فقراء غزة واسطورة الميركافا
"يبدو ان الحكومة الاسرائيلية قد قررت تأجيل تنفيذ خططها العسكرية بخصوص اجتياح قطاع غزة، وفضلت مواصلة اجتياحات مصغرة، وعمليات الاغتيال التي تستهدف النشطاء من فصائل المقاومة في القطاع كرد علي قصف مستوطنات اسرائيلية بالصواريخ.
التأجيل يعود الي عدة اسباب، ابرزها الخوف من النتائج التي يمكن ان تترتب عليه، سواء علي صعيد الخسائر في صفوف القوات الاسرائيلية اولا، والغضبة العالمية المتوقعة كرد علي مجازر يمكن ان ترتكبها هذه القوات في حق المدنيين العزل.
ميزان القوي العسكري يميل بشكل قوي لصالح المؤسسة العسكرية الاسرائيلية المدججة باحدث الاسلحة والعتاد الحربي من دبابات وطائرات وصواريخ، فالفصائل الفلسطينية، وبفعل الحصار العربي الخانق المفروض عليها لا تملك الاسلحة الكفيلة بمواجهة الجيوش الاسرائيلية الجرارة، ولكنها تستطيع ان تلحق بها خسائر جسيمة في حال اندلعت المواجهات.
بالامس اعترف المحللون العسكريون الاسرائيليون بان المقاومين الفلسطينيين نجحوا في اعطاب اسطورة دبابة ميركافا الاسرائيلية العملاقة، عندما اطلقوا عليها قذيفة آر بي جي برأسين نجحت في اختراقها واصابة اربعة جنود كانوا يتحصنون داخل قفصها الحديدي المصفح.
دبابة الميركافا تعتبر قلعة حصينة، وفخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية، ولكنها عجزت عن قهر ارادة مجموعة من الشباب الفلسطيني، عرفوا كيف يتعاملون معها بفاعلية عندما اقتحمت قبل يومين منطقة رفح الجنوبية من القطاع لضرب مواقع للمقاومة.
فالعقل الفلسطيني المقاوم الذي اخترع الصواريخ وطور مداها ودقة اصاباتها، نجح هذه المرة في تطوير القذائف المضادة للدبابات، بحيث يضع حدا لاسطورة الميركافا وينهي جزئيا علي الاقل تفوقها في ميدان المعركة غير المتكافئة.
ومن المفارقة ان رجال المقاومة استطاعوا قبل عامين، وفي اجتياح آخر لمدينة رفح اصابة دبابة ميركافا اخري بقذيفة مماثلة، وقتلوا اربعة من الجنود الذين كانوا يتحصنون فيها.
ابناء قطاع غزة سيتصدون لأي اجتياح اسرائيلي للقطاع، مثلما تصدي اشقاؤهم لاجتياح آخر لمخيم جنين، وكلفوا الجيش الاسرائيلي ستة وعشرين قتيلا، وضعفهم من الجرحي في معركة صمود اسطورية استمرت حوالي عشرة ايام. ولن يكون مفاجئا بالنسبة الينا اذا ما ادي هذا الاجتياح في حالة حدوثه الي توحيد الصف الفلسطيني مجددا علي ارضية المقاومة والصمود.
فاذا كان الاستيلاء علي مخيم جنين الذي لا تزيد مساحته عن كيلومتر مربع استغرق عشرة ايام وكلف الجيش الاسرائيلي هذا العدد من القتلي والجرحي، فكم من الوقت سيستغرق اجتياح قطاع غزة الذي تزيد مساحته عن 360 كيلومترا مربعا، ويضم اكبر مستودع تطرف بشري علي وجه الخليقة؟
لا نريد ان نضخم من قدرات المقاومة الفلسطينية في القطاع، او ان نصورها كما لو انها ند للقوات الاسرائيلية، ولكن هذا لا يعني ان نقلل في الوقت نفسه من رجولة وشهامة ابناء الشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والعدوان، وفي ظل صمت عربي مخجل، خاصة من قبل الحكومات التي هرولت للمشاركة في مؤتمر انابوليس للسلام.
فاعمال التوغل والاغتيال التي تواصلها القوات الاسرائيلية في القطاع باوامر مباشرة من ايهود باراك وزير الدفاع ومباركة ايهود اولمرت رئيس الحكومة، لم ترهب فصائل المقاومة، ولم تمنعها من اطلاق صواريخها علي مستوطنة سديروت، وهي الصواريخ التي فاق عددها الاربعين في الايام الثلاثة الماضية واجبرت رئيس بلدية المستوطنة علي الاستقالة احتجاجا.
الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة اذا حدث سيكون مكلفا جدا لحكومة اولمرت ولوزير دفاعها باراك."
No comments:
Post a Comment