بوش ومحو حزب الله وحماس من الخريطة
"لم يكتف الرئيس الامريكي جورج بوش بالاحتفال بالذكري الستين لقيام دولة اسرائيل علي حساب عمليات التطهير العرقي لشعب بكامله، بل اختار هذه المناسبة لكي يعلن الحرب علي المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ويتوعد بالهجوم علي ايران تحت ذريعة برنامجها النووي.
الرئيس بوش قال ان الايام او الاشهر المقبلة، ستشهد اختفاء حزب الله وحركة حماس من خريطة المنطقة، لانهما يعرقلان مسيرة السلام، وتنبأ باحتفال اسرائيل بالذكري المئة والعشرين علي قيامها، دون ان يتطرق الي تعهداته بإقامة دولة فلسطينية قبل نهاية عهده.
ولا نعتقد ان الرئيس بوش زعيم القوة الاعظم في العالم يطلق مثل هذه التهديدات دون ان يكون مستندا الي خطة مفصلة تتضمن موعد الحرب، والاهداف المحددة لها، والقوات المشاركة فيها، فإزالة حماس من الخريطة تعني اجتياحا اسرائيليا لقطاع غزة وارتكاب مجازر جديدة فيه، والقضاء علي حزب الله يعني اجتياحا اسرائيليا اوسع للبنان علي غرار ما حدث قبل عامين تقريبا.
واللافت ان القيادة الاسرائيلية رفضت اتفاق التهدئة الذي جاء ثمرة اتصالات ووساطات مصرية مع حركات المقاومة في قطاع غزة والخارج، من خلال طرحها شروطا تعجيزية مثل منع التهريب عبر الانفاق علي الحدود المصرية مع القطاع منعا باتا، والافراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. وهذا الرفض لم يأت من فراغ، وربما يستند الي قرار اسرائيلي اتخذ قبل فترة باجتياح القطاع علي امل القضاء علي حركات المقاومة، وربما جاء القصف الصاروخي يوم امس الاول الذي استهدف سوقا في عسقلان، وأدي الي اصابة 35 شخصا، ليعزز هذا التوجه.
اجتياح قطاع غزة ربما يكون اكثر سهولة من اجتياح جنوب لبنان، ولكنه لن يكون بدون خسائر، فاذا كان الاجتياح الاسرائيلي لمخيم جنين في الضفة الغربية الذي لا تزيد مساحته عن كيلومتر مربع واحد قد كلف الجيش الاسرائيلي 26 قتيلا، واستغرقت عملية اقتحامه تسعة ايام، فان اجتياح قطاع غزة الافضل تسليحا، والاكبر مساحة (370 كيلومتر مربع) سيكلف الجيش الاسرائيلي اضعاف هذا العدد من الضحايا، وقد تتعرض المستوطنات والمدن الاسرائيلية في شمال القطاع لقصف مئات الصواريخ دفعة واحدة.
هناك تقارير اخبارية تقول ان زيارة الرئيس بوش الحالية ليست من اجل دعم العملية السلمية، وانما لوضع اللمسات الاخيرة علي الحرب التي يستعد لخوضها مع اسرائيل، وبعض الدول العربية المعتدلة، ضد ايران وسورية وحركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
فليس من قبيل الصدفة ان يزور بوش المنطقة مرتين في اقل من خمسة اشهر، وان يتوقف في عاصمتي محور الاعتدال العربي اي الرياض والقاهرة، الي جانب بعض الدول الخليجية مثل دولة الامارات والبحرين والكويت، وهي الدول المقابلة لايران، وتضم قواعد عسكرية امريكية علي ارضها يمكن ان تستخدم في اي هجوم علي ايران.
المنطق يقول بأنه يجب علي الدول العربية التي سيزورها بوش اليوم ان تعتذر عن عدم استقباله، وتغلق ابواب عواصمها في وجهه، بعد مشاركته في احتفالات اغتصاب فلسطين، وتأكيده علي دعم الولايات المتحدة وقيادتها وشعبها لها في مواجهة اعدائها، ولكن لا نعتقد ان هذه الدول سترتقي الي درجة المسؤولية الاخلاقية، القومية والاسلامية، وتقول للرئيس بوش انك غير مرحب بك علي ارضنا، لانك لم تف بوعودك حول اقامة الدولة الفلسطينية، ولم تمارس اي ضغوط علي اصدقائك الاسرائيليين، ووضعت حلفاءك العرب في وضع حرج للغاية.
الرئيس بوش سيجد استقبالا حارا في انتظاره في كل من الرياض والقاهرة، لان العدو الاخطروربما اكثر حرارة من الاستقبال الذي وجده في القدس المحتلة، في نظر دول محور الاعتدال العربية لم يعد الدولة العبرية وانما ايران و حزب الله بالدرجة الاولي، ولذلك لن يكون مستغربا اذا ما تعهدت هذه الدول بالمشاركة في اي حرب يشنها ضد الاعداء الجدد.
محو حزب الله و حماس من الخريطة مثلما توعد الرئيس بوش لن يكون عملية سهلة، بل ربما تكون الاكثر كلفة للولايات المتحدة واسرائيل بالمقارنة مع الحربين الحاليتين في افغانستان والعراق. فزمن الانتصارات الامريكية والاسرائيلية السهلة والمحدودة الخسائر قد ولي الي غير رجعة، وتجربة الغزو الاسرائيلي الاخيرة للبنان هي الدليل الابرز في هذا الصدد.
الرئيس بوش لن ينجح في محو حماس و حزب الله من الخريطة، لانه لم ينجح في إلحاق الهزيمة بالمقاومة العراقية، كما ان هدفي الحرب التي اعلنها علي الارهاب، وهما زعيما تنظيم القاعدة وحركة طالبان ما زالا علي قيد الحياة، ويخوضان حرب استنزاف ضد امريكا وقواتها في افغانستان والعراق. ما يمكن ان ينجح به الرئيس بوش في حال ارتكابه حماقة جديدة هو وضع نقطة البداية في مسيرة انهاء دولة اسرائيل والمصالح الامريكية في المنطقة برمتها."
No comments:
Post a Comment