Wednesday, February 11, 2009

وداعا.. لوهم السلام


وداعا.. لوهم السلام

عبد الباري عطوان

".....
حال الشلل الذي كشفت عنه هذه النتائج يعكس المأزق الكبير الذي تعيشه الدولة العبرية في الوقت الراهن، وعدم قدرة نخبها السياسية على اخراجها من هذا المأزق سلماً أو حرباً.
البرامج الانتخابية للأحزاب التي خاضت هذه الانتخابات كانت متشابهة، ان لم تكن متطابقة، في عدم تقديم أي تنازلات للعرب في القضايا الرئيسية. ولهذا كانت المنافسة بين من هو يميني ومن هو أكثر يمينية، ولهذا سنجد انفسنا أمام تغييرات هامشية في قضايا ثانوية لا أكثر ولا أقل.
.....
وربما لا نبالغ اذا قلنا ان فوز الليكود بطبعته الأصلية بقيادة بنيامين نتنياهو هو أفضل لنا كعرب، وللعالم بأسره، من فوز 'الصورة'، أو الطبعة 'المزورة' المتمثلة في حزب 'كاديما' الذي يتمنى الكثير من العرب، والسلطة الفلسطينية في رام الله خاصة، فوزه وتشكيله الحكومة الاسرائيلية المقبلة، لأن فوز كاديما يعني استمرار تعلق العرب،او بعضهم بحبال الوهم.
فعلينا ان نتذكر ان دماء أطفال قطاع غزة الذين استشهدوا في الحرب الأخيرة التي شنتها حكومة 'كاديما' ما زالت رطبة لم تجف بعد، وان عملية السلام التي انطلقت قبل عامين ونصف العام بقيادة الثنائي أولمرت وليفني، ما زالت تراوح مكانها ولم تتقدم مليمتراً واحداً، ان لم تكن قد تراجعت.
.....
وحتى فوز حزب 'اسرائيل بيتنا' بقيادة العنصري المتطرف افيغدور ليبرمان بعدد كبير من المقاعد يفوق ما تحصل عليه احزاب عريقة مثل 'العمل' قد يكون مفيداً للعرب، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها، من حيث ايقاظهم من سباتهم العميق، واحلام اليقظة التي عاشوا فيها طوال السنوات العشرين الماضية تقريباً، تحولوا خلالها إلى مبشرين بالسلام، مستعدين للتطبيع، ومهرولين لتقديم كل التنازلات المطلوبة.
......
ولن نفاجأ اذا ما جاءت 'حكومة حرب'، تكمل ما بدأته السابقة في قطاع غزة، ولم تكمله في جنوب لبنان، من حيث محاولة تصفية المقاومة، وتركيع العالم العربي وفرض المشروع الاسرائيلي الحقيقي 'أي السلام مقابل السلام'.
فالشارع الاسرائيلي بات أكثر تعطشاً للمزيد من القتل والدماء، بدليل مساندة الأغلبية الساحقة فيه لحرب غزة، وعدم الندم على المجازر التي أوقعتها، وتحريضه على حرب أخرى ضد ايران لتدمير برامجها النووية، حتى لو أدى ذلك إلى اغراق العالم بأسره في حمام دم.
المشروع الاسرائيلي يعيش حالة من الارتباك غير مسبوقة، انعكست بشكل واضح في الانتخابات الأخيرة.
.....
الاسرائيليون محظوظون للاسف بوجود زعامات عربية فاسدة، مستسلمة، مرعوبة، متمتعة بعجزها المصطنع، مسكونة بعقدة الخوف مثلهم، ولكنه حظ عمره قصير مثل حظ المقامر الذي سرعان ما يتآكل وينقلب دماراً وخسارة ماحقة. والاسرائيليون لن يكونوا استثناء
."

No comments: