Saturday, February 14, 2009

الانتخابات والمغفلون العرب


الانتخابات والمغفلون العرب

عبد الباري عطوان

"......
الغباء العربي (يصفه البعض مرونة) بدأ يتبلور من خلال مبادرة السلام العربية التي ولدت في طبعتها الاصلية على يد 'القابلة' توماس فريدمان، الصحافي الامريكي المعروف، اثناء زيارته الى المملكة العربية السعودية، ولقائه مع العاهل السعودي (كان اميرا في حينها) الملك عبدالله بن عبد العزيز، وعندما رفضتها الحكومة الاسرائيلية بقيادة آرييل شارون في حينه، ثم قبلتها بتحفظ في عهد خليفته ايهود اولمرت، جاء من يقول للمسؤولين للعرب عليكم شرحها لنظرائكم الاسرائيليين في القدس المحتلة، فأوفدت الجامعة العربية، غير مشكورة، وزيري خارجية مصر والاردن للقيام بهذه المهمة السامية، وتأكيدا اضافيا لحسن النوايا.
الشرح لم يكن كافيا، رغم بلاغة المبعوثين، وخاصة السيد المفوه احمد ابو الغيط، الذي بزّ كل وزراء الخارجية المصريين الذين سبقوه في قوة التعبير، خاصة قوله المأثور في تكسير ارجل وعظام اي فلسطيني يتجرأ على اقتحام الحدود المصرية بحثا عن رغيف خبز، او علبة حليب لاطفاله، بسبب الحصار الاسرائيلي والمصري الرسمي على قطاع غزة.
.....
بعد كل هذه الحملات الاعلانية، وجولات حوار الاديان المتعددة، واللقاءات مع الحاخامات والسياسيين في القاعات الرسمية، وفي الغرف المغلقة، وتأليف القصائد، والخطب العصماء، في اهمية التعايش، والتسامح، وضرورة الانتباه الى العدو الايراني المشترك، ومواجهته 'موحدين'، ماذا حدث؟ الناخب الاسرائيلي مدّ لسانه الى العرب المعتدلين، ومنظري السلام ساخرا مستهزئا، ومصوتا للاحزاب اليمينية المتطرفة، وليبرمان على وجه الخصوص، الذي هدد بضرب السد العالي لاغراق المصريين، واهان كبير المعتدلين الرئيس حسني مبارك، عندما سخر منه، واتهمه بالتستر على الانفاق، وكرر طرح برنامجه في طرد جميع الفلسطينيين من عرب عام 1948، وجعل سحق حركة 'حماس' وعدم الانسحاب من الاراضي المحتلة كشرط لاي مشاركة له في اي حكومة اسرائيلية.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عما اذا كان القادة العرب سيعترفون بعد كل هذا، بخطأ رهاناتهم، وفشل استراتيجيتهم السابقة، والبحث عن خيارات جديدة، تنقذ ماء وجههم، وتكفّر عن سيئاتهم، وما اكثرها للأسف الشديد؟
سؤال آخر، هل سيعترف رجالات السلطة في رام الله بخطيئتهم، وافلاس نهجهم التفاوضي، ويقررون الانسحاب من الحلبة السياسية وحل السلطة، اسوة بكل الشرفاء في التاريخ السياسي العالمي الذين مروا بظروف مماثلة، مثل شارل ديغول ووينستون تشرتشل، واحمد الشقيري، والحاج امين الحسيني وغيرهم، ام انهم سيكابرون ويصرون على الاستمرار في مناصبهم، وكأن شيئا لم يحدث مطلقا، بحجة مواصلة 'نضالاتهم'، وكأن الشعب الفلسطيني لم ولن ينجب غيرهم؟
لا نعتقد ان احدا، سواء في الوسط الرسمي العربي او الفلسطيني، يملك الشجاعة، ويجري مراجعة حقيقية ونقدا ذاتيا يعلن بعده اعترافه بخطأ خياراته، وينسحب بالتالي من الحياة السياسية، لان هذه من اخلاق الفرسان، ولا نعتقد ان هذه الاخلاق موجودة عند معظم مسؤولينا وقياداتنا، وهذا ما يفسر حال الهوان التي نعيشها حاليا على المستويات والاصعدة كافة.
....."

No comments: