Thursday, September 14, 2006

Blogging Bloggers: "Therapy Session" - Confession of a Musta'reb

جـلـسة عــلاجية

أنا لا أنام .. ولا اعرف كيف لي أن افعل !! شعوري بالذنب يقتلني ... أنا قاتل وخائن
كنت كبقية العرب أقف الأول بوجه الباب, وأنادي ريثما يفتح من في البيت , ثم ندخل جميعا وندمر البيت , أثاثه ونفوس من فيه ... كنت شخصا غاضبا وحاقدا, كم من الأيادي والأرجل حطمنا ...تعرفينها سياسة تحطيم العظام التي قررها رابين!! نطيح على الأجساد تمزيقا كالوحوش ... كيف تربت الكراهية في داخلي ؟
أواجه صعوبة في الحديث عن الموضوع وعن اقترافاتي أمامك .. لأنك مسلمة .. تعلمت بالمدارس عن الإسلام .."اسلم تسلم" , وعن الحروب التي خيضت باسم الإسلام منذ فجره الأول .. هكذا برر لنا الحقد ... أنا تائه بين الجميع .... فمن أصدق ؟؟ أخبروني أيضا أن اليهودي .. أنفه كبير وخبيث... لكنني اكتشفت الكذب عندما عاشرتهم... وفي الجيش عندما أجبرت على دخوله لان أمي يهودية .. علموني أثناء التدريب أن المسلم متوحش يموت في سبيل الله لما أسموه جهادا , وانه يكره اليهودي والمسيحي ويعتقد بوجوب قتلهما ..
لطالما ردد الضباط "المغضوب عليهم ولا الضالين" .. هل تعرفين من هؤلاء !!؟ المغضوب عليهم هم اليهود , والضالين هم المسيحيون ... هكذا أشبعنا كرها
كنت "مستعربا"!! .. اشعر بالخجل منك.. نعم كنت "مستعربا" .. تعرفين ماذا يعني هذا في الجيش !!؟ ذهبت لأقتل أصدقاء الطفولة الذين كرهتهم لأنهم مسلمين.. تربيت في رام الله والقدس على تعاليم المسيح .. كنت أتحدث بلهجة تلك المنطقة .. أرجو انك لا تشعرين بالضيق .. أكاد اشعر بذلك ... نعم كنا وحوش ... انا والدروز .. كنا نحتجز العامة ونأمرهم أن يسبوا على عرفات ونبيهم محمد ... لا أريد إخبارك ماذا طلبنا منهم أيضا ... ولا كيف طلبنا ذلك ... رفض احدهم فأخذت على عاتقي تأديبه ,, دسته بحذاء الجيش الحديدي .. كسرت عظامه بهراوة كانت بيدي , نزف طويلا .. لكني لم أتوقف, كان يتوسل لي ... من الأفضل لو مات برصاصه واحده ... لكنه مات من التعذيب ,, وعندما لفظ أنفاسه , تعالت ضحكة هستيريه .. والآخران اللذان أذعنا لأوامرنا قبعا في الزاوية مذعوران, وعندما جاء الضابط ورآه ميتا, طلب منا التخلص من جثته وضعناه في سيارة الجيش .. ثم ألقيناها بعيدا بجوار إحدى التلال
كيف تحولت لوحش !؟... لا بد انك لا تستوعبين ما أقوله الآن !! كنا نلعب "لعبة الحمار", لعبة معروفة بين الجنود , نركب على ظهور المحتجزين ونأمرهم بالجري وهم على أربع ومن يسبق منهم يفرج عنه ... اشعر انك مخنوقة ؟ هل أنت غاضبة ؟؟ من الصعب علي أن أقول ما أقوله الآن ... لك أنت بالذات .. أنا اعرف انك تحثيني على ذلك لمعالجتي ... لكنني أتحدث عن شعبك وأبناء دينك
كنا لا نرحم أحدا ... نعذب الأطفال والنساء على حد سواء , أولاد صفي الذين درست وتربيت معهم , كنت أراهم في السجون .. وأنا السجان ..أبدعت في تعذيبهم .... كنت مستعربا مُـلثما متخفيا, لذلك لم يعرفني أترابي.. انا عرفتهم , كنت أميز أصواتهم ...
هذه دولة تركيبها خطأ
حتى في التوراة نحن كمسيحيين نؤمن أيضا بما جاء في التوراة كما في الإنجيل , ونؤمن أن ارض فلسطين هي ارض الموعد .. علموني في المدرسة أن الأرض لإسحق وليست لإسماعيل , نبذ إسماعيل مرتين , رفضه تارة أبوه إبراهيم وتارة أخرى الأب الأكبر, الرب , ومثلما تحاولين فهمي وتحليل مشاعري كذلك أجد نفسي احلل شعور إسماعيل وقتها ... لا بد انه شعر بالمهانة ,الخيانة والدونية , لأنهم جميعا رفضوه ... وربما يفسر هذا شعور المسلمين العرب الدائم بالاضطهاد ورثا عن إسماعيل
لكني تربيت أن الدين الإسلامي خطأ وشيطاني
ولدت لأب عربي فلسطيني مسيحي ماروني ولأم يهودية شرقيه ... تربيت في الأديرة لان أهلي رفضوني وأخوتي, تماما مثلما حدث مع إسماعيل ... علموني هناك أن الإسلام دين شيطاني ... دين شر... بعدها نقلت لأتعلم في مدارس إسلاميه بعد أن نقلت لبيت أيتام آخر ... وهنالك تعرفت على الإسلام ,, يختلف عن الذي لقنته في الأديرة ... أنا مشتت منذ اليوم الأول لمولدي ... نصف مسيحي كاثوليكي ونصف يهودي شرقي .... تكللت في الكنسية الرومية ... وعندما بلغت كان علي أن أسجل لبطاقة هويتي , اكتشفت أنني إسرائيلي وأمي يهودية , غضبت وصرخت بوجه الموظفة في مكتب الشؤون الداخلية .... أنا فلسطيني واليهود خبثاء وأنوفهم كبيره , لكني أصبحت يهوديا رغما عني , وأصبح الفلسطيني عدوي اللدود ... أجبرت على الانضمام للجيش فإما ذلك وإما السجن ,, كل هذه الهويات مزقتني ولا تزال
في الضفة حاربت أترابي الذين تربيت معهم ومن ثم أخذت إلى لبنان ... في لبنان الخوف اكبر .,.. هنالك يمتلكون أسلحه لكن في الضفة لم يكن سوى السلاح الأبيض ... في لبنان كنا ننسف البيوت ونهرب خوفا .. في الضفة كنا ندخل البيوت ونعيث فيها فسادا ننقض على من فيها كالوحوش ... أطفالا ونساء رجالا وشيوخا
كنت أحس أنني الله في تجلياته .. قوي ولا حدود لما استطيع الإقدام عليه , كل الصلاحيات بيدي
اذكر كيف كنا ندخل للبقالة ونفرغها من محتوياتها ... كان صاحبها يبكي ويتوسل "عندي أولاد !! أريد ان أربيهم واطعمهم " فأصيح به " طعميهن خرى" " لأنك مسلم لا تستحق أن تعيش"
تشعرين بضيق لأنني اقول ذلك ؟ لكن رغم الوحش الذي ترين , كنت رحيما,كان ذلك مرة واحدة, كنت شوفير لضابط كبير وهذا أوقف عجوزا لأنه كان يمشي بالشارع رغم إقرار حظر التجول ... عجوز هزيل ومتهالك.. انقض عليه الضابط وضربه ضربا مبرحا .. لا اعرف لماذا شعرت بالضيق يومها صرخت بالضابط " اتركه" هكذا قلتها بالعربية فاستشاط غضبا "תדבר עברית , אתה חייל" (تحدث بالعبرية , أنت جندي)
هكذا قال لي فأنهلت عليه ضربا ... لا أعرف لماذا ولا ماذا حصل لي لحظتها.. لكن أين كذبهم عن القيم ؟ عن جيش القيم والمبادئ؟ التعامل برفق , التسامح مع النساء والأطفال والعجائز ؟ كل هذا مجرد كذب ونفاق
ماذا فعلنا !!؟ في كل بيت قتلنا فردا على الأقل ... ماذا نريد منهم بعد هذا كله ... لو يدخل احدهم لبيتي كما كنا نفعل كنت سأقتله فورا دون تفكير ... أنا لا أنام ,, الصراع يقتلني.. أنام مفزوعا واستيقظ مفزوعا ... اخرج ليلا للشارع هائما, أهلوس كالمجانين .... ترافقني مرايا وصور فظيعة
لست بموقف قوة لأغير ... وفوق هذا تطالبوني بالتنحي عن استعمال المخدرات... صدقيني هذه السموم تريحني من الفزع الليلي الذي أصبح نديمي
ويوم أعلن الأسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام في سجن "أنصار"... تذكرين هذه الحادثة .. لا لا .. لا استطيع الإسهاب ... كنت وحشا .. أنا وحش
وهذا الصراع لن ينتهي .. أنا عربي مسيحي يهودي فلسطيني إسرائيلي .. أنا كل شيء ... تمزقني هذه الهويات
جربت أن اهرب إلى أوروبا .. لكنني عدت لا أقوى على ترك هذه البقعة ,, أحب هذه الأرض رغم بشاعتها
أحب اللغة , أحب اللهجة المحكية , أحب الأكل , الشعب هنا دافئ... استطيع أن ادخل لبيت صديق متى شئت دون إذن منه افتح ثلاجته واخرج ما أريد من طعام وآكل .. هذا لا يحدث في بلادهم الباردة ... استطيع التأخر عن موعد واستقبل بحفاوة كأنني لم أتأخر , وهذا لا يحدث في بلادهم الدقيقة ... أنا أحب كل شيء هنا , أحب الفوضى , التنوع كل هذه الديانات والشعوب و العرب واليهود , الإشكنازي والسفردي .. الشمالي والجنوبي .. الساحلي والجبلي... الأثيوبي والروسي هذا لن أجده في غير هذه البلاد
أحب طيبة العرب هنا ... طيبون جدا ومضيافون.. أكلهم لذيذ وتراثهم جميل والتسامح هذا غير موجود عند اليهود ... لكنني بالمقابل أحب الامتيازات التي استحقها من الدولة كوني ابن ليهودية , ميراثهم الديني , أحب شعورهم الدائم بالاضطهاد , يشبه شعوري ,.,, أحب حداقتهم وخبرتهم
لا أريد الذهاب لطبيب ولا أريد حبوب مهدئه ... يكفي أنك تسمعيني .. أعرف لطالما قلت انه علي أن أتخلص من "القرف" الذي يأكل أعماقي ,, لكن نظراتك تجلدني , تَفَهُمك يجلدني , لا استطيع التخلص من شعوري الفاضح بالخجل والألم والذنب , في حضرتك ...أنت بالذات .. أنا أتحدث عن أبناء شعبك ودينك ,..


[ هذا الحديث أحادي الجانب دار لمدة ساعة وربع متواصلة ,, ربما أغفلت بعض النقاط لكني لم أغير حرفا , دونته كما جاء على لسان الرواي ,, لذلك هو اقرب ما يكون للكلام الدارج , والراوي شخص عايش كل هذه الظروف , يعالج مشكلة إدمانه على المخدرات , وأنا المعنية ب"الفلسطينية" والـ"مسلمة" التي حثته على الحديث عن "القاتل" و"الخائن" الذي يمنعه من النوم ليلا, رغم أنني أعالجه وكانت لي بعض المداخلات أثناء الحوار, إلا أنني آثرت حذفها لأنها ليست الأهم ] ...
posted by نـشاز at 11:48 AM

No comments: