جلبير الأشقر
A GOOD ANALYSIS
Link
«حلف بغداد» تسمية تم إطلاقها على منظمة حلف الوسط (سنتو) المعروفة أيضاً باسم منظمة حلف الشرق الأوسط (ميتو)، وهي رديف شرق أوسطي لمنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) أنشئ سنة 1955 تحت رعاية أمريكية وضمّ حكم الشاه في إيران والنظام الملَكي في العراق وباكستان وتركيا إلى جانب بريطانيا. وقد بقي مقرّ المنظمة في بغداد حتى سقوط الحكم الملكي فيها سنة 1958، وبعد شلل مديد انتهت المنظمة إثر سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979. وفي الخمسينيات والستينيات أدانت الحركة القومية العربية، التي كانت تقف على رأسها مصر جمال عبد الناصر، ذلك الحلف المشؤوم بوصفه أداةً إمبريالية متحالفة ضمنياً مع الدولة الصهيونية بغية التصدّي لحركات التحرر في الشرق الأوسط وتشكيل حاجز أمام تعاون الاتحاد السوفييتي مع تلك الحركات.
وتشير دلائل عديدة إلى أن فكرة إنشاء حلف إقليمي جديد فكرةٌ تراود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصديقه الحميم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويبدو أن هذا ما قصده الرجلان في مؤتمرهما الصحفي المشترك يوم 15 شباط/ فبراير الماضي. فلنستعِد كلام نتنياهو كما سجّله المكتب الصحافي في البيت الأبيض:
«السيد الرئيس… قلتم إن الولايات المتحدة ملتزمة منع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وتدعون إلى إلحاق الهزيمة بداعش. فأنا واثق من أننا، تحت قيادتكم، نستطيع عكس موجة الإسلام الراديكالي الصاعدة. وفي هذه المهمة كما في غيرها الكثير، تقف إسرائيل إلى جانبكم وأقف شخصياً إلى جانبكم. السيد الرئيس، في دحرنا للإسلام المتطرّف، نستطيع أن نقتنص فرصة تاريخية، لأنها المرة الأولى في حياتي والمرة الأولى في حياة بلادي التي لا تنظر فيها الدول العربية إلى إسرائيل كعدو بل، وبصورة متزايدة، كحليف. وأؤمن بأن هذا التغيّر في منطقتنا يخلق تحت زعامتكم فرصة لا سابقة لها لتدعيم الأمن والتقدم بالسلام».
ولمّا أعاد نتنياهو ذكر ذاك المشروع، أجابه ترامب: «إنه في الواقع أمرٌ أعظم بكثير [من تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني]، أمرٌ أكثر أهمية بكثير، نوعا ما. وقد يضمّ العديد والعديد من البلدان ويشمل مساحة شاسعة جداً. ولم أكن أعلم أنك كنت ستذكر هذا الأمر، لكن ما دمت قد ذكرته، أعتقد أنه أمر عظيم وأننا نحوز على تعاون جيّد من أناس ما كان بوسعهم أبداً في الماضي حتى أن يفكّروا بالقيام به. وسوف نرى كيف تسير الأمور».
ويندرج في إطار هذا التوجّه قرارُ الإدارة الأمريكية الجديدة تصعيد تدخّلها العسكري في حربي سوريا واليمن وكذلك تَواصُل بوادر المودّة بين واشنطن والرياض، وآخرها زيارة وليّ وليّ العهد السعودي وزير دفاع المملكة، محمد بن سلمان، للعاصمة الأمريكية قبل أسبوعين ولقاؤه بالرئيس الأمريكي. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن الإمارات العربية المتحدة تُبدي حماساً للمشروع المذكور بينما تدور بينها وواشنطن اتصالات بخصوص دعم أمريكي لهجوم عسكري تشنّه الإمارات على ميناء الحديدة اليمني.
وثمة أمران خطيران في مشروع الحلف الجديد، سواءً جرى تأطيره في منظمة معلنة أو بقي غير معلن. أولهما هو أن أي تحالف تعقده دول عربية مع الحكم الأمريكي الجديد المعادي للإسلام بغية مواجهة إيران وداعش، سوف يشكّل خير هبة لهاتين الأخيرتين ويؤدي إلى تدعيم نفوذهما السياسي في المنطقة، لاسيما أن التحالف لا بدّ وأن يشمل ضمنياً الدولة الصهيونية. والثاني أن مصلحة الولايات المتحدة وحليفتها الصهيونية في تصعيد المواجهة العسكرية بين إيران وحلفائها من جهة والمملكة السعودية وحلفائها من الجهة الأخرى، في صراع عسكري لا مجال لإحراز النصر فيه سوى بتدمير عموم المنطقة، إن تلك المصلحة لمتناقضة بشكل صارخ مع مصلحة شعوب المنطقة المهدّدةً بأن تُسحق بين المطرقة والسندان وتذهب ضحية المواجهة.
هذا ويبدو أن واشنطن وحليفتها الصهيونية تتطلّعان إلى إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانضمام إلى الحلف الإقليمي الجديد. وقد يتناسق ذلك مع سعي مستشاري ترامب اليمينيين المتطرّفين وشديدي العداء للإسلام إلى إدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الأعداء، بما يلتقي مع توجّه التحالف القائم بين مصر عبد الفتّاح السيسي والإمارات المتحدة. ومن المعلوم أن روسيا قد أخذت تلتقي مع هذا التحالف الأخير في دعم حركة خليفة حفتر في ليبيا. ومحصّلة كل ذلك أن منطقتنا تتوجه نحو تصعيد عسكري مدمّر بدل المساومات التي لا بدّ منها لوقف التمزّق القاتل الذي شمل اليمن وليبيا بعد العراق وسوريا.
وتشير دلائل عديدة إلى أن فكرة إنشاء حلف إقليمي جديد فكرةٌ تراود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصديقه الحميم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويبدو أن هذا ما قصده الرجلان في مؤتمرهما الصحفي المشترك يوم 15 شباط/ فبراير الماضي. فلنستعِد كلام نتنياهو كما سجّله المكتب الصحافي في البيت الأبيض:
«السيد الرئيس… قلتم إن الولايات المتحدة ملتزمة منع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وتدعون إلى إلحاق الهزيمة بداعش. فأنا واثق من أننا، تحت قيادتكم، نستطيع عكس موجة الإسلام الراديكالي الصاعدة. وفي هذه المهمة كما في غيرها الكثير، تقف إسرائيل إلى جانبكم وأقف شخصياً إلى جانبكم. السيد الرئيس، في دحرنا للإسلام المتطرّف، نستطيع أن نقتنص فرصة تاريخية، لأنها المرة الأولى في حياتي والمرة الأولى في حياة بلادي التي لا تنظر فيها الدول العربية إلى إسرائيل كعدو بل، وبصورة متزايدة، كحليف. وأؤمن بأن هذا التغيّر في منطقتنا يخلق تحت زعامتكم فرصة لا سابقة لها لتدعيم الأمن والتقدم بالسلام».
ولمّا أعاد نتنياهو ذكر ذاك المشروع، أجابه ترامب: «إنه في الواقع أمرٌ أعظم بكثير [من تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني]، أمرٌ أكثر أهمية بكثير، نوعا ما. وقد يضمّ العديد والعديد من البلدان ويشمل مساحة شاسعة جداً. ولم أكن أعلم أنك كنت ستذكر هذا الأمر، لكن ما دمت قد ذكرته، أعتقد أنه أمر عظيم وأننا نحوز على تعاون جيّد من أناس ما كان بوسعهم أبداً في الماضي حتى أن يفكّروا بالقيام به. وسوف نرى كيف تسير الأمور».
ويندرج في إطار هذا التوجّه قرارُ الإدارة الأمريكية الجديدة تصعيد تدخّلها العسكري في حربي سوريا واليمن وكذلك تَواصُل بوادر المودّة بين واشنطن والرياض، وآخرها زيارة وليّ وليّ العهد السعودي وزير دفاع المملكة، محمد بن سلمان، للعاصمة الأمريكية قبل أسبوعين ولقاؤه بالرئيس الأمريكي. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن الإمارات العربية المتحدة تُبدي حماساً للمشروع المذكور بينما تدور بينها وواشنطن اتصالات بخصوص دعم أمريكي لهجوم عسكري تشنّه الإمارات على ميناء الحديدة اليمني.
وثمة أمران خطيران في مشروع الحلف الجديد، سواءً جرى تأطيره في منظمة معلنة أو بقي غير معلن. أولهما هو أن أي تحالف تعقده دول عربية مع الحكم الأمريكي الجديد المعادي للإسلام بغية مواجهة إيران وداعش، سوف يشكّل خير هبة لهاتين الأخيرتين ويؤدي إلى تدعيم نفوذهما السياسي في المنطقة، لاسيما أن التحالف لا بدّ وأن يشمل ضمنياً الدولة الصهيونية. والثاني أن مصلحة الولايات المتحدة وحليفتها الصهيونية في تصعيد المواجهة العسكرية بين إيران وحلفائها من جهة والمملكة السعودية وحلفائها من الجهة الأخرى، في صراع عسكري لا مجال لإحراز النصر فيه سوى بتدمير عموم المنطقة، إن تلك المصلحة لمتناقضة بشكل صارخ مع مصلحة شعوب المنطقة المهدّدةً بأن تُسحق بين المطرقة والسندان وتذهب ضحية المواجهة.
هذا ويبدو أن واشنطن وحليفتها الصهيونية تتطلّعان إلى إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانضمام إلى الحلف الإقليمي الجديد. وقد يتناسق ذلك مع سعي مستشاري ترامب اليمينيين المتطرّفين وشديدي العداء للإسلام إلى إدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الأعداء، بما يلتقي مع توجّه التحالف القائم بين مصر عبد الفتّاح السيسي والإمارات المتحدة. ومن المعلوم أن روسيا قد أخذت تلتقي مع هذا التحالف الأخير في دعم حركة خليفة حفتر في ليبيا. ومحصّلة كل ذلك أن منطقتنا تتوجه نحو تصعيد عسكري مدمّر بدل المساومات التي لا بدّ منها لوقف التمزّق القاتل الذي شمل اليمن وليبيا بعد العراق وسوريا.
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان
No comments:
Post a Comment