AN EDITORIAL (Arabic) BY LEBANESE COLUMNIST
JOSEPH SAMAHA
"هذا في الشكل. أما في المضمون، فالمؤتمر الصحافي تكثيف للمأزق الذي يعيشه «الاعتدال العربي» ممثلاً بأحد أرقى رموزه، فؤاد السنيورة. وتكثيف، أيضاً، للفشل الذريع الذي يعانيه توجّه غربي أبوي واستعلائي يريد إحلال «العلاقات العامة» محل السياسة.
كان يمكن القول إن المشكلة مع الولايات المتحدة هي في سيطرة إسرائيل (أو «اليهود» حسب قول عنصري) على مفاصل القرار الأميركي. والاستنتاج من ذلك، أن معركة تحرر العرب من الاحتلال هي نفسها معركة تحرير أميركا من «النفوذ الصهيوني» ويكون ذلك بتلبية جميع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بشكل لا تعود تحتاج معه إلى «الركيزة الاستراتيجية».
لقد كان أساس هذه السياسة «الواقعية» واهياً على الدوام ولكن، أمكنه، أن يشكّل زاداً شبه مقنع في مرحلة الحربين الباردتين: الكونية والعربية ــ العربية.
انهار هذا الأساس نهائياً مع مطالع الألفية الثالثة وبعد 11 أيلول والانعطافة الأميركية العدوانية التي تلاقت مع الاندفاعة التوسعية الإسرائيلية. ومع ازدياد التطابق المعلَن بين واشنطن وتل أبيب كان لا بد لـ«الاعتدال العربي» من أن يدفع الثمن.
ولقد كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان مناسبة لاختبار هذه المعادلة الجديدة. ولذا شهدنا «الاعتدال العربي» يجيز هذه الحرب متلطياً وراء ضرورات التصدّي للتمدد الإيراني الداعم للإرهاب.
إلاّ أن الحرب لم تنجح عسكرياً كما كان متوقعاً. ولقد أدّى ذلك إلى إحراج «الاعتدال العربي» وخاصة مع اتضاح أن الولايات المتحدة ماضية في السعي إلى أن تحقق لإسرائيل، ولنفسها، بالسياسة ما لم يتحقق بالقوة.
لقد عاش «الاعتدال العربي» فترة راحة في بداية الحرب، لكنه عاد فدخل في المأزق من دون أن تبدو الإدارة الأميركية مهتمّة به. ولعل الدليل اللبناني على ذلك أن الولايات المتحدة المهتمّة بدعم حكومة «الاعتدال» تجعل الموافقة الإسرائيلية المسبقة شرطاً لتسليح الجيش اللبناني. ولا نشكّ في أن الرئيس السنيورة قرأ خبر «يديعوت أحرونوت» وهو يستعدّ لاستقبال بلير. ومن الطبيعي أن يشعر بقدر من الإحراج وخاصة أن البحث مع الضيف يتناول، في ما يتناول، دعم المؤسسات الأمنية.
لقد وجد السنيورة مخرجاً من ارتباكه بأن كال المديح لـ«الديموقراطية اللبنانية». إلاّ أنه يدرك تماماً أن ذلك لا يغيّر شيئاً في طبيعة «المأزق»: كل علاقة مباشرة بإدارة بوش أو حكومة بلير هي، اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، علاقة غير مباشرة بإسرائيل."
No comments:
Post a Comment