عزمي بشارة
Link
يبحث الكاتب في الطائفية كظاهرة حديثة وفي سياق أصبحت فيه الطائفة (أتباع دين أو مذهب) جزءًا من كلٍّ هو الكيان الوطني أو الدولة، على الرغم من أن للطائفة السياسية بدايات غير مكتملة التكوّن في الماضي. إن ما يميز الطائفية هو إحياء هذه الجماعة كطائفة ذات هوية تتجاوز الهوية المذهبية إلى السياسة والمصالح، وهذا يعني أن الطائفية عملية تفتيت بالضرورة من منظور الافتراض التاريخي.
تقوم الطائفية السياسية المعاصرة على المحاصصة السياسية المؤسسية أو شبه المؤسسية للطوائف. ومع أنها ظاهرة في إطار الدول، فإن الرابط الطائفي قد يُسخَّر بشكل عابر للدول لتوثيق روابط تضامنية، أو لغرض التدخّل الخارجي في دول أخرى. والطائفية السياسية بمعناها المعاصر وليدة تفاعل المنظومة الاجتماعية القائمة مع
الاستعمار الحديث، وطريقة بنائه الدولة التي سترثها الدولة الوطنية المستقلّة، أو ستصطدم بها بعده.
انطلاقًا من تحديد أن "الكُلَّ" في الفكر القومي أو الوطني هو مرجع الشرعية الجديد، تصبح الطائفية، بحُكْم تعريفها، مسًّا بالوحدة الوطنية. ويحلل الكاتب تعارض المسارين القومي (الثقافة القومية الجامعة وأساسها اللغة المشتركة) والوطني (الدولة الوطنية وقوامها المواطنة، بما فيها من حقوق سياسية واجتماعية) مع الطائفية، بوصفهما أداتين في الاندماج تخترقان انقسام المجتمع إلى جماعات عشائرية أو جهوية. ويخلص إلى أن العروبة ليست نقيض الدولة الوطنية في المشرق العربي، بل هي من أُسس وحدتها، وأن بديلها ليس الوطنية وإنما التمزُّق الطائفي، بل التمزق الاجتماعي والمناطقي أيضًا.
وفي ظروف المشرق العربي الكبير التاريخية، تقدم الورقة مثالَي لبنان والعراق في رصد تحوُّل الطائفة الاجتماعية إلى طائفة سياسية، وتشير إلى التدين السياسي، إذا وقع في مجتمعات متعدّدة الطوائف فإنه يؤُول بالضرورة إلى طائفية سياسية، وذلك في رصد عملية تحويل الجماعات أو الديانات والمذاهب "الأخرى" وتفكيكها إلى أقلّيات قياسًا بأكثرية طائفية... وصولًا إلى تصرّف الأكثريات بعقلية طائفية. إن رصد هذه التحولات هو التحدي الكبير الذي يواجه الباحثين العرب في موضوع الطائفية.
*نشرت هذه الدراسة في العدد 11 من مجلة "عمران" (شتاء 2015)، (الصفحات 7-18)، وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.
** للحصول على أعداد المجلة (نسخ ورقية وإلكترونية) أو مقالات مفردة منها، أو الاشتراك السنوي، زوروا المكتبة
الإلكترونية للمركز
للاطلاع على الورقة كاملة، انقر هنا، أو انقر على الصورة
في الأسفل
No comments:
Post a Comment