يرى مراقبون أن النظام السوري يحضر لفصل جديد بعد انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" من مخيم اليرموك، جنوبي العاصمة دمشق، ففي الوقت الذي أعلنت خلاله فصائل معارضة سورية "جيش الإسلام والفيلق الأول" القضاء على مجموعات تنظيم "داعش" المتمركزة في أحياء دمشق الشمالية وخروجها الكامل من مخيم اليرموك، يستمر نظام الأسد بالقصف والحصار المستمر منذ أكثر من 650 يوماً على المخيم.
ويقول مسؤول ملف الفلسطينيين في الحكومة السورية المؤقتة، أيمن أبو هاشم، إنه "منذ دخول داعش إلى مخيم اليرموك وانسحابه غير الكامل منه، ثمة فصل جديد هو الأخطر على مصير المخيم، ليس فقط لما وفرته شماعة داعش من تصعيد النظام لحربه ضد المدنيين الصامدين في المخيم، وإنما شروعه عملياً في تنفيذ خطة إخلاء المخيم من ساكنيه، وذلك من خلال وسائل وخطوات متزامنة تصب في هذا الاتجاه".
ومن أبرز هذه الوسائل، لجوء النظام إلى قصف المخيم بالبراميل المتفجرة بصورة غير مسبوقة، بهدف تدمير ما تبقى من بيوته، وترويع من صمدوا في مواجهة أعتى حصار فرضه النظام على المخيم منذ اثنين وعشرين شهراً، لم تشهد له مثيلاً أي منطقة أخرى في سورية.
كذلك كان لافتاً استثمار النظام بموازاة تصعيد حربه على المخيم، للخلافات والصراعات التي نشبت بين "داعش" و"النصرة" من جهة، وبين بقية الكتائب الموجودة في يلدا وببيلا وبيت سحم من جهة أخرى، كي يحرف الأنظار عن دوره الرئيسي في إجبار سكان المخيم على النزوح إلى حي يلدا المجاور، لا سيما أن قصفه الجنوني للمخيم في الآونة الأخيرة بات يُفقد الأهالي المنهكين أصلاً بالحصار والتجويع فرص احتمال البقاء في جحيم لا يُحتمل.
ومن أبرز هذه الوسائل، لجوء النظام إلى قصف المخيم بالبراميل المتفجرة بصورة غير مسبوقة، بهدف تدمير ما تبقى من بيوته، وترويع من صمدوا في مواجهة أعتى حصار فرضه النظام على المخيم منذ اثنين وعشرين شهراً، لم تشهد له مثيلاً أي منطقة أخرى في سورية.
كذلك كان لافتاً استثمار النظام بموازاة تصعيد حربه على المخيم، للخلافات والصراعات التي نشبت بين "داعش" و"النصرة" من جهة، وبين بقية الكتائب الموجودة في يلدا وببيلا وبيت سحم من جهة أخرى، كي يحرف الأنظار عن دوره الرئيسي في إجبار سكان المخيم على النزوح إلى حي يلدا المجاور، لا سيما أن قصفه الجنوني للمخيم في الآونة الأخيرة بات يُفقد الأهالي المنهكين أصلاً بالحصار والتجويع فرص احتمال البقاء في جحيم لا يُحتمل.
وفي حين انسحب "داعش" الذي اقتحم مخيم اليرموك الشهر الفائت على خلفية اشتباكات مع كتائب "أكناف بيت المقدس"، ضاعفت قوات النظام وبعض المليشيات المساندة، بما فيها الفلسطينية التابعة لـ "الجبهة الشعبية القيادة العامة" قصفها، حتى للمناطق المجاورة للمخيم، وهو ما رآه أبو هاشم، خلال حديثه إلى "العربي الجديد"، استهدافاً للوجود الفلسطيني بقوله: "لم يعد نزوح أكثر من ثلث سكان المخيم إلى بلدة يلدا مجرد انتقال إلى جوار أكثر أماناً من المخيم، بل محطة يتم فيها خلق ظروف حياتية مختلفة، بين من نزحوا ومن بقوا داخل المخيم، توطئةً لكسر إرادة الصمود التي اجترحها مخيم اليرموك، رغم كل سياسات البطش والتنكيل التي اتبعها النظام في مواجهته".
وقد تبدى ذلك جلياً من خلال فرض حصار من داخل الحصار على من يتمسكون بوجودهم في المخيم، ولكن هذه المرة على يد الألوية والكتائب التي ترفض إدخال المواد الإغاثية إلى المخيم، بحجة منع الإمداد عن "داعش" و"النصرة" اللتين بات العداء لهما يتفوق على عداء تلك الكتائب للنظام الذي كان أشغلها بمشاريع الهُدن والمصالحات بهدف استنزاف قواها وإضعافها، والعكس صحيح حين أخذت داعش وبتوافق مع النصرة قرار دخول المخيم، فكان النظام المستفيد الأكبر من معارك النفوذ وتصفية الحسابات، وتغطية جرائمه الجديدة بحق سكان المخيم.
اقرأ أيضاً: "منظمة التحرير" تشكل خلية أزمة لـ "اليرموك" وتنتقد مجدلاني
اقرأ أيضاً: "منظمة التحرير" تشكل خلية أزمة لـ "اليرموك" وتنتقد مجدلاني
ويؤكد أبو هاشم أن هدف نظام الأسد هو تفريغ المخيم من سكانه الثمانية عشر ألفاً وهم آخر من تبقى فيه، قبل موجة النزوح المتواصلة إلى يلدا، وقام بدوره بتسهيل إدخال المساعدات الإغاثية إلى العائلات النازحة إلى يلدا، لتحقيق غرضين مترابطين، أولهما: وضع الأهالي أمام مفاضلة قبول الحد الأدنى من مقومات العيش خارج المخيم، كنازحين ضمن المربع المحاصر في جنوب دمشق، على احتمال موتهم الجماعي داخل المخيم إما قصفاً أو جوعاً، وثانيهما: إجبار العائلات التي يجري تشديد الحصار الخانق عليها في المخيم، سواء بسبب النظام المسؤول الأول والأكبر عن مأساتها، أو بسبب تصرفات الكتائب التي تسيطر على الأحياء المجاورة، والنزوح إلى حيث يتوفر الدعم الإغاثي كما هو عليه الحال في يلدا وببيلا وبيت سحم.
ويضيف مسؤول ملف الفلسطينيين: تشي تلك الحقائق والمعطيات، أن خطى النظام الحثيثة لإخلاء مخيم اليرموك، ليست مجرد ترتيبات ميدانية، منفصلة عن خطة استراتيجية يسعى النظام من خلالها لتصفية الوجود الفلسطيني في سورية، والمؤلم أن الفصائل الفلسطينية بمواقفها الصامتة والمتواطئة حيال مأساة اليرموك، فضلاً عن مشاركة بعضها عملياً إلى جانب النظام في صنع تلك المأساة وتفاقمها، هي أكثر من ساهم في إطلاق يد النظام لتدمير المخيم وتهجير سكانه على مراحل متتالية، وما كانت مآسي المخيمات الأخرى التي منع النظام عودة الأهالي إليها بعد استعادة سيطرته عليها (مخيم سبينة والحسينية) سوى رسائل صريحة لسياسات التصفية التي ينتهجها النظام تجاه اللاجئين الفلسطينيين، ومن دون تجاهل الأخطاء الفادحة لفصائل وتشكيلات الثورة السورية، وتحديداً في المنطقة الجنوبية من دمشق التي عجزت عن تحصين البيئة الحاضنة للثورة، ومخيم اليرموك كان مثالاً صارخاً على فشلها في توفير مقومات البقاء والصمود.
ويرى محللون أن نظام الأسد هو من سهل دخول تنظيم "داعش" لمخيم اليرموك المحاصر والممنوع على من تبقى فيه حتى دخول الخبز، لكن دمشق وزعت الاتهامات شرقاً وغرباً ولم تسلم حركة "حماس" من التهمة، والتي ردت على نظام الأسد أخيراً عبر القيادي في الحركة إسماعيل رضوان من أن حركته تنأى بنفسها عن التدخل في "الشأن الداخلي لأي دولة عربية"، مجدداً نفي حركته لأي علاقة لها بتنظيم كتائب "أكناف بيت المقدس"، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وأن اتهامات النظام السوري "لا أساس من صحة لها".
وهو ما يراه المسؤول الفلسطيني أبو هاشم تخبطاً، لأن تطورات المشهد السوري، لا سيما بعد الخسارات المتتالية لقوات النظام في جنوب سورية وشمالها، وبروز مؤشرات جدية على حالة الإنهاك التي بدأت تعصف بجيش النظام وجبهته الداخلية، من شأنها أن تبعث الآمال باقتراب انهيار النظام وأفول حقبته السوداء، وذاك هو الخيار الوحيد، لإنقاذ سورية، وما تبقى فيها من وجود فلسطيني.
No comments:
Post a Comment