بقلم : البروفيسور عبد الستار قاسم
"بر إصابة الجنود الإسرائيليين بصاروخ فلسطيني بتاريخ 11/أيلول/2007 مثير ولا بد أن يستوقف المحللين العسكريين والسياسيين، ليس لأن الصاروخ قد أصاب الهدف، وإنما لأن عدد المصابين بالهلع من الجنود أكثر من عدد المصابين بالشظايا الحقيقية. تتضارب الأخبار حول أعداد المصابين، لكن يبقى هذا غير مهم، إنما المهم أن إسرائيل قد أقرت بأن أكثر من نصف المصابين قد أصيبوا بالهلع.
من المفترض أن جنود إسرائيل قد تعرضوا لتدريبات قاسية وصعبة، واعتادوا على أزيز الرصاص من فوقهم ومن تحتهم، وفي وعيهم ونومهم، وألفوا أصوات الانفجارات الضخمة في مناوراتهم، وخبروا الدبابات وهي تهاجمهم والطائرات وهي تقصف من فوق رؤوسهم. حسبما يظن العربي، جندي إسرائيل هو جندي مدرب ومتمرس وشجاع ويهاجم بقوة وبسالة. لكن من الواضح أن هذه الصورة العربية التقليدية ليست حقيقية، وهي موجودة في ذهن العربي من أجل إخفاء عجز الأنظمة العربية، وليس من أجل الحقيقة. الأنظمة العربية أنظمة شهوانية مأجورة متآمرة باحثة عن المتع والشهوة، وتعمل باستمرار على ترسيخ فكرة إسرائيل القوية التي لا تقهر من أجل تبرير الهزائم والذل والتنازل.
ثبت بوجه لا يقبل التأويل من خلال الحرب على لبنان، ومن خلال المواجهات مع المقاومة الفلسطينية أن الجندي الإسرائيلي خاو متهاو يحرص على حياة، وقد صدق السيد حسن عندما قال بأن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت.
لا بد أن تسلح أحدهم بالجرأة واستعمل الهاتف المحمول ليصور المشهد في المعسكر الإسرائيلي المستهدف، وهو سيصنع خيرا إن بث التسجيل لنرى كيف هلع جنود إسرائيل. لا بد أن أحدهم صرخ " وينك يا إمي؛ أو "يا حبيبتي يا إمي إلحقيني؛" أو هي يا بيي؛" أو ربما استغاث بفلسطينيين لرفع الصاروخ عن رأسه؛ أو استنجد "مشان محمد؛" أو مشان الله." قطعا ساد صراخ وعويل واستغاثات وجري بلا اتجاه. الأرقام التي أوردتها إسرائيل تشير بأن جنودها تحولوا إلى فئران مذعورة لا تدري إلى أي جحر تلوذ.
إذا كان صاروخ بدائي بسيط قد أصابهم بهذا الحجم من الذعر، فماذا ستفعل الصواريخ الأشد وطأة وأكثر دقة وأعظم حمولة؟ هذا حدث يؤكد بأن هذا الجيش ليس بجيش حروب حقيقية. هو جيش ممتاز في ملاقاة الأنظمة العربية، لكنه جيش هش جبان أمام محاربين حقيقيين.
ستقوم إسرائيل بالانتقام وستضرب غزة وستقتل وستدمر بسبب آلياتها العسكرية المتطورة، لكن الذي يكسب المعركة في النهاية هو الجندي على الأرض، وهو بالتأكيد ليس الجندي المذعور."
No comments:
Post a Comment