تحريضات كيسنجر ضد الخليج
عبد الباري عطوان
".....
ولكن ان يأتي الحسد هذه المرة، وفي ابشع صوره، من شخص مثل الدكتور هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية الاسبق، ويأخذ طابعا تحريضيا صرفا ضد هذه الدول بسبب ما يتراكم لديها من عوائد نفطية متضخمة، فإن الامر يحتاج الى وقفة تأمل جدية، لبحث العواقب والاهداف التي تكمن خلف هذا التحريض، للعمل على التصدي لها، أو التدبر بشأنها، لتقليص الخسائر اذا لم يتأت منعها.
العالم الغربي الرأسمالي يعيش اليوم أزمات اقتصادية هي الاضخم منذ الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى قبل مئة عام تقريبا، وبالتحديد في العشرينات من القرن الماضي، فالنظام المصرفي الذي هو العصب الرئيسي للاقتصاد الرأسمالي، يواجه الانهيار الكامل، الامر الذي دفع الادارة الامريكية لضخ سبعمئة مليار دولار لانقاذه، والاسواق المالية المرتبطة به، وهذا لا يعني ان الانهيار سيتوقف، حسب فتاوى الخبراء الاقتصاديين الغربيين انفسهم.
الخطورة لا تكمن في انهيار النظام المصرفي الغربي الرأسمالي وانعكاساته على الاقتصاديات العربية المرتبطة به فقط، فهذا امر متوقع في ظل العولمة الاقتصادية، وانتصار مفهوم اقتصاد السوق، ولكنها تكمن ايضا في محاولة تحميل الدول العربية، والنفطية منها بالذات، مسؤولية هذا الانهيار، تماما مثلما حدث في اوائل السبعينات من القرن الماضي، عندما ادت حرب اكتوبر (رمضان) التي نقترب من ذكراها الخامسة عشرة، الى ارتفاع اسعار النفط عدة اضعاف بعد القرار العربي التاريخي باستخدام هذه السلعة الاستراتيجية كسلاح في الحرب، لدعم دول المواجهة العربية التي ارادت استرداد الكرامة العربية المهدورة في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، ومحو آثار الهزيمة ولو جزئيا.
فعندما يقول هنري كيسنجر في مقالته التي نشرتها صحيفة 'الهيرالد تريبيون' الامريكية، ان ارتفاع اسعار النفط مؤخرا ادى الى نشوء اكبر ظاهرة في التاريخ لانتقال الثروات من منطقة بالعالم (الغرب) الى اخرى (دول اوبك)، الامر الذي ستكون له آثار سياسية مستقبلية يجب التصدي لها مبكرا من خلال تشكيل تحالف من الدول الصناعية الكبرى يكسر احتكار منظمة 'اوبك' لعملية التحكم بالانتاج والاسعار، واستخدام ارصدتها المالية الضخمة للابتزاز السياسي والاقتصادي.
عندما يقول كيسنجر هذا الكلام التحريضي، فإن هذا يعني ان هناك تيارا يتبلور لاعلان 'حرب ما' ضد الدول العربية والاسلامية التي تشكل العمود الفقري لمنظومة 'اوبك'.
كيسنجر يُعتبر 'الاب الروحي' للمحافظين الجدد، وكان، بل ولا يزال، من ابرز المحرضين على الحروب ضد العرب والمسلمين، وكان طالب في مرحلة السبعينات بتشكيل 'قوات للتدخل السريع' من اجل احتلال منابع النفط في منطقة الخليج على وجه الخصوص، ومارس ارهابا نفسيا على الدول العربية في حينها، واستخدم العبارات الحالية نفسها، عندما انتقد بشدة تراكم الثروات العربية في ايدي 'دول ضعيفة'، وخرج بنظرية مفادها حتمية 'تدوير العوائد النفطية' اي كيفية عودتها الى الغرب على شكل شراء صفقات اسلحة او منتوجات غربية.
لا ننسى ايضا ان كيسنجر نفسه طالب باستخدام 'سلاح القمح' في مواجهة 'سلاح النفط' لتجويع الدول النفطية،
....
....."
عبد الباري عطوان
".....
ولكن ان يأتي الحسد هذه المرة، وفي ابشع صوره، من شخص مثل الدكتور هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية الاسبق، ويأخذ طابعا تحريضيا صرفا ضد هذه الدول بسبب ما يتراكم لديها من عوائد نفطية متضخمة، فإن الامر يحتاج الى وقفة تأمل جدية، لبحث العواقب والاهداف التي تكمن خلف هذا التحريض، للعمل على التصدي لها، أو التدبر بشأنها، لتقليص الخسائر اذا لم يتأت منعها.
العالم الغربي الرأسمالي يعيش اليوم أزمات اقتصادية هي الاضخم منذ الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى قبل مئة عام تقريبا، وبالتحديد في العشرينات من القرن الماضي، فالنظام المصرفي الذي هو العصب الرئيسي للاقتصاد الرأسمالي، يواجه الانهيار الكامل، الامر الذي دفع الادارة الامريكية لضخ سبعمئة مليار دولار لانقاذه، والاسواق المالية المرتبطة به، وهذا لا يعني ان الانهيار سيتوقف، حسب فتاوى الخبراء الاقتصاديين الغربيين انفسهم.
الخطورة لا تكمن في انهيار النظام المصرفي الغربي الرأسمالي وانعكاساته على الاقتصاديات العربية المرتبطة به فقط، فهذا امر متوقع في ظل العولمة الاقتصادية، وانتصار مفهوم اقتصاد السوق، ولكنها تكمن ايضا في محاولة تحميل الدول العربية، والنفطية منها بالذات، مسؤولية هذا الانهيار، تماما مثلما حدث في اوائل السبعينات من القرن الماضي، عندما ادت حرب اكتوبر (رمضان) التي نقترب من ذكراها الخامسة عشرة، الى ارتفاع اسعار النفط عدة اضعاف بعد القرار العربي التاريخي باستخدام هذه السلعة الاستراتيجية كسلاح في الحرب، لدعم دول المواجهة العربية التي ارادت استرداد الكرامة العربية المهدورة في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، ومحو آثار الهزيمة ولو جزئيا.
فعندما يقول هنري كيسنجر في مقالته التي نشرتها صحيفة 'الهيرالد تريبيون' الامريكية، ان ارتفاع اسعار النفط مؤخرا ادى الى نشوء اكبر ظاهرة في التاريخ لانتقال الثروات من منطقة بالعالم (الغرب) الى اخرى (دول اوبك)، الامر الذي ستكون له آثار سياسية مستقبلية يجب التصدي لها مبكرا من خلال تشكيل تحالف من الدول الصناعية الكبرى يكسر احتكار منظمة 'اوبك' لعملية التحكم بالانتاج والاسعار، واستخدام ارصدتها المالية الضخمة للابتزاز السياسي والاقتصادي.
عندما يقول كيسنجر هذا الكلام التحريضي، فإن هذا يعني ان هناك تيارا يتبلور لاعلان 'حرب ما' ضد الدول العربية والاسلامية التي تشكل العمود الفقري لمنظومة 'اوبك'.
كيسنجر يُعتبر 'الاب الروحي' للمحافظين الجدد، وكان، بل ولا يزال، من ابرز المحرضين على الحروب ضد العرب والمسلمين، وكان طالب في مرحلة السبعينات بتشكيل 'قوات للتدخل السريع' من اجل احتلال منابع النفط في منطقة الخليج على وجه الخصوص، ومارس ارهابا نفسيا على الدول العربية في حينها، واستخدم العبارات الحالية نفسها، عندما انتقد بشدة تراكم الثروات العربية في ايدي 'دول ضعيفة'، وخرج بنظرية مفادها حتمية 'تدوير العوائد النفطية' اي كيفية عودتها الى الغرب على شكل شراء صفقات اسلحة او منتوجات غربية.
لا ننسى ايضا ان كيسنجر نفسه طالب باستخدام 'سلاح القمح' في مواجهة 'سلاح النفط' لتجويع الدول النفطية،
....
....."
No comments:
Post a Comment