Sunday, March 3, 2019

زيارة كوشنر لأنقرة... إغراءات أميركية لتجاوز رفض أنقرة "صفقة القرن"

A VERY GOOD ARTICLE
زيارة كوشنر لأنقرة... إغراءات أميركية لتجاوز رفض "صفقة القرن"
Link

شكلت زيارة صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر لتركيا قبل أيام، مفاجأة كبيرة في الأوساط السياسية، وخاصة أنها تعقب زيارة للسعودية، إذ التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تتخذ بلاده مواقف مناهضة لتركيا، مع الحلف الإسرائيلي ودول عربية، بل تعتبر السعودية من أبرز دول هذا الحلف.
وبحسب المتابعين والمراقبين، فإن الزيارة التي قام بها كوشنر لأنقرة كانت تستهدف هدفين رئيسيين، إضافة لقضايا أخرى أقل أهمية، وهذان الموضوعان هما عرض "صفقة القرن" التي تعمل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليها في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويجري الحديث عن أن الصفقة اقتربت من وضع الرتوش الأخيرة عليها، والموضوع الثاني هو التعاون الاقتصادي الذي ركز عليه ترامب في مكالماته الأخيرة مع أردوغان، وسعي أميركا لتوسيع التعاون الاقتصادي المشترك.
المساعي الأميركية هذه مع تشابك الملفات العالقة بين أنقرة وواشنطن، تستهدف تجاوز الرفض التركي المنتظر لـ"صفقة القرن"، التي لن تحقق للفلسطينيين حقوقهم، وستخرج بإسرائيل القوة المطلقة في المنطقة، وفق تسريبات سابقة.
ومن المعلوم أن أنقرة باعتبارها رئيسة للقمة الإسلامية، جمعت دول مجلس التعاون الإسلامي مرتين بشكل طارئ العام الماضي، للتصدي لقرار ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس من تل أبيب، ومنذ ذلك الوقت تقف تركيا في موقف مناهض للترتيبات الأميركية.
وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أكد اليوم الأحد، حرص تركيا بشأن الحفاظ على وضع القدس التاريخي والقانوني، والدفاع عنها في المحافل الدولية، خلال مشاركته في الاجتماع التشاوري لسفراء فلسطين في الدول الأوروبية، المنعقد بإسطنبول.
وقال الوزير التركي إن "المحافظة على الوضع التاريخي والقانوني للقدس هي واحدة من أولويات سياسة أنقرة الخارجية، وهي قضية مقدسة بالنسبة لها، وستبذل كل الجهود من أجل لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الظلم في القدس"، لافتاً إلى أن "إسرائيل تكرر نفس الأخطاء، عوضاً عن استخلاص الدروس مما يجري".
تصريحات جاووش أوغلو الأخيرة، تعبّر عن الموقف التركي الصريح أنه يقف إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني ولن يفرط بها، وهو موقف رسمي يأتي في إطار الرسائل الدبلوماسية التي اعتادت أنقرة توصيلها عبر الإعلام، إذ اعتادت أنقرة استخدام الإعلام مساراً للتفاوض مع الغرب، ويأتي التصريح بعد زيارة كوشنر، ولقائه بعد أردوغان وزير المالية صهر الرئيس التركي براءت البيرق، للحديث عن التعاون الاقتصادي.
فوجئ الرأي العام الأميركي بزيارة كوشنر
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة خبر تورك أن الرأي العام الأميركي فوجئ بموضوع زيارة كوشنر لأنقرة، محاولاً فهم الأسباب التي دعت للزيارة وخاصّة أنها تعقب زيارة السعودية، وقرب كوشنر الكبير من ولي العهد السعودي، ومن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقربه من المحافظين الإنجيليين، ودوره الأساسي في قرار ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس.
وتضيف الصحيفة أن الخطة النهائية التي يعمل عليها كوشنر مع ترامب شارفت على النهاية، وأن الوقت حان لشرح الخطة لدول المنطقة، ولهذا كانت الزيارة تستهدف عدة دول، برفقة الممثل الأميركي الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وممثل الشؤون الإيرانية بريان هوك، لافتة إلى أن الخطة الأميركية هي لتقوية النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، من أجل تنفيذ المخططات الأميركية والإسرائيلية دون اعتراضات من أحد.
ولفتت الصحيفة، إلى أن واشنطن تعتقد أن أكبر عقبة تعترض خطتها هي تركيا والرئيس أردوغان، لأن الأمر يرتبط بأن شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني ينتظران رأي أردوغان في الخطة الأميركية، وتتضمن الخطة تصالحاً بين حركتي "حماس" و"فتح"، وهو ما يعني أن حدود الخطة والمنطقة واضحة من كوشنر، ورغم أن المواقف متناقضة عن الثمن الذي يمكن أن تقدمه أميركا للأتراك مقابل الحصول على دعمهم، فإن الكلمة المفتاحية ستكون في الاقتصاد.
وشرحت ذلك، بأن كوشنر يريد ضخ مبلغ 65 مليار دولار للمنطقة من أجل تقارب الشعوب بعضها مع بعض، 25 مليار دولار منها لقطاع غزة والضفة الغربية، خلال عشر سنوات، و40 مليار دولار ستكون لمصر والأردن، وبحسب الظروف المناسبة قد تشمل لبنان أيضاً.
ومن المعلوم أن خطة ترامب هذه يعمل عليها بالتعاون مع إسرائيل والسعودية ومصر والإمارات، ولا تهدف الخطة لإنشاء السلام بقدر ما تهدف إلى جمع القوة بيد إسرائيل، وكانت بداية الإجراءات بخنق حركة "حماس" عبر حصار قطر، وفق نفس الصحيفة، وكان الهدف هو سحب الدعم المقدم من قطر لـ"حماس"، وجرى ذلك عبر السعودية بطلب إسرائيلي، ومع وضع قيادة حركة "حماس" في وضع صعب خرج رجل الإمارات محمد دحلان ليؤكد أن الحل في مصر، لتستسلم "حماس" لمصر بالفعل، بحسب ما ترى الصحيفة.
من جانبها، اكتفت المصادر التركية بالتأكيد أن المرحلة الحساسة الحالية تفترض من أنقرة الاستماع لجميع المبادرات الأميركية من أجل اتخاذ المواقف المناسبة منها، في ما يتعلق بسورية، وفلسطين، والملفات المشتركة العالقة، مؤكدة أن تركيا منفتحة للتعاون ولكن لن تفرط بأساسيات طالبت بها، وهي أظهرت مقاومتها لهذا الحلف، من خلال عدم الصمت حيال جريمة قتل الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، وتعمل بشكل مستمر للإيقاع بالفاعلين، ومحاسبة المتورطين من مسؤولي السعودية.
وأكدت المصادر أنه من المبكر الكشف عن تفاصيل زيارة كوشنر للمنطقة، ولكنها تأتي في ظل تنسيق رفيع بين أردوغان وترامب، وتبادل الاتصالات الهاتفية، ووصلت الأمور لدعوة أردوغان ترامب لزيارة تركيا، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي لتقييم الأمر.