من أجل الغد لا الأمس
طلال سلمان
ليس لك مكان يا جمال عبد الناصر إلا في الميدان الذي خذلك نظامك فهزمك فيه قبل أن تهزمك إسرائيل، وقضيت وأنت تجتهد للعودة إليه" لكي تكفر عن أخطائك وعن <خيانتك> لمن أعطاك ثقته: الخطأ في التقدير الصحيح لقوة العدو، وفي التقييم الصحيح لموازين العلاقات الدولية، وفي التثبت مما يمكن أن يقدمه معك ولك <العرب>، أصدقاء وخصوماً، أعداء وحلفاء. هي فلسطين دائماً. هي إسرائيل أولاً وأخيراً، لأنها تختصر الكل، الأميركيين وعربهم، الانهزاميين من أهل السلطة وأهل المال والمتعبين من النضال.
هي فلسطين دائماً. هي رفض الهزيمة في مواجهة إسرائيل، لأن من يهزم في هذه المواجهة سيهزم في الميادين جميعاً: في التنمية والبناء والسعي إلى الازدهار والمنعة التي تحمي استقلال الإرادة. الهزيمة تجيء من الخلف وليس من مواجهة العدو. تجيء من قهر الشعب وعزله وإبعاده عن القرار الذي سيتحمّل أعباءه جميعاً. الهزيمة في القلب وفي الفكر الذي يرى في الالتحاق بالغير تقدماً وفي استعارة الأثواب الجاهزة دليل غنى. العجز ليس مغارة الأمان. لا مجال لأن تهرب من عدو يملأ عليك الحاضر والمستقبل ويعزلك عن العصر.. بل هو يعزلك عن ذاتك، عن أهلك، عن الدنيا، ويجعلك متسولاً تطلب نتفة من حقك فترفض عروضك للتنازل، لأن من يفرّط بالجزء يفرّط بالكل. إذا كنت تستطيع أن ترفع رأسك، يا أخي، فلماذا تخفضه بالإذلال؟
No comments:
Post a Comment