Saturday, November 4, 2017
Friday, November 3, 2017
رسالة إلى العرب.. أو من بقي منهم
منصف المرزوقي
Link
انظر النزيف الهائل الذي يشكّله فرار غير مسبوق لملايين السوريين والعراقيين لأسباب سياسية، والمغاربيين لأسباب اقتصادية، بحثا عن وطن بديل..، أليس الوطن الحقيقي للإنسان هو الأرض التي يهرب إليها لا الأرض التي يهرب منها؟ انظر الآن تصاعد عدد هاربي الداخل من الانتماء العربي نفسه، وكأنّ الشعار: لا رهان على حصان خاسر يتعثّر من كبوة إلى كبوة.
إنها نفس الظاهرة على مستوى الأمم والحضارات؛ لا تنقرض أي منها إلا وتعود القوة الخلاقة للبناء فوق الخراب، فتنتج ما هو أعظم وأجمل وأقدر على الاستدامة.
ما يجهله ويتجاهله كل هؤلاء الناس أن الأمازيغ والكرد والتركمان والموارنة والدروز والسودانيين اليوم، جزء لا يتجزّأ من ثقافة واسعة صنعوها على مرّ العصور مع عرب عاربة ومستعربة، ثم أصبحوا بمرّ الزمان مجرّد مكوّن من هيكل عظيم شرَفهم الأول أنهم وضعوا أسسه، وشرفهم الأخير تطويره مع بقية المكونات الشقيقة والصديقة.
Link
هذا النص ليس مرثية أخرى لأمة ''غسل الله منها يديه''، كما قال نزار قباني. بل هو صرخة فزع أمام خرابها المتفاقم ونحن السواعد والمعاول.
انظر انهيار استقلالنا؛ كانت لنا في القرن الماضي شعوب حية، واعية بتبعيتها، تحلم بالاستقلال وتناضل من أجله، وكانت لنا دول تمارس سيادتها. اليوم شعوبنا غير منشغلة ولا واعية بعمق تبعيتها العلمية والتكنولوجية والغذائية والسياسية، وكثير من دولنا سلّمت مصيرها للقوى الإقليمية والدولية. شعوب ودول تحت الوصاية، ومع هذا تحتفل كل عام بـ"عيد الاستقلال".
انظر انهيار مؤسساتنا المشتركة؛ أحسَن ما قيل في الجامعة العربية هو: "إكرام الميّت دفنه". في الستينيات والسبعينيات دفنّا "الجمهورية العربية المتحدة"، ومشاريع الوحدة بين تونس وليبيا، وبين المغرب وليبيا. لنرفع أيدينا إلى السماء ترحُّماً على اتحاد المغرب العربي. وربما جاء دور مجلس التعاون الخليجي، لنقيم عليه صلاة الجنازة.
انظر تسارع انهيار الأنظمة والدول؛ عايشنا تفكّك السودان والصومال، ونعايش تفكّك سوريا والعراق وليبياواليمن. يخطئ من يتصوّر أن المسلسل لن يشمل دولا أخرى تظنّ نفسها مبنية لألف سنة مقبلة، وهي مدرجة على القائمة للعقود القليلة القادمة. الربيع العربي براكين ما زال الكثير منها لم ينفجر، ويحدثونك -لطمأنة أنفسهم- عن فشل ثورات في بداياتها.
انظر حجم التهديدات على العمود الفقري لهذه الأمة: لغة الضاد؛ البعض يكتبونها بالأحرف اللاتينية والدارجات اليوم لغات الإنترنت، فلتتوقّعوا ظهور جماعات تطالب بالتدريس بها. انتظروا أول ''ترجمة" للقرآن الكريم إلى الفرانكو/عربي والأنجلو/عربي والعبري/عربي. أليس من حق "الشعب" فهم كتابه المقدس؟ ألم يفعل ذلك مارتن لوثر عندما ترجم الإنجيل من اللاتينية إلى لغة أصبحت قائمة الذات وهي الألمانية؟ تلك مبرراتهم.
انظر انهيار القاسم المشترك الآخر الذي كان يجمعنا؛ تراجع حجم الاهتمام العربي بمأساة فلسطين والأمة تغرق في مآسٍ أفظع، والمسؤولون عرب أقحاح. كم هو مخزٍ أن يتهكّم السوريون على إداناتنا الغاضبة للقمع الإسرائيلي، وأن يتمنوا أن "ينعموا" بمثل هذا القمع، أمام ما أذاقهم إياه الجيش العربي المُمانع.
"كانت لنا في القرن الماضي شعوب حية، واعية بتبعيتها، تحلم بالاستقلال وتناضل من أجله، وكانت لنا دول تمارس سيادتها. اليوم شعوبنا غير منشغلة ولا واعية بعمق تبعيتها العلمية والتكنولوجية والغذائية والسياسية، وكثير من دولنا سلّمت مصيرها للقوى الإقليمية والدولية. شعوب ودول تحت الوصاية، ومع هذا تحتفل كل عام بـ"عيد الاستقلال""
انظر النزيف الهائل الذي يشكّله فرار غير مسبوق لملايين السوريين والعراقيين لأسباب سياسية، والمغاربيين لأسباب اقتصادية، بحثا عن وطن بديل..، أليس الوطن الحقيقي للإنسان هو الأرض التي يهرب إليها لا الأرض التي يهرب منها؟ انظر الآن تصاعد عدد هاربي الداخل من الانتماء العربي نفسه، وكأنّ الشعار: لا رهان على حصان خاسر يتعثّر من كبوة إلى كبوة.
في المشرق هناك صعود وتوسّع لمطالب كل القوميات والطوائف. أما في المنطقة المغاربية فلم يعد من الممكن الحديث عن "المغرب العربي" دون إثارة وابل من الاحتجاجات. وحتى في تونس؛ برزت جماعات تنكر عروبة البلد، والحال أن الناطقين بالأمازيغية لا يتجاوزون بضعة آلاف.
طالبني البعض -عبر صفحتي على الإنترنت- بالتخلي عن لبس البرنس وأكل الكسكسي لأنهما تراث أمازيغي. بل ثمة من طالبوني بالعودة من حيث أتيت، بما أنني أعرّف نفسي بأنني عروبي غير قومي. يبدو أن هؤلاء الإخوة يجهلون استحالة الأمر، و"المرازيق" من أحفاد بني سليم الذين استقروا في تونس مع بني عمومتهم بني هلال منذ سنة 439 هجرية (1047م).
لك أن تقول: وأين المشكلة؟ إن حظّي العاثر شاء أن تكون مرابض الأجداد قبل انطلاق تغريبتهم ما يسمى اليوم دولة الإمارات. ونظرا لكل ما قلته -وما سأواصل قوله- في حكامها؛ فإنّه جدُّ مستبعدٍ تمتيعي بحقّ أن أُمنحَ حق اللجوء، فما بالك بحق العودة. حقّا، إن شرّ البلية ما يضحك.
أين باب النفق بل هل ثمة منفذ أصلا؟ لا علاج لمرض لم تعرف أسبابه. ما أكثر ما بحثنا عن سبب نكبة النكبات... في أنظمتنا الاستبدادية... في العائلة الأبوية... في الطبيعة التي حبَتنا بكمّ هائل من الصحاري وحبت الأوروبيين والصينيين بكمّ هائل من الأراضي الزراعية... في برامجنا التعليمية التي تنتج العقول الفارغة والذوات المتورمة...
في الاستعمار والإمبريالية والصهيونية والمؤامرة الكونية... في سوء الطالع، والتاريخ أيضا ارتطام حزمة من الصُّدَف بحزمة أخرى، تولّد صُدَفا نسميها الأقدار. ربما شاءت هذه الأقدار اللعينة أن يموت لنا طفل في الخامسة بِلدغة أفعى غبية، وكان هو الذي سيلعب لدينا دور كمال أتاتورك الأتراك وماو تسي تونغ الصينيين.
الثابت أن حجم وتعقيد ترابط عوامل الكارثة يجعلنا عاجزين عن التشخيص الشامل. ومع هذا علينا أن نبحث -بسرعة محمومة- عن المَخرج، أملا في ألا يكون المصيرُ قد تقرّر ونحن عن الأمر غافلون متوهمون.
***
خبران: سيئ ومفرح، وسنبدأ بالسيئ.
قد نكون أمة بصدد الانقراض طِبقاً لقانون كوني: فكما يموت الفرد، تموت الأمم والحضارات وحتى الأجناس الحية. وقد عرف تاريخ الأرض -منذ خمسمئة مليون سنة- خمسة انقراضات بالجملة (Mass extinctions) مسحت من وجه الأرض 80% من الأجناس الحية.
قد نكون أمة بصدد الانقراض طِبقاً لقانون كوني: فكما يموت الفرد، تموت الأمم والحضارات وحتى الأجناس الحية. وقد عرف تاريخ الأرض -منذ خمسمئة مليون سنة- خمسة انقراضات بالجملة (Mass extinctions) مسحت من وجه الأرض 80% من الأجناس الحية.
وذلك بسبب انفجارات براكين جبارة وتغيّر المناخ، أو اصطدام نيزك كبير بالأرض كما حصل منذ 65 مليون سنة فتسبّب في انقراض الديناصورات. وها إن بعض العلماء يقولون اليوم إننا دخلنا بالتغيّر المناخي مرحلة الانقراض السادس. وقد يكون انقراض العرب جزئية بسيطة داخل انقراض الجنس البشري بأكمله؛ فما الداعي للتهويل؟
الخبر الطيب: لا تنتهي موجة انقراض إلا وتدخل الطبيعةُ في زخم هائل من الخلق والإبداع، فتبرز كميات هائلة من الأجناس الحية الجديدة أكثر تنوعا وحيوية؛ وكأن القوة الخلّاقة -التي تتحكم في الكون- تريد تعويض الخسارة بما هو أحسن.
"ماذا لو كانت العروبة القديمة هي التي نشاهد انقراضها، وعلى أنقاضها تعِدنا الحياةُ بعروبة جديدة؟ ما الذي يجعلنا نتشبث بدول مصطنعة وأيديولوجيات كاذبة، وبكل هذه الأوهام التي عشنا عليها قرونا ننتظر الخلاص من المستبد العادل أو من الدولة القومية الكبرى، أو من عودة الخلافة، فلا نحصد إلا الخيبة وراء الخيبة؟ لنقبل أن ما هو قابل للانهيار لا يستأهل أي مكابدة لإنقاذه من مصيره ولا التحسّر عليه، بل بالعكس"
إنها نفس الظاهرة على مستوى الأمم والحضارات؛ لا تنقرض أي منها إلا وتعود القوة الخلاقة للبناء فوق الخراب، فتنتج ما هو أعظم وأجمل وأقدر على الاستدامة.
ماذا لو كانت العروبة القديمة هي التي نشاهد انقراضها، وعلى أنقاضها تعِدنا الحياةُ بعروبة جديدة؟ ما الذي يجعلنا نتشبث بدول مصطنعة وأيديولوجيات كاذبة، وبكل هذه الأوهام التي عشنا عليها قرونا ننتظر الخلاص من المستبد العادل أو من الدولة القومية الكبرى، أو من عودة الخلافة، فلا نحصد إلا الخيبة وراء الخيبة؟
لنقبل أن ما هو قابل للانهيار لا يستأهل أي مكابدة لإنقاذه من مصيره ولا التحسّر عليه، بل بالعكس؛ يجب أن نفرح بهذه الزلازل التي تدمر عالما آن رحيله، وأن نبتهج بما سيُبنى على الأنقاض.
هل بإمكاننا استقراء ملامح وتوجهات قوى البناء التي تتحرك داخلنا وتحركنا معبّرة عن إرادة الحياة وعنادها؟ نعم، شريطة أن نصمّ الآذان عن الصخب حولنا، وأن نُصيخ السمعَ للهمس المتصاعد من العقل الجماعي، وهو يبحث في كل اتجاه عن مشروع إنقاذ أمة من نفسها.
ثمة بداية بوادر ثورة في العقول، والمحرّك قطعٌ نهائي مع الحلول الجاهزة المعلبة. ثمة بداية لفسخ البرمجيات القديمة والتفكير من خارج الصندوق وأولاً، خاصة فيما يتعلّق بالأسس التي سنعيد عليها البناء برمّته.
لقد كان -ولا يزال- تعريف العربي بأنه الشخص الذي يتكلم لغة الضّاد، أيا كان دينه وأصله ولونه. لهذا كان عبد الوهاب البياتي التركماني، والطيب صالح الأفريقي، والأمازيغي محمد عابد الجابري، وجبران خليل جبران المسيحي، وليلى مراد اليهودية، من أعلى منارات الثقافة العربية.
مثل هذا التعريف ضروري لأننا أمة تسكن فعلا لغة لا أرضا، لأننا أمة ثقافية لا أمة عرقية؛ لكنه لم يعد كافياً. أصبح عندنا اليوم ملايين يتكلمون العربية في المشرق والمغرب ولا يريدون تعريف أنفسهم بأنهم عرب. وفي المقابل؛ هناك ملايين المغتربين الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم عرب رغم أنهم لا يتكلمون العربية.
ثمة من لا يزالون مصرّين على أن الإسلام هو القالب الشرعي والوحيد لصهر كل هذه الشعوب وإعطائها هويتها الأساسية. وكما لم ينجح الأمر في الماضي، إذ تطورت الشعوبية إلى قوميات فارسية وعربية وتركية وكردية متناحرة؛ فإنه لن ينجح في المستقبل ونحن نرى تفاقم الشعور القومي عند كل هذه الشعوب، والانقسام داخل القومية الواحدة، كما هو الحال بين السنّة والشيعة العرب.
هذا الفشل ليس خاصا بالإسلام، فالمسيحية لم تمحُ الفوارق بين الشعوب الأوروبية التي تقاتلت بضراوة؛ وعيشها المشترك اليوم ليس في ظل الفهم ''الصحيح" للمسيحية، وإنما وفق نظام يعترف بالتعددية ويبني تعايشها على المصالح والأهداف.
وقد فشلت بنفس الكيفية الشيوعيةُ التي ادّعت صهر الشعوب والأمم في عقيدة سوفياتية مشتركة، فلم تعمَّر أكثر من سبعين سنة ثم عادت روسيا لروسيتها ومسيحيتها، ودول آسيا الوسطى إلى أصولها الطورانية والإسلامية.
على أي دعامات سنبني إذن هوية للقرون المقبلة؟ إن القاسم المشترك بين كل القوميين هو فهمهم الساذج للهوية، وأنها انحدار قوم من عنصر نقي ثابت لا وجود له إلا في خيالهم المريض، إضافة إلى عدوانية خطيرة وهم يبنون هذه الهوية على الضدّية.
ما يجهله ويتجاهله كل هؤلاء الأغبياء الخطرين، هو أن الهوية الفعلية لكل الأفراد ولكل الشعوب مصنوعة من الآخر بقدر ما هي مصنوعة من الأنا. هي مثل طبقات الجيولوجيا، أي أن تراكم تواريخ المجموعات البشرية المتعاقبة والمتمازجة -التي صنعت شعبا- سيواصل التغيير وصنع طبقات جديدة من الهوية.
ولهذا لا يوجد مغاربي واحد -مهما ادّعى النقاوة- لم تختلط فيه الدماء والثقافات العربية والأمازغية والأفريقية والمتوسطية. إنها نفس القاعدة حتى في نجد والحجاز والخليج التي تتابع عليها حجًّا وغزواً وتجارة واستعبادا ما لا يُحصى ولا يعدّ من الأقوام.
"على العقلاء إذن من كل المكونات -في المشرق والمغرب- الجلوس في حوار لتجديد عقد العروة الوثقى، على أسس الاعتراف المتبادل والامتنان المتبادل والتطمين المتبادل، وبناء شروط تعايش سلمي يجعل التمتع بنفس الحقوق وأداء نفس الواجبات غير مرتبط بالانتماء أو عدم الانتماء إلى هذا المكوّن أو ذاك. هكذا يمكن تحديث عقد الشراكة القديمة وتحسين شروطها للجميع وفي مصلحة الكلّ"
ما يجهله ويتجاهله كل هؤلاء الناس أن الأمازيغ والكرد والتركمان والموارنة والدروز والسودانيين اليوم، جزء لا يتجزّأ من ثقافة واسعة صنعوها على مرّ العصور مع عرب عاربة ومستعربة، ثم أصبحوا بمرّ الزمان مجرّد مكوّن من هيكل عظيم شرَفهم الأول أنهم وضعوا أسسه، وشرفهم الأخير تطويره مع بقية المكونات الشقيقة والصديقة.
يصبح مشروع الفكر الناتج عن قوى الخلق والبناء الرمي في سلة المهملات بمفهوم الأغلبية والأقلية، لاستبداله بالمفهوم الجديد أي المكونات، مما يسهّل الاعتراف بكل طبقات الهوية التي راكمها التاريخ، وإعداد العقول للطبقات المقبلة.
على العقلاء إذن من كل المكونات -في المشرق والمغرب- الجلوس في حوار لتجديد عقد العروة الوثقى، على أسس الاعتراف المتبادل والامتنان المتبادل والتطمين المتبادل، وبناء شروط تعايش سلمي يجعل التمتع بنفس الحقوق وأداء نفس الواجبات غير مرتبط بالانتماء أو عدم الانتماء إلى هذا المكوّن أو ذاك. هكذا يمكن تحديث عقد الشراكة القديمة وتحسين شروطها للجميع وفي مصلحة الكلّ.
بقية التحديات الكبرى التي سيواجهها الفكر الجديد معروفة: كيف نبني دولا ديمقراطية غير فاسدة، ونقيم حكما محليا يعطي لكل المكونات سلطة فعلية في إدارة شؤونها؟ كيف ننتهي من شعوب الرعايا ونسرّع بولادة شعوب من المواطنين؟ كيف نخلق أخيرا اقتصادا مبنيا على العلم والتكنولوجيا والطاقات المتجددة؟ كيف نؤسس اتحاد شعوب حرة على غرار الاتحاد الأوروبي؟ كيف ننقل مركز الثقل في تفكيرنا من الماضي إلى المستقبل؟
للإسراع بإنضاج البدائل -والوقت يداهمنا بكل عنف- علينا تكثيف العصف الذهني الجماعي الذي يموج به اللاوعي الجماعي. لا بدّ من قمم تجمع خيرة السياسيين والمثقفين والإعلاميين والشباب والجامعيين والمربين للحلم والتفكير معا.
هل هذه أضغاث أحلام؟ كلا؛ فقد انطلقت المبادرات التي تتلمس بعض الطرق الممكنة للخروج من النفق، عبر مجموعات صغيرة تفكر في نفس الإشكاليات حاليا بصفة مستقلة، ولا بدّ لها من الالتقاء وتجميع قواها.
من التي أعرف؛ "مجموعة الدفاع عن الثورات الديمقراطية" التي أنشّطها مع توكل كرمان من اليمن وأيمن نور من مصر وأحمد طعمة من سوريا. ثمة مبادرة "مؤسسة الشرق" لوضاح خنفر وتركيزها على إعداد الشباب لصدمة المستقبل. ثمة مبادرة عزمي بشارة المتمركزة حول جريدة وتلفزيون "العربي الجديد".
من المؤكد أنه يوجد في أعماق العقل الجماعي أكثر بكثير مما يوجد على السطح من هذه المبادرات. أغلبها سيبرز بالأساس من هذا الشباب الذي أسميه "الجيل الإلكتروني" (e-generation)، والكثير منها قد يُفاجئنا أو حتى يصدمنا؛ لكن تلك هي سنّة التجدّد.
نعم، ما يُطمئن نسبيا أنه في الوقت الذي تصمّ فيه الآذانَ انفجاراتُ وصخب قوى الدمار؛ تعمل قوى الخلق في صمت حتى نكون من صناع التاريخ لا من ضحاياه.
الخلاصة: التفاؤل ممنوع لهول ما تفعله قوى الخراب، والتشاؤم ممنوع لعناد قوى الخلق وعملها الصامت الدؤوب. والموقف المنطقي الوحيد هو ما أسماه إميل حبيبي "التشاؤل".
أنصح كل المتشائلين والمتشائلات بالعمل على تقوية تشاؤلهم بالتمعن في مقولة المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي: "التحديات هي التي تصنع الحضارات". من هذا المنظور ومنه فقط؛ يمكننا أن نحمد الله -الذي لا يُحمد على مكروه سواه- على ما "ننعم" به من مصائب، وعلى حجم التحديات التي تواجهنا.
Thursday, November 2, 2017
المرض السوري أيضاً
A VERY GOOD COMMENT
سلامة كيلة
Link
أيضاً أتحدث عن المرض السوري، حيث ظهر واضحاً أن الفكرة التي قبعت في أعماق أذهان النخب، وأطراف في المعارضة، تتمثل في أنه ليس ممكنا أن نسقط النظام، بالتالي لا بد من التدخل الخارجي. هذا التدخل تكرّس حتمية بلا منازع، ولم يجرِ التفكير في البدائل، حتى بعد أن سيطر الشعب على الشوارع. لا شك أن انسداد أفق التغيير مع القمع الشديد الذي مورس عقودا كان يفضي إلى البحث عن "خيارات أخرى"، هي في الواقع خارجية.
المشكل هنا تمثّل في سوء فهم سبب الانسداد، والعجز عن التغيير في مرحلة قوةالنظام واستقطابه قاعدة شعبية ليست صغيرة، ومن ثم قدرته على الهيمنة على البنى المجتمعية، وتشكيل "دولة قوية". كان المشكل في أن الشعب كان في غير وارد التغيير، لأنه "يستطيع العيش". وبالتالي، لم يكن في تناقض مع النظام. في هذه الوضعية، تصبح المعارضة هامشية، ويكون التغيير وهماً. ما فُهم من ذلك كله هو أن النظام جبروتي القوة، وأنه بنى أجهزة أمنية ضخمة، وذلك كله صحيح. بالتالي، كان التغيير وهماً، وهو الهم الذي تكسّرت عليه المعارضة في ثمانينات القرن العشرين، وهو الوهم نفسه الذي قلب الأمر، ليصبح التغيير غير ممكن، إلا بقوى خارجية.
من كل هذه "العقلية" لم تغيّر الثورة شيئاً. على العكس، زحفت أطراف في المعارضة لتحريض الخارج على التدخل، وانتظرت طويلاً هذا التدخل. وهي لا زالت تنتظر أن يغيّر الخارج (وهنا الدول الإمبريالية الغربية) مواقفه ويقوم بالتدخل. ولا شك في أن جهد المعارضة الخارجية كان ينصبّ طوال ست سنوات على تحقيق ذلك. ولهذا، ربطت ذاتها بهذه الدول، وباتت "تعمل لديها" بشكل أو بآخر.
ربما بات الأمر أكثر سوءاً، حيث وجدنا في الفترة الأخيرة كيف أن مواقف كثيرين من معارضي النظام من الأحزاب والنخب، تحدّدت من الانتخابات في البلدان "الغربية"، بحسب موقف المرشّح من الوضع السوري، أي هل يدعم "الشعب" السوري، أم يرفض دعمه. لهذا، كان الجو العام ضد دونالد ترامب مع هيلاري كلينتون، بالضبط لأن الأخيرة أشارت إلى التدخل أكثر في الشأن السوري، بينما أعلن ترامب أنه يدعم بشار الأسد. وحين نجح، أُصيب هؤلاء بكآبة، لكنهم سرعان ما أفاقوا منها، حينما تجاوز الأسد الخطوط الحمر، واستخدم الأسلحة الكيميائية، فرد ترامب بقصف قاعدة الشعيرات بالصواريخ، حيث بات ترامب مع "الشعب" السوري. ومن ثم تراجع الأمر، بعد أن ظهر التوافق الأميركي الروسي، وقبول أميركا خطوات روسيا.
في بريطانيا، كانت النخب مع المحافظين، لأن زعيم حزب العمال اليساري أقرب الى النظام السوري كما يقال، لكن ظهر أن حكومة المحافظين تخلت عن "شرط" رحيل الأسد، وتتكيّف مع القبول بما يقرّره الروس كذلك. أما في فرنسا، فقد حشد السوريون مع الرئيس إيمانويل ماكرون لأنه ضد الأسد، ولم يتعاطفوا مع ممثل اليسار في الانتخابات، ولا اليمين كذلك اللذين يدعمان الأسد بوضوح، على الرغم من التناقض "الجذري" بينهما. لكن ماكرون عاد وتخلى عن مواقفه، بحيث لا يعتبر أن الأسد عدو فرنسا، وأنه يمكن أن يبقى في المرحلة الانتقالية.
يُحدث ذلك كله الإحباط طبعاً، لكنه يشير إلى أن هذه المعارضة والنخب تنتظر من يقوم بـ "الواجب" نيابة عنها، فيما يتعلق بمصير الأسد. إنها تتعلق بقوى خارجية، لكي تحسم الصراع ضد الأسد وتعيدها إلى سورية، وإلى السلطة في سورية. لكن "كل العالم" الآن ليس معنيا برحيل الأسد، بل معني بما يمكن أن يحصل عليه من مصالح، حال انتهاء الصراع السوري. ولهذا، يتقارب من موسكو، لعله يحصد شيئاً ما، أو أنه يبيع لموسكو في سورية لكي يحصد في مكان آخر.
هذا الوضع، القائم على التعلق بدور قوى خارجية هو الذي سمح بهيمنة المجموعات السلفية "الجهادية" على الأرض.
سلامة كيلة
Link
أيضاً أتحدث عن المرض السوري، حيث ظهر واضحاً أن الفكرة التي قبعت في أعماق أذهان النخب، وأطراف في المعارضة، تتمثل في أنه ليس ممكنا أن نسقط النظام، بالتالي لا بد من التدخل الخارجي. هذا التدخل تكرّس حتمية بلا منازع، ولم يجرِ التفكير في البدائل، حتى بعد أن سيطر الشعب على الشوارع. لا شك أن انسداد أفق التغيير مع القمع الشديد الذي مورس عقودا كان يفضي إلى البحث عن "خيارات أخرى"، هي في الواقع خارجية.
المشكل هنا تمثّل في سوء فهم سبب الانسداد، والعجز عن التغيير في مرحلة قوةالنظام واستقطابه قاعدة شعبية ليست صغيرة، ومن ثم قدرته على الهيمنة على البنى المجتمعية، وتشكيل "دولة قوية". كان المشكل في أن الشعب كان في غير وارد التغيير، لأنه "يستطيع العيش". وبالتالي، لم يكن في تناقض مع النظام. في هذه الوضعية، تصبح المعارضة هامشية، ويكون التغيير وهماً. ما فُهم من ذلك كله هو أن النظام جبروتي القوة، وأنه بنى أجهزة أمنية ضخمة، وذلك كله صحيح. بالتالي، كان التغيير وهماً، وهو الهم الذي تكسّرت عليه المعارضة في ثمانينات القرن العشرين، وهو الوهم نفسه الذي قلب الأمر، ليصبح التغيير غير ممكن، إلا بقوى خارجية.
من كل هذه "العقلية" لم تغيّر الثورة شيئاً. على العكس، زحفت أطراف في المعارضة لتحريض الخارج على التدخل، وانتظرت طويلاً هذا التدخل. وهي لا زالت تنتظر أن يغيّر الخارج (وهنا الدول الإمبريالية الغربية) مواقفه ويقوم بالتدخل. ولا شك في أن جهد المعارضة الخارجية كان ينصبّ طوال ست سنوات على تحقيق ذلك. ولهذا، ربطت ذاتها بهذه الدول، وباتت "تعمل لديها" بشكل أو بآخر.
ربما بات الأمر أكثر سوءاً، حيث وجدنا في الفترة الأخيرة كيف أن مواقف كثيرين من معارضي النظام من الأحزاب والنخب، تحدّدت من الانتخابات في البلدان "الغربية"، بحسب موقف المرشّح من الوضع السوري، أي هل يدعم "الشعب" السوري، أم يرفض دعمه. لهذا، كان الجو العام ضد دونالد ترامب مع هيلاري كلينتون، بالضبط لأن الأخيرة أشارت إلى التدخل أكثر في الشأن السوري، بينما أعلن ترامب أنه يدعم بشار الأسد. وحين نجح، أُصيب هؤلاء بكآبة، لكنهم سرعان ما أفاقوا منها، حينما تجاوز الأسد الخطوط الحمر، واستخدم الأسلحة الكيميائية، فرد ترامب بقصف قاعدة الشعيرات بالصواريخ، حيث بات ترامب مع "الشعب" السوري. ومن ثم تراجع الأمر، بعد أن ظهر التوافق الأميركي الروسي، وقبول أميركا خطوات روسيا.
في بريطانيا، كانت النخب مع المحافظين، لأن زعيم حزب العمال اليساري أقرب الى النظام السوري كما يقال، لكن ظهر أن حكومة المحافظين تخلت عن "شرط" رحيل الأسد، وتتكيّف مع القبول بما يقرّره الروس كذلك. أما في فرنسا، فقد حشد السوريون مع الرئيس إيمانويل ماكرون لأنه ضد الأسد، ولم يتعاطفوا مع ممثل اليسار في الانتخابات، ولا اليمين كذلك اللذين يدعمان الأسد بوضوح، على الرغم من التناقض "الجذري" بينهما. لكن ماكرون عاد وتخلى عن مواقفه، بحيث لا يعتبر أن الأسد عدو فرنسا، وأنه يمكن أن يبقى في المرحلة الانتقالية.
يُحدث ذلك كله الإحباط طبعاً، لكنه يشير إلى أن هذه المعارضة والنخب تنتظر من يقوم بـ "الواجب" نيابة عنها، فيما يتعلق بمصير الأسد. إنها تتعلق بقوى خارجية، لكي تحسم الصراع ضد الأسد وتعيدها إلى سورية، وإلى السلطة في سورية. لكن "كل العالم" الآن ليس معنيا برحيل الأسد، بل معني بما يمكن أن يحصل عليه من مصالح، حال انتهاء الصراع السوري. ولهذا، يتقارب من موسكو، لعله يحصد شيئاً ما، أو أنه يبيع لموسكو في سورية لكي يحصد في مكان آخر.
هذا الوضع، القائم على التعلق بدور قوى خارجية هو الذي سمح بهيمنة المجموعات السلفية "الجهادية" على الأرض.
Wednesday, November 1, 2017
Tuesday, October 31, 2017
Monday, October 30, 2017
Dan Rather's Latest Comment
We are a nation of laws. President Donald Trump and all those around him who have not yet been named in an indictment have the presumption of innocence. As do those who have been arrested and not plead guilty. But what has unfolded today is the working of a very meticulous and seasoned prosecutor who is sending an unambiguous message. This is real. And a lot more is out there. The shock waves coursing through Washington and the world are only beginning.
Make no mistake, Bob Mueller almost assuredly knows a lot more than he has let on. He also knows how to unfold a prosecution, to turn up the heat, send shots across bows, and build a case up the ladder. The fact that he started with such big names is telling. The hints at other knowledge, and other people, in the indictment is a serious clue that many more shoes are likely to drop. The plea deal that was off the radar suggests there are names and actions that the public has yet to give scrutiny, but the Mueller team has been hard at work ferreting out. And the president reportedly fumes about a narrative he cannot control.
In Watergate, there was a growing sense of pressure. But the crime itself was rather contained. Here the crimes are allegedly widespread and strike at the very heart of our democratic institutions. There is a strong suggestion that there were active agents for the Russian government working inside the highest echelons of the Trump campaign. Let that sink in for a moment.
One thing to keep in mind is that the best prosecutors, a distinction with which Mueller is often credited, have a sense of timing and drama. But it is not only for public consumption. It is to uncover the deepest crimes committed and to bring those who perpetrated those crimes to justice.
Will Manafort flip? Will others? Who else does he have goods on? Are there other witnesses or people of interest cooperating? Somewhere in the bowels of Mueller's offices, his team are putting these pieces together.
This is likely but the first act of a play unlike any seen before in our nation's history.
تفاصيل مبادرة مصرية لإرساء "شراكة عربية إسرائيلية"وحلّ الصراع برعاية أميركية
صالح النعامي
Link
Link
كشف وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أوري سافير، النقاب عن أن مصرأعدت مبادرة تهدف إلى تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب "إرساء شراكة عربية إسرائيلية لمواجهة الإسلام المتطرف، برعاية أميركية".
وفي تقرير أعده ونشره اليوم موقع "يسرائيل بالس"، النسخة العبرية لموقع "المونتور"، نقل سافير عن دبلوماسي مصري قوله إن "المبادرة تجسد سعيا مصريا لاستغلال قوة الدفع التي أفضى إليها اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس".
وحسب الدبلوماسي المصري، فإن المبادرة المصرية تنص على:
أولا: استعداد الجامعة العربية للمشاركة في الجهود الهادفة لتسوية الصراع على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام للعام 2002؛ إلى جانب اعتراف الجامعة باتفاق المصالحة الفلسطيني، وأنها ترى في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وحدة سياسية واحدة.
ثانيا: تدعو الإدارة الأميركية إلى عقد مؤتمر في واشنطن بمشاركة الدولة العربية وإسرائيل، يهدف إلى مناقشة فرص تطبيق حل الدولتين ومواجهة الإرهاب.
ثالثا: يؤسس المؤتمر لانطلاق مفاوضات متعددة الأطراف، تشارك فيها بشكل خاص كل من مصر والأردن والسعودية وإسرائيل للتوافق على استراتيجية لمحاربة الإسلام المتطرف، وذلك على أساس الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أثناء قمة الرياض.
رابعا: يمثل الجانب الفلسطيني في المؤتمر وفد تشكله منظمة التحرير، وليس السلطة الفلسطينية، على أن تلتزم إسرائيل بتجميد الاستيطان أثناء المفاوضات، ويتعهد الفلسطينيون بوقف مظاهر التحريض على إسرائيل.
خامسا: مصر مستعدة للمساعدة في التوصل لترتيبات أمنية تفضي إلى تحسين فرص حل الصراع، من خلال إرسال قوات مصرية إلى كل من الضفة الغربية وقطاع غزة كقوة مراقبة في حال تم التوافق على صيغة للحل الدائم للصراع.
سادسا: تلتزم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات مادية للأطراف المشاركة في إنجاز التسوية السياسية للصراع والتعاون الإقليمي في مواجهة الإسلام المتطرف.
واستدرك الدبلوماسي المصري قائلا إن "الشروع في تطبيق هذه المبادرة يتوقف بشكل أساسي على إنجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية".
وذكر الدبلوماسي المصري أن "أحد الأسباب التي دفعت القاهرة إلى تكثيف جهودها لتحقيق المصالحة يتمثل في خشيتها من أن يفضي تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة إلى اندلاع مواجهة جديدة بين إسرائيل وحركة (حماس) تعزز من مكانة إيران في قطاع غزة".
وحسب الدبلوماسي المصري، فإن حرص القاهرة على إنجاز المصالحة يرمي أيضا إلى "تحسين قدرة نظام السيسي على مواجهة التحديات الأمنية في سيناء وتعزيز مكانة النظام الإقليمية".
وحسب المتحدث ذاته، فإن مصر حرصت على إطلاع الإدارة الأميركية باستمرار على مستجدات جهودها الهادفة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، "بسبب الحساسية التي تنظر بها واشنطن إلى حركة حماس، والتي تعد منظمة إرهابية، حسب التصنيف الأميركي".
وأوضح أن المبعوث الأميركي، جيسين غرينبليت، أبلغ الجانب المصري أن واشنطن تؤيد اتفاق المصالحة، بشرط ألا تشارك حماس في أية حكومة تتشكل كنتيجة لهذا الاتفاق، منوها إلى أن "هذا الشرط عادة ما تطرحه الولايات المتحدة في كل مرة تتدخل فيها القاهرة لإنجاز المصالحة الفلسطينية".
وأوضح أن المبعوث الأميركي، جيسين غرينبليت، أبلغ الجانب المصري أن واشنطن تؤيد اتفاق المصالحة، بشرط ألا تشارك حماس في أية حكومة تتشكل كنتيجة لهذا الاتفاق، منوها إلى أن "هذا الشرط عادة ما تطرحه الولايات المتحدة في كل مرة تتدخل فيها القاهرة لإنجاز المصالحة الفلسطينية".
وشدد الدبلوماسي المصري على أن "على رأس أولويات مصر في الوقت الحالي العمل على تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطيني، والتشاور مع الولايات المتحدة حول قضايا، مثل الانتخابات التشريعية والرئاسية في مناطق السلطة الفلسطينية، ومستقبل الجناح العسكري لحركة حماس".
وفي ما يتعلق بالموقف الإسرائيلي من المبادرة المصرية، قال سافير إن مسؤولا في الخارجية الإسرائيلية أبلغه "رفض تل أبيب المبادرة المصرية"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يرى أن "المؤتمر المقترح في واشنطن يجب أن يفضي فقط إلى اتفاق إقليمي حول محاربة الإرهاب الإسلامي ومواجهة إيران، دون التطرق لمسألة حل الصراع".
وشدد المصدر على أن "إسرائيل تشترط قبل مناقشة حل الصراع أن يتم إلغاء اتفاق المصالحة الفلسطيني، أو أن تتخلى حركة حماس عن سلاحها".
عن تحالفات اليمين السلطوي العربي
Link
خليل العناني
لا يتوقف اليمين السلطوي في العالم العربي عن البحث عن شركاء جدد، من أجل دعم بقائه واستئثاره بالسلطة، ولو على حساب شعوب المنطقة. ولا يجد رموز هذا اليمين السلطوي، نخباً وحكومات، حرجاً في التعاون، بل والتحالف، مع أطراف يمينية متطرّفة، معروفة بعدائها، واحتقارها الشديد، كل ما هو عربي وإسلامي. نشهد الآن تحالفاً قوياً، لم يعد خافياً على أحد، بين هذا اليمين السلطوي وأقرانه من اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل. وقد التقت مصالح هذه الأطراف على إعادة تشكيل المنطقة جذريا، بحيث تتوافق مع أهوائهم ومصالحهم. فمنذ تراجع موجة "الربيع العربي" منتصف عام 2013، بدأت ملامح التحالف القوي بين مراكز الثورة المضادة في أبوظبي والقاهرة والرياض وتل أبيب تتشكل، وتزداد حضوراً في الساحتين، الإقليمية والدولية، بغرض الإجهاز على ما تبقى من الربيع العربي. كما قامت هذه العواصم، ولا تزال، بالتنسيق والترتيب فيما بينها، من أجل قمع أي مطالب للتغيير، على غرار ما يحدث في مصر وسورية واليمن.
لم يعد التحالف بين هذا اليمين سراً، وإنما بات أمراً علنيا، بل وأحياناً مدعاة للتفاخر بين رموز هذا اليمين. لذا، لا غرابة أن يشيد رموز اليمين المتطرّف في الغرب بأقرانهم من العرب والمسلمين. ولا مفاجأة في أن يشيد المتطرّف ستيف بانون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. ولا اندهاش في أن يشارك الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودي، الأمير تركي الفيصل، مؤتمراً في نيويورك بتنسيق إسرائيلي وبحضور مدير جهاز الموساد السابق، إفرايم هليفي، إضافة إلى إسرائيليين آخرين، بينهم جنرال متقاعد.
ولا استغراب في أن يتبادل الجنرال عبد الفتاح السيسي الضحكات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة قبل شهر، وكأنهما صديقان بينهما علاقات تاريخية.
ولم يعد هناك شك في أن اليمين السلطوي العربي يسعى دوماً إلى ضمان دعم اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل تجاه تحركاته في المنطقة. فهل يبدو غريباً أن يلقى انقلاب مصر في يوليو/ تموز 2013 دعم هؤلاء الحلفاء اليمينيين الثلاثة؟ وهل كان في وسع اليمين السلطوي العربي أن ينال تأييد أميركا لمغامراته الإقليمية، من دون أن ينجح في ضمان تأييد اليمين المتطرف في أميركا وإسرائيل؟ وهل كان قرار هذا اليمين السلطوي بفرض الحصار على قطر قبل خمسة شهور وارداً، أو ممكنا، من دون أن يؤمن دعم أقرانه في اليمين المتطرّف له ولحصاره؟ وذلك على نحو ما قاله ستيف بانون، في كلمته أمام المؤتمر الذي عقده مركز هدسون قبل أيام، لمهاجمة قطر، إن حصار قطر تم التخطيط له قبل قمة الرياض الأميركية الإسلامية في مايو/ أيار الماضي.
لم تعد تحركات قوى اليمين المتطرف، العربية والغربية، تثير الحيرة أو الاستغراب، فما يجمعهم أكبر بكثير مما قد يفرّقهم. ولن تجد اختلافاً كبيراً في اللغة والمفردات التي يستخدمها هؤلاء جميعاً. فالحرب علي الإرهاب تعني، بالأساس، تصفية الخصوم السياسيين، ومكافحة الفكر المتطرّف تعني مكافحة كل من يدعو إلى الحرية والديمقراطية. والدعوة إلى إسلام وسطي معتدل تعني إسلاماً منبطحاً خالياً من أي مقاومة للظلم والقهر. يعتقد هؤلاء أن بإمكانهم إعادة تشكيل العقول العربية، وذلك من خلال هيمنتهم المطلقة على حقلي المال والإعلام. وهم مقتنعون بأن امتلاك القوة المادية والعسكرية يمثل الطريق الوحيدة الأنجع التي تجعل الشعوب العربية تذعن لها، وتقبل كل ما تفرضه الأنظمة السلطوية.
ليس التحالف بين العرب اليمينيين وأقرانهم الغربيين جديداً، فقد شهد التاريخ العربي الحديث حالات مشابهة، سواء إبان فترة الاستعمار أوائل القرن العشرين أو خلال العقود الماضية التي سبقت الربيع العربي بقليل. صحيح أن الأمر حالياً يأخذ أبعاداً غير مسبوقة، خصوصا وأنه يمس كل الثوابت العربية المعروفة، إلا أن الاختلاف في الدرجة، وليس في أصل التحالف والتقاء المصالح بين أطرافه.
في الوقت نفسه، تثير تمثلات العلاقة الحميمة بين اليمين السلطوي العربي ورموز وتيارات اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل أسئلة كثيرة بشأن مستقبل المنطقة العربية، وكيف يمكن مواجهة هذا التحالف الثلاثي الذي يعمل على إعادة تشكيل المنطقة، كي تسير وفق أجندته، وحسب هواه؟ وهل سترضخ الشعوب العربية لرغبات هذا التحالف اليميني؟ ما يبدو واضحاً أنه كلما حقق هذا اليمين انتصارات ومكاسب سياسية، ولو مؤقتة، كان ذلك دافعاً للشعوب لمقاومته ومواجهته، ولو بعد حين.
خليل العناني
لا يتوقف اليمين السلطوي في العالم العربي عن البحث عن شركاء جدد، من أجل دعم بقائه واستئثاره بالسلطة، ولو على حساب شعوب المنطقة. ولا يجد رموز هذا اليمين السلطوي، نخباً وحكومات، حرجاً في التعاون، بل والتحالف، مع أطراف يمينية متطرّفة، معروفة بعدائها، واحتقارها الشديد، كل ما هو عربي وإسلامي. نشهد الآن تحالفاً قوياً، لم يعد خافياً على أحد، بين هذا اليمين السلطوي وأقرانه من اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل. وقد التقت مصالح هذه الأطراف على إعادة تشكيل المنطقة جذريا، بحيث تتوافق مع أهوائهم ومصالحهم. فمنذ تراجع موجة "الربيع العربي" منتصف عام 2013، بدأت ملامح التحالف القوي بين مراكز الثورة المضادة في أبوظبي والقاهرة والرياض وتل أبيب تتشكل، وتزداد حضوراً في الساحتين، الإقليمية والدولية، بغرض الإجهاز على ما تبقى من الربيع العربي. كما قامت هذه العواصم، ولا تزال، بالتنسيق والترتيب فيما بينها، من أجل قمع أي مطالب للتغيير، على غرار ما يحدث في مصر وسورية واليمن.
لم يعد التحالف بين هذا اليمين سراً، وإنما بات أمراً علنيا، بل وأحياناً مدعاة للتفاخر بين رموز هذا اليمين. لذا، لا غرابة أن يشيد رموز اليمين المتطرّف في الغرب بأقرانهم من العرب والمسلمين. ولا مفاجأة في أن يشيد المتطرّف ستيف بانون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. ولا اندهاش في أن يشارك الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودي، الأمير تركي الفيصل، مؤتمراً في نيويورك بتنسيق إسرائيلي وبحضور مدير جهاز الموساد السابق، إفرايم هليفي، إضافة إلى إسرائيليين آخرين، بينهم جنرال متقاعد.
ولم يعد هناك شك في أن اليمين السلطوي العربي يسعى دوماً إلى ضمان دعم اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل تجاه تحركاته في المنطقة. فهل يبدو غريباً أن يلقى انقلاب مصر في يوليو/ تموز 2013 دعم هؤلاء الحلفاء اليمينيين الثلاثة؟ وهل كان في وسع اليمين السلطوي العربي أن ينال تأييد أميركا لمغامراته الإقليمية، من دون أن ينجح في ضمان تأييد اليمين المتطرف في أميركا وإسرائيل؟ وهل كان قرار هذا اليمين السلطوي بفرض الحصار على قطر قبل خمسة شهور وارداً، أو ممكنا، من دون أن يؤمن دعم أقرانه في اليمين المتطرّف له ولحصاره؟ وذلك على نحو ما قاله ستيف بانون، في كلمته أمام المؤتمر الذي عقده مركز هدسون قبل أيام، لمهاجمة قطر، إن حصار قطر تم التخطيط له قبل قمة الرياض الأميركية الإسلامية في مايو/ أيار الماضي.
لم تعد تحركات قوى اليمين المتطرف، العربية والغربية، تثير الحيرة أو الاستغراب، فما يجمعهم أكبر بكثير مما قد يفرّقهم. ولن تجد اختلافاً كبيراً في اللغة والمفردات التي يستخدمها هؤلاء جميعاً. فالحرب علي الإرهاب تعني، بالأساس، تصفية الخصوم السياسيين، ومكافحة الفكر المتطرّف تعني مكافحة كل من يدعو إلى الحرية والديمقراطية. والدعوة إلى إسلام وسطي معتدل تعني إسلاماً منبطحاً خالياً من أي مقاومة للظلم والقهر. يعتقد هؤلاء أن بإمكانهم إعادة تشكيل العقول العربية، وذلك من خلال هيمنتهم المطلقة على حقلي المال والإعلام. وهم مقتنعون بأن امتلاك القوة المادية والعسكرية يمثل الطريق الوحيدة الأنجع التي تجعل الشعوب العربية تذعن لها، وتقبل كل ما تفرضه الأنظمة السلطوية.
ليس التحالف بين العرب اليمينيين وأقرانهم الغربيين جديداً، فقد شهد التاريخ العربي الحديث حالات مشابهة، سواء إبان فترة الاستعمار أوائل القرن العشرين أو خلال العقود الماضية التي سبقت الربيع العربي بقليل. صحيح أن الأمر حالياً يأخذ أبعاداً غير مسبوقة، خصوصا وأنه يمس كل الثوابت العربية المعروفة، إلا أن الاختلاف في الدرجة، وليس في أصل التحالف والتقاء المصالح بين أطرافه.
في الوقت نفسه، تثير تمثلات العلاقة الحميمة بين اليمين السلطوي العربي ورموز وتيارات اليمين المتطرّف في أميركا وإسرائيل أسئلة كثيرة بشأن مستقبل المنطقة العربية، وكيف يمكن مواجهة هذا التحالف الثلاثي الذي يعمل على إعادة تشكيل المنطقة، كي تسير وفق أجندته، وحسب هواه؟ وهل سترضخ الشعوب العربية لرغبات هذا التحالف اليميني؟ ما يبدو واضحاً أنه كلما حقق هذا اليمين انتصارات ومكاسب سياسية، ولو مؤقتة، كان ذلك دافعاً للشعوب لمقاومته ومواجهته، ولو بعد حين.
Sunday, October 29, 2017
خاشقجي يكشف لـCNN كيف مُنع من الكتابة ولماذا غادر السعودية
Link
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- رأى الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، في مقابلة مع CNN، أنه "لا توجد حياة سياسية" في المملكة العربية السعودية، داعيا إلى مشاركة جميع قطاعات المجتمع في الإصلاح.
في الجزء الأول من المقابلة.. خاشقجي لـCNN: نريد سعودية بلا سلفية راديكالية.. ومحمد بن سلمان لا يحتاج قمع المعارضة
وعن منعه من الكتابة بعد تحذيره من تقرب السعودية بشدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال خاشقجي، المقيم في واشنطن حاليا: "تلقيت اتصالا هاتفيا يأمرني بالصمت دون حكم قضائي، من شخص في الديوان الملكي، مسؤول مقرب من القيادة يأمرني بالصمت. هذا جعلني أشعر بالإهانة. وهذا ما يمكن أن يحدث لأي سعودي آخر".
وأضاف: "أعرف الكثير من السعوديين الذين ذهبوا إلى أمن الدولة قبل اعتقالهم ووقعوا تعهدات بعدم معارضة الحكومة. هذه ليست السعودية التي يجب أن يسعى إليها، يجب أن يسعى إلى سعودية شاملة. لا يجب أن نتخلص من السلفية الراديكالية لنثير إعجاب الليبرالية الراديكالية أو مهما كان اسمها. الإصلاح هو أمر يجب أن تشارك فيه كل قطاعات المجتمع".
وعما إذا كان قد قرر مغادرة المملكة تجنبا للوقوع في مشكلة، قال خاشقجي: "بالضبط، وهذا هو سبب مغادرتي. ولسوء الحظ، بعد ذلك بشهر، قابلت صديقا هنا في واشنطن، عصام الزامل، وبعد يومين من عودته إلى السعودية تم القبض عليه، وهذا أكد قلقي، ولكن ما زلت أقول إننا لا نحتاج ذلك في السعودية. ليس أنا وليس عصام الزامل وليس سلمان العودة وليس أي شخص من السعوديين السبعين الذي جرى اعتقالهم خلال الأسابيع الستة الأخيرة".
وبسؤاله عن سبب حدوث ذلك طالما أنه يرى أن السلطات السعودية تتمتع بدعم للإصلاحات، قال خاشقجي: "ليس لدي إجابة جيدة على ذلك. لا أعلم، ربما لاحقا تخرج العديد من نظريات المؤامرة، ولكن نرى أن المعتقلين السبعين يأتون من اتجاهات مختلفة ولا ينتمون إلى منظمة واحدة".
وأضاف: "ليس لدينا بالفعل حياة سياسية في السعودية، الأحزاب ممنوعة، والمنظمات غير مسموح بها، لذلك ليس لدي إجابة جيدة فعلا". وتابع بالقول: "الشيء المشترك الوحيد بين هؤلاء الأشخاص هو أنهم مستقلون، ويعبرون عن قلقهم من قضية أو أخرى، ولكن هذا هو الطبيعي في أي مجتمع حر. يجب السماح للناس بالتعبير عن قلقهم ووجهات نظرهم بشأن أي قضية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية طالما أنهم لا يدعمون العنف ولا يدعون للعنف".
وكان خاشقجي أعلن عودته للكتابة والتغريد، في 13 أغسطس/ آب الماضي، بعد توقفه في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016. وقال: "الشكر لمعالي وزير الإعلام لمساعيه الطيبة والشكر والولاء متصلان لسمو ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان)، لا كُسر في عهده قلمٌ حر ولا سكت مغرد". وأثار توقف الإعلامي السعودي آنذاك علامات استفهام بين عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد معلومات غير مؤكدة تم تداولها حول منعه من الكتابة أو الظهور في المحطات الفضائية. وكان مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية قد أكد، في بيان، في 18 نوفمبر 2016، أن الكاتب "لا يمثل المملكة بأي صفة، وما يعبر عنه من آراء تعد شخصية ولا تمثل مواقف حكومة السعودية بأي شكل من الأشكال".
Subscribe to:
Posts (Atom)