بقلم : د. محمد سعد
موعدنا اليوم مع مشهدين من فصول المسرحية ذات العرض المستمر، والتي تحمل عنوان " تصفية" القضية الفلسطينية ". وهى مسرحية واقعية وجميع أحداثها حقيقية مئة بالمئة.ويكفيني نقل مشاهد المسرحية، مع ترك مساحة للقارئ الكريم للبحث في كواليس العرض.
المشهد الأول: حوار بلا حدود
(يفتح ستار المسرح على مشهد مؤتمر صحافي يضم رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني بعد انتهاء لقائهما نصف الشهري)
أبو مازن: لقد كان اليوم فرصة جيدة للتباحث والتشاور والتحاور مع أصدقائنا في إسرائيل حتى نصل إلى اتفاق مبادئ يمهد لمؤتمر السلام المقبل، والذي أرجو منكم ألا ترفعوا سقف التوقعات بشأنه، ولكن نحن مستمرون في مسيرة الحوار والسلام.
أولمرت: يسعدنا استمرار التعاون مع أصدقائنا الفلسطينيين المعتدلين، ونحن نصلي من أجل أن تنتصر حركة فتح في مواجهتها، فمن المهم جدا لإسرائيل أن تخرج حركة حماس خاسرة بشكل واضح. ولذلك فأنا أهنئ أبا مازن على قراره الشجاع بإغلاق الجمعيات الأهلية التابعة لحماس في الضفة والتي تقدم مساعدات للشعب حتى تصل لأهداف سياسية.
سؤال من أحد الصحافيين: سيد أولمرت لقد سمعنا عن مبادرة مكتوبة تقدمت بها حماس إلى فتح للمصالحة والحوار، فما هو موقف الحكومة الإسرائيلية من ذلك؟
(ينفعل أولمرت بشدة ويضرب بيده على الطاولة وقد ارتفع صوته):نحن نؤكد بأن فتح الحوار بين حماس والسلطة خطأ كبير..إنها جريمة لا تغتفر ، وأي مسئول في السلطة يفكر في فتح باب الحوار فإنه يلعب بالنار.
صحافي آخر يسأل: بالنسبة لكم في فلسطين.. يستغرب البعض كيف تفتحون حوارا دائما مع إسرائيل التي تتهمونها باحتلال أرضكم وفى نفس الوقت ترفضون إجراء الحوار مع حماس وهم في النهاية فلسطينييون
أبو مازن (وهو يلوح بيده وقد احمر وجهه): إن حماس ميلشيات إرهابية ويجب أن يعتذروا عما فعلوه، وتعود الأوضاع في غزة لما كانت عليه قبل الانقلاب..
الصحافي (مقاطعا): ولكنكم لم تطلبوا في المقابل من إسرائيل الاعتذار عما فعلته وإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل الاحتلال.
(يسدل الستار فورا ويرتفع صوت موسيقى تصويرية لتغطى على الصخب والهرج الذي يسود المسرح)
المشهد الثاني: مؤيد بني عودة
(يفتح ستار المسرح على مشهد مقهى في رام الله، يجلس عليه مجموعة من الشباب يتابعون التلفاز على قناة فلسطين)
المذيع: أيها السادة الكرام.. والآن نقطع معكم برامجنا لنذيع فورا البيان الصحافي لمدير المخابرات الفلسطينية توفيق الطيراوى
الطيراوى: أيها الشعب الفلسطيني الحبيب.. لقد استطعنا بفضل الله أن نكشف النقاب عن الجريمة البشعة التي هزت الأوساط الفلسطينية، وتمكنا من القبض على شخصية خطيرة هددت سلامة الوطن، وهو المدعو "مؤيد بني عودة". الذي ينتمي لمليشيات حماس، ويقوم بالعمالة لحساب إسرائيل، ويتعامل معها بشكل مباشر، وأترككم مع جزء من اعترافاته.
(يظهر مؤيد على الشاشة وهو يتلعثم، وفى حالة عدم تركيز وتبدو على وجهه آثار جروح).. نعم أنا اعترف بأني قمت بالإرشاد على أماكن الشهداء الخمسة الذين قتلتهم إسرائيل بالإضافة إلى تسليم الأسير عماد عرسان للجيش الإسرائيلي بإخبارهم عن مكان نومه.
يقفز أحد الجالسين على المقهى من مكانه وهو يصرخ بصوت عالي: لا.. هذا ظلم والله، بالتأكيد فإن هذه الاعترافات تمت تحت التعذيب، أنا أعرف "مؤيد" جيدا، فأنا أعمل مقاول وهو كان من العاملين عندي، وعاد معي للبيت في ذلك اليوم في وقت متأخر فكيف يتهم بذلك.
أحد الجالسين في المقهى: ولماذا لم تخبر أحدا بما تقول من معلومات خطيرة؟
المقاول: بالفعل..لقد تم استدعائي لمقر جهاز المخابرات في طوباس، وطلبوا منى أن أحضر لهم سجلات العمل في فترة اغتيال الشهداء الخمسة. وبعد ذلك أخبروني أن السجلات ستصادر لأمور أمنية ، وبذلك أخفوا دليل براءة الرجل.
يقطع الجميع صوت مدير المخابرات الفلسطينية وهو يعلن: وقد استطعنا بفضل الله أيضا من استعادة الجندي الإسرائيلي الذي ضل طريقه في جنين، بسرعة وكفاءة عالية، وتم تسليمه إلى الجيش الإسرائيلي فورا، وأؤكد أن الجندي بصحة جيدة. وقد اتصل السيد أيهود أولمرت بنا وهنأنا على هذا العمل البطولي.. وشكرا
يسدل الستار.. وينتهي المشهد الثاني ولكن تظل مشاهد المسرحية مستمرة كل يوم. "
No comments:
Post a Comment