثيقة الوفاق الوطني ...فيقتبس المفاوض الفلسطيني ما يريده من التوافقات الوطنية، ويلقي بما يشاء في الحاوية ... تلك هي الكارثة الوطنية بعينها، وذلكم هو الاستفراد، وهو من قبل ومن بعد، تعدي على الرغبة الشعبية وانتقاص للتمثيل الانتخابي المعبّر عنها ... وإن جرى تكبيلها على يد اولمرت ذاته، الذي يتحاور معه عباس الآن.
No comments:
Post a Comment