المعارضة السورية واختراق ليفي
عبد الباري عطوان
"برنارد ليفي كاتب وفيلسوف صهيوني فرنسي يتباهى بصداقاته مع القادة الاسرائيليين، والمتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خاصة مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، وايهود باراك وزير دفاعه، ويعتبر حركة 'حماس' المنتخبة من الشعب الفلسطيني حركة 'ارهابية'، ويدافع بشراسة عن الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، والعدوان الدموي على قطاع غزة.
المستر ليفي نصّب نفسه أبا روحيا للثورات العربية، رغم ان الثورة الوحيدة التي رحبت به وفتحت له ابواب قلبها وعاصمتها بنغازي، هي الثورة الليبية، بينما رفضته وترفضه كل الثورات الاخرى، بما في ذلك ثورة الشعب التونسي المجيدة الرائدة التي اطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي الديكتاتوري، فلم يسمح له ثوار تونس، الذين يعرفونه جيدا، ويصرّون على فرض محاربة التطبيع واشكاله كافة مع اسرائيل، كبند في الدستور الجديد، لم يسمحوا له بان يطأ تراب بلادهم الطاهر.
بعد ان افسد المستر ليفي الثورة الليبية، ونقل باسم مجلسها الوطني الانتقالي رسالة الى بنيامين نتنياهو تتضمن عرضا ضمنيا بالاعتراف والتطبيع، ها هو يحاول افساد الانتفاضة السورية وتلويثها من خلال ركوب موجتها، والترويج لمؤتمر يعقد حول سورية في باريس، بحضور عدد من رؤساء الوزراء ووزراء خارجية فرنسا السابقين، وبعض المعارضين السوريين، خاصة من اعضاء اللجنة التنفيذية لمؤتمر انطاليا،. وقد احسن عدد كبير من هؤلاء المعارضين صنعا عندما تنبهوا الى خطورة هذه المصيدة وقرروا مقاطعة هذا المؤتمر المشبوه. فليفي هذا من اشد الداعين لتدخل حلف الناتو لدعم الثورات العربية تحت ذرائع عديدة.
....
توقيت تحرك المستر ليفي يفضح اهداف مؤتمره هذا، مثلما يفضح انتماءات وهويات كل الذين قبلوا دعوته للمشاركة، فهؤلاء يسعون لتأسيس 'كونترا' سورية، ويخططون للاستعانة بقوات حلف الناتو لتدمير بلدهم، ووضعها تحت الوصاية الاستعمارية مجددا لعشرات السنوات القادمة. فليس صدفة ان يتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع صدور القرار الظني المتعلق بمحكمة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، بعد تأجيل متعمد استمر لأكثر من سبعة اشهر، وبهدف اشعال نيران فتنة طائفية ومذهبية في لبنان تمتد الى سورية لاحقا.
الشعب السوري، في الحكم او المعارضة، في الداخل او الخارج، يجب ان يكون على درجة كبيرة من الوعي بالمؤامرات الخارجية التي تحاك له في غرف اجهزة الاستخبارات المغلقة، لتدمير انتفاضته، وتمزيق وحدته الوطنية والترابية، وبما يخدم في نهاية المطاف الاحتلال الاسرائيلي، والمخطط الامريكي في الهيمنة ونهب الثروات العربية.
إننا امام محاولات شرسة لتفتيت صفوف المعارضة السورية، وخلق البلبلة في أوساطها، من خلال إغراقها في 'حرب المؤتمرات' واتهامات 'التخوين'، والمواجهات السياسية والاعلامية، ومن المؤسف ان بعض المحسوبين كذباً على هذه المعارضة يساهمون في انجاح هذه المخططات، وبسوء نية في معظم الاحيان.
....
الحوار المطلوب حالياً هو بين اطياف المعارضة السورية نفسها لتوحـــيد صفوفها، وأول خطـــوة على هذا الطــــريق التـــرفع عن كل اشكال تضـــخم 'الانا'، واقصـــاء الآخر، والتشكــيك بأهدافه ونواياه. فكيف يمكن ان تؤسس المعارضة للبديل الديمقراطي، وبما يرتقي لتضحيات الشهداء، والكثير من قياداتها ترفض الفكر الآخر، او الشخص الآخر، او المؤتمر الآخر؟
سورية تقترب كثيراً جداً من فجر التغيير الحقيقي، فالنظام يزداد ضعفاً كلما ارتفع عدد ضحايا حلوله الامنية الدموية، والمعارضة تزداد قوة ومناعة كلما تحلت بالعقلانية والتواضع، وابتعدت عن اشكال التشنج كافة، ووضعت مصلحة سورية التي هي للجميع، فوق جميع الاعتبارات الاخرى.
لفظ برنارد هنري ليفي ومؤتمراته، هو خطوة كبيرة نحو الوصول الى هذا الهدف، وافشال كل المخططات التي تريد حرف الثورات العربية عن اهدافها، وتحويلها الى حروب اهلية طائفية او قبلية او مناطقية، وصولاً الى التغيير المسيطَر عليه غربياً، على حد وصف طوني بلير، المنظر الاكبر للاستعمار الجديد، وصديق اسرائيل الحميم.
"
عبد الباري عطوان
"برنارد ليفي كاتب وفيلسوف صهيوني فرنسي يتباهى بصداقاته مع القادة الاسرائيليين، والمتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خاصة مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، وايهود باراك وزير دفاعه، ويعتبر حركة 'حماس' المنتخبة من الشعب الفلسطيني حركة 'ارهابية'، ويدافع بشراسة عن الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، والعدوان الدموي على قطاع غزة.
المستر ليفي نصّب نفسه أبا روحيا للثورات العربية، رغم ان الثورة الوحيدة التي رحبت به وفتحت له ابواب قلبها وعاصمتها بنغازي، هي الثورة الليبية، بينما رفضته وترفضه كل الثورات الاخرى، بما في ذلك ثورة الشعب التونسي المجيدة الرائدة التي اطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي الديكتاتوري، فلم يسمح له ثوار تونس، الذين يعرفونه جيدا، ويصرّون على فرض محاربة التطبيع واشكاله كافة مع اسرائيل، كبند في الدستور الجديد، لم يسمحوا له بان يطأ تراب بلادهم الطاهر.
بعد ان افسد المستر ليفي الثورة الليبية، ونقل باسم مجلسها الوطني الانتقالي رسالة الى بنيامين نتنياهو تتضمن عرضا ضمنيا بالاعتراف والتطبيع، ها هو يحاول افساد الانتفاضة السورية وتلويثها من خلال ركوب موجتها، والترويج لمؤتمر يعقد حول سورية في باريس، بحضور عدد من رؤساء الوزراء ووزراء خارجية فرنسا السابقين، وبعض المعارضين السوريين، خاصة من اعضاء اللجنة التنفيذية لمؤتمر انطاليا،. وقد احسن عدد كبير من هؤلاء المعارضين صنعا عندما تنبهوا الى خطورة هذه المصيدة وقرروا مقاطعة هذا المؤتمر المشبوه. فليفي هذا من اشد الداعين لتدخل حلف الناتو لدعم الثورات العربية تحت ذرائع عديدة.
....
توقيت تحرك المستر ليفي يفضح اهداف مؤتمره هذا، مثلما يفضح انتماءات وهويات كل الذين قبلوا دعوته للمشاركة، فهؤلاء يسعون لتأسيس 'كونترا' سورية، ويخططون للاستعانة بقوات حلف الناتو لتدمير بلدهم، ووضعها تحت الوصاية الاستعمارية مجددا لعشرات السنوات القادمة. فليس صدفة ان يتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع صدور القرار الظني المتعلق بمحكمة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، بعد تأجيل متعمد استمر لأكثر من سبعة اشهر، وبهدف اشعال نيران فتنة طائفية ومذهبية في لبنان تمتد الى سورية لاحقا.
الشعب السوري، في الحكم او المعارضة، في الداخل او الخارج، يجب ان يكون على درجة كبيرة من الوعي بالمؤامرات الخارجية التي تحاك له في غرف اجهزة الاستخبارات المغلقة، لتدمير انتفاضته، وتمزيق وحدته الوطنية والترابية، وبما يخدم في نهاية المطاف الاحتلال الاسرائيلي، والمخطط الامريكي في الهيمنة ونهب الثروات العربية.
إننا امام محاولات شرسة لتفتيت صفوف المعارضة السورية، وخلق البلبلة في أوساطها، من خلال إغراقها في 'حرب المؤتمرات' واتهامات 'التخوين'، والمواجهات السياسية والاعلامية، ومن المؤسف ان بعض المحسوبين كذباً على هذه المعارضة يساهمون في انجاح هذه المخططات، وبسوء نية في معظم الاحيان.
....
الحوار المطلوب حالياً هو بين اطياف المعارضة السورية نفسها لتوحـــيد صفوفها، وأول خطـــوة على هذا الطــــريق التـــرفع عن كل اشكال تضـــخم 'الانا'، واقصـــاء الآخر، والتشكــيك بأهدافه ونواياه. فكيف يمكن ان تؤسس المعارضة للبديل الديمقراطي، وبما يرتقي لتضحيات الشهداء، والكثير من قياداتها ترفض الفكر الآخر، او الشخص الآخر، او المؤتمر الآخر؟
سورية تقترب كثيراً جداً من فجر التغيير الحقيقي، فالنظام يزداد ضعفاً كلما ارتفع عدد ضحايا حلوله الامنية الدموية، والمعارضة تزداد قوة ومناعة كلما تحلت بالعقلانية والتواضع، وابتعدت عن اشكال التشنج كافة، ووضعت مصلحة سورية التي هي للجميع، فوق جميع الاعتبارات الاخرى.
لفظ برنارد هنري ليفي ومؤتمراته، هو خطوة كبيرة نحو الوصول الى هذا الهدف، وافشال كل المخططات التي تريد حرف الثورات العربية عن اهدافها، وتحويلها الى حروب اهلية طائفية او قبلية او مناطقية، وصولاً الى التغيير المسيطَر عليه غربياً، على حد وصف طوني بلير، المنظر الاكبر للاستعمار الجديد، وصديق اسرائيل الحميم.
"
No comments:
Post a Comment