Saturday, October 16, 2010

مستقبل النضال الفلسطيني: رسالة إلى الشباب../


محاضرة د. عزمي بشارة الافتتاحية في مؤتمر مؤسسة مواطن السنوي 15 تشرين الأول اكتوبر في رام الله. بعنوان مستقبل النضال الفلسطيني، أي افق النضال على ضوء تحليل عملية التسوية والمفاوضات حسب طلب المنظمين.

د. عزمي بشارة

".......
وهنا يُسأل السؤال: هل يتناقض النضال مع التفاوض؟ وهل يمكن تصور نضال بلا نهاية لا تتبعه مفاوضات؟
لقد تخللت مراحل الاخيرة من نضال حركات التحرر في العالم جميعها محادثات سياسية ومفاوضات، بما فيها تلك التي انتهت بإنهاء الاحتلال كما في الجزائر، وبتفكيك النظام القائم، كما في جنوب أفريقيا. هذه ليست القضية. ومن يناقشها يختلق قضية وهمية. النضال يجري على كافة الجبهات والوسائل من الكفاح المسلح، وحتى النشاط الثقافي والتربوي والنقابي، والرأي العام الدولي، والرأي العام في دولة الاحتلال. النضال الوطني نضال شامل. وقد تتخلله هدنات وترافقه مفاوضات ومحادثات سياسية، وغير ذلك. المهم أن المفاوضات لا تُطرح كبديل للنضال قبل تحقيق الحقوق.
وعندما يُلقى سلاح النضال، ويتم التخلي عن استراتيجية النضال الشامل تغدو المفاوضات تفاوضا على الحقوق، وليس لإحقاق الحقوق. إن شرط المفاوضات النهائية مع أية قوة احتلالية هو اعتراف هذه القوى بنهاية الاحتلال، ورغبتها أن تجري النهاية بشكل منظم، وأن تتفاوض على كيفية إنهاء الاحتلال، أما المفاوضات الجارية بين السلطة وإسرائيل فلا تجري على تفكيك الصهيونية والاحتلال، بل على تفكيك التاريخ والجغرافيا الفلسطينية. وبذلك فإنها تقدم نموذجا حيا للتناقض بين النضال والتفاوض عند من تخلى عن النضال قبل تحقيق الأهداف.

رابعا: أفق النضال الفلسطيني:
لقد أصبح رفض الرأي العام الفلسطيني التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني شرط استعادة البعد العربي لقضية فلسطين حاليا، خاصة بعد أن تذرعت الأنظمة الرسمية العربية بمقولات مثل "الممثل المثل الشرعي والوحيد"، و"أهل مكة أدرى بشعابها"، و"لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين". وهو شرط تفعيل حركة التضامن الدولي. وهذا ممكن. ولكن لا يمكن تحريك تفعيل التضامن مع من يحرجه التضامن، وتحرجه مقاطعة إسرائيل، ويعتبرهما تدخلا في المفاوضات وفي "علاقته الثنائية مع إسرائيل".
لا بد من التمسك بحقوق ثابتة غير قابلة للتصرف، مثل حق العودة، وزوال الاحتلال، وعروبة القدس، وغير ذلك لغرض استعادة هذا الأبعاد. وكلنا يعرف أن هذا التمسك يحبط التسوية، فإسرائيل لن تقبل بتسوية هذه شروطها. ومن هنا فعاجلا أم آجلا يجب أن يطرح أفق أوسع للنضال يمكن أن نعتبره عنوانا سياسيا جامعا لمئات المبادرات الفلسطينية المحلية التي قامت من دون إذن من أحد في مرحلة تهميش السلطة الفلسطينية ل م. ت. ف.. يجب أن تُجمع مئات المبادرات الشبابية والطلابية، واللجان المحلية في مختلف أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، تحت سقف سياسي. وعنوانه رفض التنازل عن الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف، وأنه تعذّرَ التوصل إلى تسوية عادلة بين كيانين في دولتين. وما تطبيق نموذج الدولتين إلا هذه الحالة المشوهة المحققة حاليا على الأرض، مع تعديلات طفيفة في المستقبل في أفضل الحالات. والأفق الوحيد لأي تحرر يحمله جيلنا والجيل القادم هو أن يعيش السكان في فلسطين كلها كمواطنين متساوي الحقوق في دولة واحدة. ولكي يحصل ذلك يجب تقوم هذه الدولة على المواطنة الديمقراطية المتساوية، فتفكيك الصهيونية شرط لتحقيق المواطنة، وأن تنتمي فلسطين الديمقراطية هذه إلى حاضنة أكبر هي الوطن العربي...
وإن البديل لهذا الحل العادل على المدى البعيد هو ليس حل الدولتين، فنحن نرى تطبيقه جاريا أمام أعيننا، وإنما أن يجري التعامل مع هذا الكيان من قبل شعوب المنطقة (خلافا لأنظمتها) كدولة صليبية جديدة تزول عاجلا أم آجلا. ومجرد التفكير بذلك يجعل حل الدولة الواحدة في فلسطين يبدو كما هو فعلا حلا عادلا، وليس شعارا متطرفا
.

No comments: