A SUPERB ARTICLE
NOTE:
The writer, who is a Palestinian physician in Britain, is considered a strong Hamas supporter.
"ممانعة ومقاومة مفترضة
كُر وأنت حر
سقطت ورقة فلسطين
مع الشعوب بلا حدود
....
لم تشذ سوريا عن نمط الأنظمة العسكرية، بل فاق النظام فيها الجميع بطشاً وتنكيلاً، مع منظومة إعلامية تجتر مصطلحات القرن الماضي في وصفها للشعب السوري الثائر، من عملاء ومندسين ومأجورين وسلفيين وغيرها، ضاربة بعرض الحائط كل ما يعرض وينشر ويوثق بالصوت والصورة، ومحملة قناة الجزيرة وحدها دون غيرها مسؤولية ما يجري.
لكن النظام السوري المترنح قام بابتداع إضافة جديدة لتبرير ما يقوم به من جرائم يندى لها الجبين، حين رفع راية المزايد على الجميع باسم المقاومة والممانعة، واصفاً كل من يطالب بحريته بأنه عميل لإسرائيل، وبأن النظام يتعرض لمؤامرة خارجية بسبب مواقفه في المقاومة والممانعة.
هي إذن أسطوانة قديمة جديدة لتكميم وإسكات أي صوت معارض بحجة أن سوريا دولة مواجهة، وعليه فإن كل ما يقوم به النظام مبرر ليستمر في مقاومته وممانعته المفترضة.
....
منذ احتلال الجولان في يونيو/ حزيران من العام 1967 –ولن نخوض في تفاصيل تلك الهزيمة- لم تطلق رصاصة واحدة عبر الحدود باستثناء حرب عام 1973، التي سرعان ما بردت الجبهة بعدها، لتتحول مدينة القنيطرة المدمرة إلى مزار تجمع الأموال فيه، وتلتقط الصور التذكارية على أنقاضها، علماً بأن ما خسره الجيش السوري في انسحابه من شمال فلسطين وهضبة الجولان عام 1973 كان أكبر بكثير مما قدمه في الاقتحام والتحرير، بمعنى أن الجولان تم الانسحاب منه بقرار سياسي، وهو ما وثقه الكثيرون، حتى تبقى ورقة الجولان رابحة يبرزها النظام في وجه من يعارضه.
لم يتذكر النظام السوري جبهة الجولان إلا بعد أن ثار الشعب في وجهه مطالباً بحريته، فسمح وبشكل مفاجئ لمسيرة العودة بالتوجه إلى حدود هضبة الجولان يوم 15/5/2011 وليكرر ذلك في 5/6/2011، ليؤكد ما ذهب إليه أحد أركان النظام السوري -وهو رامي مخلوف- ومفاده أن إسرائيل لن تنعم بالأمن إذا تزعزع أمن سوريا، فقرن النظام القول بالفعل في تسخين جبهة الجولان بدماء المئات من الشهداء والجرحى.
النظام السوري وطوال عقود من الزمن مارس ما يسميه الممانعة والمقاومة عبر آخرين، كان دائماً يحصد ثمن تضحياتهم سواء كان ذلك من عمليات فلسطينية لفصائل تتخذ من دمشق مقراً لها بعد أن ضاقت بوجههم الدنيا، أو بانتصارات الشعب اللبناني في جنوبه، لتنحصر تلك المقاومة والممانعة بالشعارات الرنانة الفضفاضة التي لم تعد تطرب أحدا
....
لا يمكن لشعب يعيش تحت قانون الطوارئ لنصف قرن، مسلوب الحرية والكرامة، يُقمع ليل نهار، مع نظام يمارس البلطجة السياسية ضده، لا يمكن لشعب كهذا أن يقاوم أو ينتصر.
مع غياب الحرية يفقد المواطن شعوره بالوطن والانتماء، يصل به الأمر لدرجة كراهية بلاده التي لا تقدم له إلا الذل والمهانة، لماذا يدافع عن وطن لا يشعر فيه بنفسه، أم أن المطلوب الدفاع عن النظام؟
....
ومما يستدعي الوقوف طويلاً موقف الجيش السوري المفترض، والذي صدأت دباباته ومعداته في مخازنها، لتظهر فجأة ضد الشعب السوري المسالم والأعزل المطالب بحريته، أي جيش هذا الذي يرى العدو على مرمى حجر منه وهو يقصف ويقتل ويدمر في درعا، والجولان أمام بصره؟ كيف يمكن أن يكون هؤلاء من بني البشر وهم ينكلون بالأطفال والشيوخ ويرمونهم بكل موبقة ممكنة؟ لكنها العبودية التي رسختها الأنظمة العسكرية، جيش تابع ينفذ ما يؤمر به، جيش عماده الطائفية البغيضة، جيش خائف لا يجرؤ على رفض الظلم إلا من رحم ربي فانحاز للشعب.
ومما يسترعي الانتباه أيضاً أن كل من رفع شعارات المقاومة هو تلك الجمهوريات التي تحولت بقدرة قادر لجمهوريات وراثية، كل حسب حاجته، جمهوريات تتحكم فيها العائلة والأقارب، أخ الرئيس أو أبناؤه أو أبناء عمومته، أبناء يعدونهم ليكونوا رؤساء من بعدهم، دساتير تتغير في ساعة لتفصل على مقاس ابن الزعيم، وزعيم يُعد ولده وهو ليس بزعيم على حسب زعمه، وهكذا
....
سوريا زعيمة الممانعة -كما يدعي النظام- هي أيضاً زعيمة المتاجرة بفلسطين وقضيتها، اليوم تُعلن أن كل من يخرج مطالباً بحريته هو عميل لإسرائيل، وأن من يتحرك من أجل كرامته مدفوع من الخارج، وأن المؤامرة هي إسرائيلية للنيل من النظام المؤيد لفلسطين وقضيتها، دون أن ينسى النظام التذكير باحتضان سوريا لفصائل المقاومة وبشكل مبتذل يحمل الكثير والكثير من المن، رغم أن النظام السوري ما كان ليقبل بوجود أحد إلا من أجل مصلحته هو فقط، وليس محبة في فلسطين وقضيتها، وما قصة عبد الله أوجلان الذي باعه النظام السوري عند أول منعطف ببعيدة عنا، وهو ما يمكن أن يحدث لأي فصيل أو زعيم مقيم في سوريا اليوم
....
لم تعد ورقة فلسطين مدغدغة للعواطف كما في السابق، سقط القناع وانكشفت الأمور، وبشكل لا لبس فيه، بل لا نبالغ إن قلنا إن اللعب على وتر القضية والممانعة سيزيد من عزلة كل من يحاول المتاجرة بفلسطين، وسيشعر الجميع بضعف هذا النظام وعجزه، وحجم المأساة الأخلاقية التي يعيشها.
كما لم تعد حجج تلك الأنظمة باتهام قناة بعينها –الجزيرة– بأنها المحرك والمحرض، وهو ما يشكل إهانة بالغة للشعوب الثائرة ضد الظلم، ووسام شرف لمن يغطي ثورات تلك الشعوب، ومَضحكة لمن يردد هذه الاتهامات والادعاءات، تماماً كمن يتاجر ويزايد.
....
يقف البعض في منتصف الطريق انتظاراً لنتيجة الثورة هنا أو هناك، خوفاً من أن يثبت هذا النظام أو ذاك نفسه، أو أن يُهزم الشعب لا قدر الله، وعليه يحفظ من اختار الوقوف في المنتصف خط الرجعة، وهناك من يجتهد فيخطئ بالوقوف ضد إرادة الشعوب تحت مسميات القومية والعروبة والتدخل الأجنبي، لكن لهؤلاء نقول: أنصاف المواقف أو المساواة بين الضحية والجلاد لا تصب إلا في خانة الظالم والسفاح.
نقف مع الشعوب العربية بلا تردد أو تحفظ، في كل قُطر وساحة، ندعو لهم ونناصرهم على الظلم والطغيان، مهما كانت نتيجة ثوراتهم، لأننا كلنا ثقة في وعي وأخلاق وحضارية ويقظة تلك الشعوب التي ستقطع الطريق وبكل تأكيد على المتربصين.
أما من يرفع شعارات الممانعة والمقاومة لقمع شعبه فنقول له: الحرية أولى، والكرامة أهم، وتباً لهكذا ممانعة ومقاومة لفظية كلامية إن كان ثمنها استعباد الشعوب وإذلالها.
نحن مع شعبنا العربي في سوريا قلباً وقالباً ومع كل الشعوب العربية الثائرة في كل مكان، هذا واجبنا ودورنا، وهذا ما يمليه علينا ديننا وضميرنا وأخلاقنا.
"
The writer, who is a Palestinian physician in Britain, is considered a strong Hamas supporter.
"ممانعة ومقاومة مفترضة
كُر وأنت حر
سقطت ورقة فلسطين
مع الشعوب بلا حدود
....
لم تشذ سوريا عن نمط الأنظمة العسكرية، بل فاق النظام فيها الجميع بطشاً وتنكيلاً، مع منظومة إعلامية تجتر مصطلحات القرن الماضي في وصفها للشعب السوري الثائر، من عملاء ومندسين ومأجورين وسلفيين وغيرها، ضاربة بعرض الحائط كل ما يعرض وينشر ويوثق بالصوت والصورة، ومحملة قناة الجزيرة وحدها دون غيرها مسؤولية ما يجري.
لكن النظام السوري المترنح قام بابتداع إضافة جديدة لتبرير ما يقوم به من جرائم يندى لها الجبين، حين رفع راية المزايد على الجميع باسم المقاومة والممانعة، واصفاً كل من يطالب بحريته بأنه عميل لإسرائيل، وبأن النظام يتعرض لمؤامرة خارجية بسبب مواقفه في المقاومة والممانعة.
هي إذن أسطوانة قديمة جديدة لتكميم وإسكات أي صوت معارض بحجة أن سوريا دولة مواجهة، وعليه فإن كل ما يقوم به النظام مبرر ليستمر في مقاومته وممانعته المفترضة.
....
منذ احتلال الجولان في يونيو/ حزيران من العام 1967 –ولن نخوض في تفاصيل تلك الهزيمة- لم تطلق رصاصة واحدة عبر الحدود باستثناء حرب عام 1973، التي سرعان ما بردت الجبهة بعدها، لتتحول مدينة القنيطرة المدمرة إلى مزار تجمع الأموال فيه، وتلتقط الصور التذكارية على أنقاضها، علماً بأن ما خسره الجيش السوري في انسحابه من شمال فلسطين وهضبة الجولان عام 1973 كان أكبر بكثير مما قدمه في الاقتحام والتحرير، بمعنى أن الجولان تم الانسحاب منه بقرار سياسي، وهو ما وثقه الكثيرون، حتى تبقى ورقة الجولان رابحة يبرزها النظام في وجه من يعارضه.
لم يتذكر النظام السوري جبهة الجولان إلا بعد أن ثار الشعب في وجهه مطالباً بحريته، فسمح وبشكل مفاجئ لمسيرة العودة بالتوجه إلى حدود هضبة الجولان يوم 15/5/2011 وليكرر ذلك في 5/6/2011، ليؤكد ما ذهب إليه أحد أركان النظام السوري -وهو رامي مخلوف- ومفاده أن إسرائيل لن تنعم بالأمن إذا تزعزع أمن سوريا، فقرن النظام القول بالفعل في تسخين جبهة الجولان بدماء المئات من الشهداء والجرحى.
النظام السوري وطوال عقود من الزمن مارس ما يسميه الممانعة والمقاومة عبر آخرين، كان دائماً يحصد ثمن تضحياتهم سواء كان ذلك من عمليات فلسطينية لفصائل تتخذ من دمشق مقراً لها بعد أن ضاقت بوجههم الدنيا، أو بانتصارات الشعب اللبناني في جنوبه، لتنحصر تلك المقاومة والممانعة بالشعارات الرنانة الفضفاضة التي لم تعد تطرب أحدا
....
لا يمكن لشعب يعيش تحت قانون الطوارئ لنصف قرن، مسلوب الحرية والكرامة، يُقمع ليل نهار، مع نظام يمارس البلطجة السياسية ضده، لا يمكن لشعب كهذا أن يقاوم أو ينتصر.
مع غياب الحرية يفقد المواطن شعوره بالوطن والانتماء، يصل به الأمر لدرجة كراهية بلاده التي لا تقدم له إلا الذل والمهانة، لماذا يدافع عن وطن لا يشعر فيه بنفسه، أم أن المطلوب الدفاع عن النظام؟
....
ومما يستدعي الوقوف طويلاً موقف الجيش السوري المفترض، والذي صدأت دباباته ومعداته في مخازنها، لتظهر فجأة ضد الشعب السوري المسالم والأعزل المطالب بحريته، أي جيش هذا الذي يرى العدو على مرمى حجر منه وهو يقصف ويقتل ويدمر في درعا، والجولان أمام بصره؟ كيف يمكن أن يكون هؤلاء من بني البشر وهم ينكلون بالأطفال والشيوخ ويرمونهم بكل موبقة ممكنة؟ لكنها العبودية التي رسختها الأنظمة العسكرية، جيش تابع ينفذ ما يؤمر به، جيش عماده الطائفية البغيضة، جيش خائف لا يجرؤ على رفض الظلم إلا من رحم ربي فانحاز للشعب.
ومما يسترعي الانتباه أيضاً أن كل من رفع شعارات المقاومة هو تلك الجمهوريات التي تحولت بقدرة قادر لجمهوريات وراثية، كل حسب حاجته، جمهوريات تتحكم فيها العائلة والأقارب، أخ الرئيس أو أبناؤه أو أبناء عمومته، أبناء يعدونهم ليكونوا رؤساء من بعدهم، دساتير تتغير في ساعة لتفصل على مقاس ابن الزعيم، وزعيم يُعد ولده وهو ليس بزعيم على حسب زعمه، وهكذا
....
سوريا زعيمة الممانعة -كما يدعي النظام- هي أيضاً زعيمة المتاجرة بفلسطين وقضيتها، اليوم تُعلن أن كل من يخرج مطالباً بحريته هو عميل لإسرائيل، وأن من يتحرك من أجل كرامته مدفوع من الخارج، وأن المؤامرة هي إسرائيلية للنيل من النظام المؤيد لفلسطين وقضيتها، دون أن ينسى النظام التذكير باحتضان سوريا لفصائل المقاومة وبشكل مبتذل يحمل الكثير والكثير من المن، رغم أن النظام السوري ما كان ليقبل بوجود أحد إلا من أجل مصلحته هو فقط، وليس محبة في فلسطين وقضيتها، وما قصة عبد الله أوجلان الذي باعه النظام السوري عند أول منعطف ببعيدة عنا، وهو ما يمكن أن يحدث لأي فصيل أو زعيم مقيم في سوريا اليوم
....
لم تعد ورقة فلسطين مدغدغة للعواطف كما في السابق، سقط القناع وانكشفت الأمور، وبشكل لا لبس فيه، بل لا نبالغ إن قلنا إن اللعب على وتر القضية والممانعة سيزيد من عزلة كل من يحاول المتاجرة بفلسطين، وسيشعر الجميع بضعف هذا النظام وعجزه، وحجم المأساة الأخلاقية التي يعيشها.
كما لم تعد حجج تلك الأنظمة باتهام قناة بعينها –الجزيرة– بأنها المحرك والمحرض، وهو ما يشكل إهانة بالغة للشعوب الثائرة ضد الظلم، ووسام شرف لمن يغطي ثورات تلك الشعوب، ومَضحكة لمن يردد هذه الاتهامات والادعاءات، تماماً كمن يتاجر ويزايد.
....
يقف البعض في منتصف الطريق انتظاراً لنتيجة الثورة هنا أو هناك، خوفاً من أن يثبت هذا النظام أو ذاك نفسه، أو أن يُهزم الشعب لا قدر الله، وعليه يحفظ من اختار الوقوف في المنتصف خط الرجعة، وهناك من يجتهد فيخطئ بالوقوف ضد إرادة الشعوب تحت مسميات القومية والعروبة والتدخل الأجنبي، لكن لهؤلاء نقول: أنصاف المواقف أو المساواة بين الضحية والجلاد لا تصب إلا في خانة الظالم والسفاح.
نقف مع الشعوب العربية بلا تردد أو تحفظ، في كل قُطر وساحة، ندعو لهم ونناصرهم على الظلم والطغيان، مهما كانت نتيجة ثوراتهم، لأننا كلنا ثقة في وعي وأخلاق وحضارية ويقظة تلك الشعوب التي ستقطع الطريق وبكل تأكيد على المتربصين.
أما من يرفع شعارات الممانعة والمقاومة لقمع شعبه فنقول له: الحرية أولى، والكرامة أهم، وتباً لهكذا ممانعة ومقاومة لفظية كلامية إن كان ثمنها استعباد الشعوب وإذلالها.
نحن مع شعبنا العربي في سوريا قلباً وقالباً ومع كل الشعوب العربية الثائرة في كل مكان، هذا واجبنا ودورنا، وهذا ما يمليه علينا ديننا وضميرنا وأخلاقنا.
"
No comments:
Post a Comment