Tuesday, May 12, 2009

طبخة اوباما 'تنضج عربيا'


طبخة اوباما 'تنضج عربيا'

عبد الباري عطوان

".....
المبادرة الامريكية تقوم على مرحلتين اساسيتين
وفق التسريبات المذكورة:
الاولى: تسريع خطوات التطبيع العربي الرسمي مع اسرائيل من خلال فتح الحدود والاجواء، والسماح للاسرائيليين بالحصول على تأشيرات دخول الى الدول العربية بشكل طبيعي، واعطاء الحق لشركة الطيران الاسرائيلية (العال) بالمرور في الاجواء العربية، والهبوط في المطارات دون اي عوائق. وكل هذا من اجل طمأنة الحكومة الاسرائيلية الحالية، واقناعها 'بتجميد' الاستيطان، والقبول بحل الدولتين.
.....
الثانية: الدخول في مفاوضات على اساس حل الدولتين، مع تأجيل البحث في قضايا الحل النهائي مثل مستقبل القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى مرحلة لاحقة.
......
خطورة التحرك الامريكي الجديد هذا تتمثل في عدة نقاط نوجزها في ما يلي:
اولا: مطالبة الحكومات العربية بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية (حرية تنقل الاسرائيليين واعطاء ممرات جوية لخطوطهم)، ليس مقابل الانسحاب الكامل، مثلما نصت مبادرة السلام العربية، وانما مجرد 'تجميد' الاستيطان وقبول حكومة نتنياهو بحل الدولتين.
ثانيا: تأجيل القضايا التي تعتبرها اسرائيل شائكة او معقدة، مثل القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهذا يعني قيام دولة فلسطينية، ولو كمرحلة انتقالية، ودون الاتفاق على هاتين المسألتين، اي دولة فلسطينية دون حدود متفق عليها، ودون القدس عاصمة لها. وهذا النهج هو ما جرى اتباعه في مفاوضات اوسلو السرية، والاتفاق الذي تمخض عنها، اي نحن امام اعادة صياغة هذا الاتفاق، وتقديمه بصورة اخرى، من قبل ادارة جديدة.
ثالثا: توسيع دائرة التطبيع بحيث تشمل الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي (57 دولة)، وانهاء اي خلاف بين هذه الدول والدولة العبرية بعد التوصل الى اي اتفاق سلام وفق المبادرة الامريكية الجديدة.
هذه المبادرة اذا ما تم تبينها من قبل الدول العربية، تعتبر اخطر بكثير من اتفاقات كامب ديفيد التي ادت الى إحداث شرخ كبير في الصف العربي بخروج مصر، وانهاء حالة الحرب بينها وبين الدولة العبرية،
......
مصدر الخطورة ان اتفاقات كامب ديفيد رغم سلبياتها الكارثية، تركزت حول العلاقة المصرية الاسرائيلية، ولم تتطرق مطلقاً الى جوهر الصراع العربي الاسرائيلي، اي الثوابت الفلسطينية، ولكن المبادرة الامريكية تركز على 'تسوية' هذه القضية، بالقفز على هذه الثوابت، تحت ذريعة تأجيلها، والرضوخ بالكامل للمطالب الاسرائيلية في هذا الصدد.
.....
ولكن المطلوب من خليفته الرئيس حسني مبارك والزعماء العرب الآخرين، الذهاب الى ما هو ابعد من ذلك، اي تصفية القضية الفلسطينية برمتها دون اي مقابل، غير الدخول في علاقات تحالفية طبيعية مع اسرائيل تشمل الاقتصاد وربما تمتد الى تحالف عسكري وتكتل سياسي ضد ايران اذا لزم الامر.
فمن الواضح ان هذه المبادرة الامريكية الجديدة تريد توسيع دور 'سمسار' السلام العربي، بحيث يمتد الى العالم الاسلامي بأسره،
.....
ندرك جيداً اننا نقف في خندق القلة التي تحاول تمزيق حواجز الصمت الممارس حالياً في بعض الاوساط الاعلامية العربية، وفضح مخططات جديدة يجري طبخها بهدوء في واشنطن وتل ابيب حالياً بتعاون بعض القيادات العربية، او بمباركتها على الاقل، ولكن نرى ان من واجبنا ان نشرح الاخطار، بتسليط الاضواء عليها للمواطن العربي المطحون بالفقر والأمية والاضطهاد من قبل الدكتاتوريات العربية المتغولة
......
نضع هذه الحقائق امام الشارع العربي، حتى لا يفاجأ بما سيعلنه الرئيس اوباما في خطابه، وسلسلة التنازلات التي يستعد بعض، او معظم، قادته العرب لتقديمها تودداً لاسرائيل التي لم تعد عدواً في نظرهم، بعد ان جعلوا ايران تحتل مكانها على قمة قائمة العداء، بتعليمات امريكية وتحريض اسرائيلي
."

No comments: