فضائيات المقاومة مهددة عربيا وامريكيا
رأي القدس
"يعقد خبراء الاعلام العربي اجتماعا في القاهرة اليوم للبحث في قرار الكونغرس الامريكي معاقبة الاقمار الاصطناعية العربية التي تسمح ببث قنوات تعتبرها واشنطن معادية لها، ولكن من غير المتوقع ان يأخذ هؤلاء موقفا من شأنه التصدي لمثل هذا الاجراء الامريكي، لان معظم الحكومات العربية، لا تختلف مع قرار الكونغرس هذا، بل تؤيده، خاصة ان القنوات المستهدفة مثل 'المنار' و'العالم' و'الحوار' و'الرافدين' و'الاقصى'، وبدرجة اقل 'الجزيرة'، ليست مقبولة من قبل هذه الحكومات.
فخبراء الجامعة العربية هم آخر من يحق له الحديث عن حرية الاعلام العربي، او التصدي لمثل هذا القرار الامريكي الجائر المكمم للحريات، لان مجلس وزراء الاعلام العرب التابع للجامعة ودولها، هو الذي تبنى 'وثيقة الفضائيات' في شباط (فبراير) عام 2008، تحت مسمى 'ميثاق الشرف الاعلامي العربي' التي ادى تطبيقها الى اغلاق عدد من الفضائيات، ومنع اخرى من البث على القمر المصري 'النايل سات' والعربي 'عرب سات'.
وزراء الاعلام العرب اقروا مجموعة من الخطوات العقابية للقنوات الفضائية التي تنتقد الزعماء، وتتحدث عن فسادهم، مثل اغلاق مكاتبها، وازالتها من الاقمار الصناعية العربية، وفرض غرامات كبيرة عليها، ولم يتحفظ على هذه الخطوات الا ثلاث دول عربية فقط، هي لبنان وقطر والجزائر.
وربما لا نبالغ اذا قلنا ان 'جهود' وزراء الاعلام العرب لقمع الحريات، وتكميم الافواه، وفرض سياسات الاقصاء والقوائم السوداء، هي التي شجعت الكونغرس على اتخاذ الاجراءات العقابية ضد القنوات التي يقول انها تحرض ضد الامريكيين.
فهناك مصلحة مشتركة بين الادارات والمؤسسات الامريكية والحكومات العربية في 'تدجين' الاعلام العربي وترويضه، لان معظم الانظمة العربية، و'المعتدلة' منها على وجه الخصوص، منخرطة بالكامل في الحروب الامريكية في العراق وافغانستان، وما يسمى بالحرب على الارهاب.
التحريض على القتل والارهاب من وجهة نظر الامريكيين هو مساندة المقاومة لمشاريع الهيمنة الامريكية. ومن المؤسف ان الغالبية الساحقة من الانظمة العربية ضد ثقافة المقاومة والحركات التي تتبناها، ابتداء من طالبان في افغانستان وانتهاء بحركتي 'حماس' و'الجهاد الاسلامي' و'كتائب شهداء الاقصى' وباقي فصائل المقاومة الاخرى في فلسطين المحتلة.
ومن المفارقة ان الكونغرس الامريكي الذي اتخذ موقفاً مؤيداً لشركة 'غوغل' ومعارضا بشدة للحكومة الصينية في المعركة الدائرة بين الجانبين حول حرية المعلومات، يساند بقوة، اي الكونغرس تكميم الاعلام العربي، ومصادرة حريات التعبير ويصدر تشريعات تثبت هذا التوجه المخجل الذي يتناقض مع كل المحاضرات الامريكية والغربية حول الديمقراطية، وحقوق الانسان والحريات بشكل عام.
الحكومات العربية الصديقة للولايات المتحدة تصادر وتحجب آلاف المواقع على الانترنت لانها تنتقد فسادها وديكتاتوريتها، ولم نسمع مطلقاً ان الادارة الامريكية احتجت على هذه الخطوات القمعية، ولكنها، اي الولايات المتحدة، تشن حملة شعواء ضد الصين لانها فرضت رقابة على محرك البحث 'غوغل'.
اننا نعيش مرحلة قمعية سوداء للاعلام العربي، والحد منه على وجه الخصوص، ومن المؤسف ان هذه المرحلة مرشحة لكي تصبح اكثر سواداً في الأشهر او الاعوام المقبلة، خاصة اذا قررت امريكا واسرائيل حسم بعض الملفات العالقة، خاصة في لبنان (حزب الله)، وقطاع غزة (حماس) بالطرق العسكرية. فالتحالف العربي الرسمي مع الكونغرس الامريكي ضد 'الرأي الآخر' يقوى ويتصلب ويستعد لاخماد ما تبقى من اصوات تقول نعم للمقاومة ولا للجدران الفولاذية، والحصارات الخانقة، والاحتلالات الامريكية والاسرائيلية."
No comments:
Post a Comment