"أطلق ناشطون وسياسيون ومثقفون مصريون، استعدادات مكثفة لمظاهرات حاشدة في الذكرى الأولى للثورة، التي توافق الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الجاري، وذلك للمطالبة برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة البلاد منذ تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، وللمطالبة كذلك بتسليم الحكم لسلطة مدنية.
وأعاد الناشطون نشر مقاطع فيديو على شبكة الإنترنت تظهر انتهاكات المجلس العسكري بحق المواطنين المصريين، والمتظاهرين السلميين منذ سقوط مبارك، والتي تتضمن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
كما نشرت ملصقات ورسومات جرافيتية في عدة أماكن مختلفة من البلاد ضمن حملة "عسكر كاذبون"، في إشارة إلى قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مطالبين برحيلهم فورا عن السلطة وعودة الجيش إلى ثكناته، ومؤكدين على سلمية الثورة.
ويوافق يوم الأربعاء المقبل، الذكرى السنوية الأولى لبدء موجة من الاحتجاجات استمرت 18 يوما، وأطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك (83 عاما)، الذي يخضع الآن للمحاكمة.
ملصقات ومناشير ورسومات جرافيتية
كما أكدت "الجبهة الحرة للتغيير السلمى"، على لسان منسقها العام، عصام الشريف، أنها سوف تقوم بطباعة وتوزيع نصف مليون منشور، بالاشتراك مع حركة شباب من أجل العدالة والحرية، وأنه سيتم توزيعها بميادين القاهرة وعدد من المحافظات للحشد من أجل يوم 25 يناير.
وواصلت حركة 6 أبريل كذلك نشاطها لتحفيز الشعب المصري للنزول للتظاهر يوم 25 يناير، وكشفت إنجي حمدي، عضو المكتب السياسي للحركة عن توزيع 750 ألف منشور لحملة "حافظوا على الجيش المصري"، لدعوة المواطنين للمشاركة يوم 25 يناير القادم، بجميع محافظات الجمهورية، لتحقيق مطلب واحد، وهو تسليم السلطة لمجلس الشعب المنتخب وعودة الجيش إلى ثكناته.
وأشارت إنجي إلى أن الحركة تستعد لتوزيع 100 ألف "بوستر" للمطالبة بتسليم السلطة، حتى لا يستغل الجيش في أي صراع سياسي.
المثقفون يشاركون في التظاهرات
ومن بين المثقفين الذين أعلنوا مشاركتهم في مظاهرات 25 يناير تأكيدا على استمرار الثورة، الشاعر عبد المنعم رمضان، والكاتبة سلوى بكر، والناقد الدكتور هيثم الحاج علي، والروائيين الدكتورين علاء الأسواني وبهاء عبد المجيد، والروائي طارئق إمام، وغيرهم.
وقال الإمام إنه سيشارك فى هذا اليوم لاستعادة الثورة لكي تنهض من جديد، خاصة بعد المحاولات التي استمرت طيلة الشهور الماضية لإجهاضها، واقترح إمام أن تستمر مظاهرات هذا اليوم حتى بعد انتهائه، حتى لا يقتصر الأمر على يوم واحد فقط، ولإجبار المجلس العسكري على تنفيذ مطالب الثورة.
"جمعة الحداد على الشهداء"
وشهد أمس الجمعة تظاهر مئات المصريين في ميدان التحرير بوسط القاهرة، تحت شعار "جمعة الحداد للشهداء"، في إطار الاستعدادات لإحياء الذكرى الأولى للثورة، وهتف المتظاهرون مطالبين باستكمال تحقيق مطالب الثورة، والقصاص لضحاياها، كما طالبوا بتسليم السلطة للمدنيين، ووقف المحاكمات العسكرية، وعبروا عن رفضهم بقاء المجلس العسكري في السلطة، وشددوا على إصرارهم على مواصلة التظاهر والاعتصام إلى حين تحقيق كافة مطالب الثورة.
ويقول النشطاء إنه رغم مرور عام كامل على الثورة المصرية، فإنه لا يوجد تغيير ملموس على الصعيدين السياسي والاقتصادي، لكنهم يواجهون تحديات لإيصال أهدافهم من الثورة الثانية إلى عامة المصريين، الذين سئموا من كثرة الاضطرابات والمظاهرات التي تقول الحكومة إنها تعطل عجلة الإنتاج، وتؤثر بشكل سلبي على اقتصاد البلاد.
رفض الاحتفال "بثورة غير مكتملة"
وتعهد المجلس العسكري في أكثر من مرة بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة، في موعد أقصاه نهاية يونيو/حزيران المقبل، كما أجريت انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل خلال شهرين، وحقق فيها الإسلاميون انتصارا كبيرا.
وأعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، عطلة رسمية للاحتفال بذكرى الثورة، الذي سيتضمن عروضا جوية وتوزيع هدايا، في وقت يرفض فيه شباب الثورة الاحتفال بما يصفونها بـ"ثورة غير مكتملة"، ويطالبون بمحاكمة كل من شارك في قتل المتظاهرين خلال الفترة التي تولى فيها المجلس إدارة أمور البلاد.
ويقول المجلس العسكري، برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، الذ كان وزيرا للدفاع في عهد مبارك، إنه ساند الثورة ضد النظام السابق، ويرى أن الثورة حققت الكثير من أهدافها بسقوط النظام ومحاكمة رموزه، وأن الوقت قد حان ليحظى المصريون بالاستقرار والأمن.
100 متظاهر قتلوا منذ سقوط مبارك وتم تحويل 12 ألف للمحاكمات العسكريّة
وفي المقابل، يقول منتقدو المجلس العسكري، إنه يحاول الحفاظ على الوضع الراهن، مع إجراء تعديلات حكومية طفيفة، فيما تستمر الانتهاكات على أيدي قوات الأمن، ويقولون إن ما يقارب 100 متظاهر قتلوا منذ سقوط مبارك، بعضهم دُهس بعربات مدرعة تابعة للجيش، فيما تم تحويل نحو 12000 من المدنيين للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية، وتعرضت متظاهرات لاختبارات العذرية.
ورغم أن الداعين إلى ثورة جديدة متفقون على ضرورة رحيل المجلس العسكري عن الحكم، فإنهم لا يزالون منقسمين بشأن ما إذا كان يجب تسليم السلطة لمجلس الشعب، أم إلى رئيس مدني منتخب، ويخشى البعض من أن تسليم السلطة إلى مجلس الشعب سيعزز سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التي حظيت، من خلال حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها، بالنصيب الأكبر من مقاعد المجلس في الانتخابات الأخيرة، مقابل إخفاق للتيارات والأحزاب الليبرالية.
جماعة الإخوان المسلمين انضمت إلى العسكري في الدعوة للاحتفالات
وانضمت جماعة الإخوان المسلمين إلى المجلس العسكري في الدعوة إلى احتفالات بمناسبة الذكرى الأولى للثورة، ما جعلهما على مسار تصادمي مع الحركات الشبابية التي تريد أن تجعل هذا اليوم مناسبة لاحتجاجات حاشدة.
ويخشى بعض المحللين من أن الجيش لن يترك الساحة السياسية بالكامل، ما لم تقدم جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب السياسية البارزة ضمانات بأنه لن يواجه محاسبة قانونية بشأن قتل محتجين.
ومن جانبها، تقول جماعة الإخوان المسلمين إن الحكام العسكريين سيحاسبون بعد تسليمهم السلطة لمدنيين عن أي أخطاء ارتكبت خلال الفترة التي تولوا فيها السلطة.
وقال المرشد العام للجماعة محمد بديع، في مقابلة تلفزيونية قبل أيام قليلة من أول جلسة لمجلس الشعب الجديد، إن ميزانية الجيش ستخضع لإشراف برلماني.
وتظهر جماعة الإخوان المسلمين تعاونا مع المجلس العسكري في الوقت الراهن، مما أثار شكوكا في احتمال موافقتها على اتفاق لتقاسم السلطة، لكن الجماعة ملتزمة في العلن بالإصلاحات الديمقراطية.
"