رأي القدس
Link
في تقرير تنشره «القدس العربي» اليوم نقلا عن صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، عن استعداد تل أبيب فتح خط طيران إلى السعودية «لنقل الحجاج» إشارات جديدة على السياق العامّ الذي بدأت تتّضح أبعاده بعيد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض والذي كانت أكثر فصوله مفاجأة وحدّة قرار المملكة مع الإمارات والبحرين محاصرة جارتهم قطر وما لحق بها من تفاصيل مثيرة باتجاه التصعيد الذي أدى إلى غليان واضطراب كبيرين في الأوضاع العربية والإسلامية.
مع التصاعد المذكور للأحداث صار تفحّص بعض الخيوط المتشابكة والرابطة بين كل هذه الأمور ممكناً، فترامب غادر الرياض متوجّها إلى إسرائيل برحلة جويّة مباشرة (في إشارة رمزيّة إلى ما سيتبع) وقضى جلّ وقت زيارته في التباحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول سبل التطبيع التي توصّل إليها مع بعض زعماء العرب هناك.
لكن كيف نفسّر التسرّع والعصبية الذي أبدته الدول الثلاث ضد الإمارة (التي ترتبط مع شقيقاتها الخليجيات برباط «مجلس التعاون» وبأواصر الدين والمذهب والعادات والتقاليد والمصاهرات والاقتصاد) حين نقابله بهذه المشاعر «الأخويّة» الفائضة لدى الشقيقات الخليجيات تجاه أمريكا التي حظيت بصفقات ماليّة مهولة، وتجاه إسرائيل التي بدأت النعم تتوارد عليها، مع تحقيق مطالبها الانتقامية من أسر الشهداء والأسرى، والتساهل مع ابتلاعها للضفّة الغربيّة بالمستوطنات، والتضييق المتواصل على سكان غزة.
في السياسة يجوز القول إن ما يحصل فعليّا يتناسب مع الرغبات الإسرائيلية ومع الأوامر الأمريكية ولا شيء فيه يمكن أن يعتبره الفلسطينيون إرادة عربيّة لتحقيق تسوية حقيقية، وبالتالي فالحديث عن تسهيل شؤون الحجاج والمعتمرين لا يمكن إلا أن يعتبر خطوة سياسية متناسقة مع التراجع العربيّ عن دعم الفلسطينيين، في سبيل الحصول على الرضا الأمريكي والإسرائيلي.
وهذا بدوره يأخذنا إلى سؤال: ما الذي تكسبه السعودية والإمارات والبحرين من تسليم رقاب الفلسطينيين لإسرائيل وأمريكا؟
يمكن العودة بالتحليل إلى قصة القانون الذي أصدره الكونغرس الأمريكي بإمكانية محاسبة السعودية، والذي عارضه الرئيس السابق باراك أوباما، ثم أعاد النوّاب الأمريكيون تثبيته بطريقة تمنع الرئيس من إلغاء عواقبه، ثم جاء الرئيس ترامب الذي وضع وتراً جديداً في طنبور ابتزاز السعودية حين طالبها بدفع تكاليف «الحماية» الأمريكية لها، والذي انتهى، بعد عدد من المناورات الأمريكية والسعودية، إلى الزيارة الكبرى له إلى الرياض التي شهدت قمما عربية وإسلامية وخليجية، وصفقات بمئات المليارات، واحتضانا سعودياً (بتشجيع إماراتي) لوجهة نظر ترامب التي تعتبر كل أشكال «الإسلام السياسي» وتيّاراته إرهاباً، والتي كرّست الدعم لأنظمة الاستبداد التي تكافح هذا «الإرهاب»، وعلى رأسها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وإذا كان هذا كلّه يفسّر الهجمة على الفلسطينيين لكنه لا يفسّر، للأسف، حجم العدوانيّة الكبيرة ليس ضد قطر وسياستها الخارجية المدافعة عن الفلسطينيين وغير الفلسطينيين فحسب، بل ضد عدد كبير من وسائل الإعلام التي تتقارب مع الخطّ السياسي المعادي للاحتلال والاستبداد والمنادي بالديمقراطية والحكم المدني.
يعكس التطرّف دائماً أزمة سياسية داخليّة ويعتبر هروباً نحو الأمام في معاكسة عبثية ستصطدم بالضرورة بوقائع الجغرافيا والتاريخ والسياسة، ونسأل الله ألا تكون عواقبها وخيمة، على الإخوة الذين تورّطوا في «الصعود إلى الشجرة».
مع التصاعد المذكور للأحداث صار تفحّص بعض الخيوط المتشابكة والرابطة بين كل هذه الأمور ممكناً، فترامب غادر الرياض متوجّها إلى إسرائيل برحلة جويّة مباشرة (في إشارة رمزيّة إلى ما سيتبع) وقضى جلّ وقت زيارته في التباحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول سبل التطبيع التي توصّل إليها مع بعض زعماء العرب هناك.
لكن كيف نفسّر التسرّع والعصبية الذي أبدته الدول الثلاث ضد الإمارة (التي ترتبط مع شقيقاتها الخليجيات برباط «مجلس التعاون» وبأواصر الدين والمذهب والعادات والتقاليد والمصاهرات والاقتصاد) حين نقابله بهذه المشاعر «الأخويّة» الفائضة لدى الشقيقات الخليجيات تجاه أمريكا التي حظيت بصفقات ماليّة مهولة، وتجاه إسرائيل التي بدأت النعم تتوارد عليها، مع تحقيق مطالبها الانتقامية من أسر الشهداء والأسرى، والتساهل مع ابتلاعها للضفّة الغربيّة بالمستوطنات، والتضييق المتواصل على سكان غزة.
في السياسة يجوز القول إن ما يحصل فعليّا يتناسب مع الرغبات الإسرائيلية ومع الأوامر الأمريكية ولا شيء فيه يمكن أن يعتبره الفلسطينيون إرادة عربيّة لتحقيق تسوية حقيقية، وبالتالي فالحديث عن تسهيل شؤون الحجاج والمعتمرين لا يمكن إلا أن يعتبر خطوة سياسية متناسقة مع التراجع العربيّ عن دعم الفلسطينيين، في سبيل الحصول على الرضا الأمريكي والإسرائيلي.
وهذا بدوره يأخذنا إلى سؤال: ما الذي تكسبه السعودية والإمارات والبحرين من تسليم رقاب الفلسطينيين لإسرائيل وأمريكا؟
يمكن العودة بالتحليل إلى قصة القانون الذي أصدره الكونغرس الأمريكي بإمكانية محاسبة السعودية، والذي عارضه الرئيس السابق باراك أوباما، ثم أعاد النوّاب الأمريكيون تثبيته بطريقة تمنع الرئيس من إلغاء عواقبه، ثم جاء الرئيس ترامب الذي وضع وتراً جديداً في طنبور ابتزاز السعودية حين طالبها بدفع تكاليف «الحماية» الأمريكية لها، والذي انتهى، بعد عدد من المناورات الأمريكية والسعودية، إلى الزيارة الكبرى له إلى الرياض التي شهدت قمما عربية وإسلامية وخليجية، وصفقات بمئات المليارات، واحتضانا سعودياً (بتشجيع إماراتي) لوجهة نظر ترامب التي تعتبر كل أشكال «الإسلام السياسي» وتيّاراته إرهاباً، والتي كرّست الدعم لأنظمة الاستبداد التي تكافح هذا «الإرهاب»، وعلى رأسها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وإذا كان هذا كلّه يفسّر الهجمة على الفلسطينيين لكنه لا يفسّر، للأسف، حجم العدوانيّة الكبيرة ليس ضد قطر وسياستها الخارجية المدافعة عن الفلسطينيين وغير الفلسطينيين فحسب، بل ضد عدد كبير من وسائل الإعلام التي تتقارب مع الخطّ السياسي المعادي للاحتلال والاستبداد والمنادي بالديمقراطية والحكم المدني.
يعكس التطرّف دائماً أزمة سياسية داخليّة ويعتبر هروباً نحو الأمام في معاكسة عبثية ستصطدم بالضرورة بوقائع الجغرافيا والتاريخ والسياسة، ونسأل الله ألا تكون عواقبها وخيمة، على الإخوة الذين تورّطوا في «الصعود إلى الشجرة».
No comments:
Post a Comment