الشعب يريد إقصاء عباس
عبد الحليم قنديل
"هي لحظة تاريخية بامتياز في حياة الأمة، حيث تتدافع الثورات العربية السلمية، وتفلت الأحوال من قبضة الركود، ويحتدم الصدام ـ بالنار والدم ـ بين قوى تتراجع وأخرى تتقدم. ولا تبدو الأحوال الفلسطينية معزولة عن سياق اللحظة، وعن تفاعلاتها الموّارة، فقد وصل الحال الفلسطيني إلى المأزق من زمن، وبدت سلطة أوسلو كأنها من الآثار الدارسة، وبدا الرئيس عباس كأنه مومياء محنطة، تلعب الحوادث ضده، ويستخف به الإسرائيليون بطريقة رسمية جدا، ويخيره نتنياهو ـ بالنص ـ بين الاتفاق مع إسرائيل أو الاتفاق مع حماس، ويقول له في وضوح ما يتعين عليه فعله، وهو أن الاتفاق مع إسرائيل أفضل. وبالطبع، لا يعرض نتنياهو أي اتفاق تسوية، ويقصد باتفاق عباس مع إسرائيل ما هو مفهوم للكل، وهو أن يعمل مع إسرائيل ضد حماس، وبديلا عن العمل مع حماس ضد إسرائيل، وهو ما يعني ـ بصريح العبارة ـ أن إسرائيل ضد أي اقتراب لعباس من حماس، وضد إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتتخوف من زيارة عباس المزمعة إلى غزة، واللـــقاء مع قيادة حماس هناك، والبحث عن صيغة مصالحة فلسطينية تستعيد زخم الوحدة الوطنية. الفيتو الإسرائيلي ليس جديدا، وإن كان معلنا بأوضح الألفاظ هذه المرة، والفيتو الأمريكي داعم للإسرائيليين كالعادة، وضاغط بقوة مئات الملايين من الدولارات الممنوحة لسلطة الرئيس عباس، وهو ما يضع عباس في القيد من جديد، ويشل حركته السياسية، ويغلق عليه الطرق، ويدفعه لخانة العزلة التامة، فقد قطع الرجل كل رابطة تربطه بالحس الفلسطيني المقاوم، يرفض العودة لسلاح المقاومة، ويرفض الدعوة لانتفاضة فلسطينية ثالثة، ويتحدث عن سلام ومفاوضات لا وجود له ولا لها، فقد تضاعف الاستيطان الإسرائيلي بمعدل أربع مرات في العام الأخير وحده، وبدت واشنطن كأنها تترك عباس لأقداره، فلديها ما يشغلها أكثر، لديها حيرة إعادة ترتيب الأوراق مع مفاجآت الثورات الزلزالية في المنطقة، وتهاوي العروش والكروش، التي خبرت كيفية التعامل معها لعقود، ولديها ـ أي واشنطن ـ أولوية الالتزام برغبات إسرائيل. تخلت عن الضغط المظهري على إسرائيل في قضية الاستيطان، وسارع أوباما لاستخدام الفيتو المعتاد ضد مشروع قرار مخفف يدين التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وباختصار: أغلق أوباما ملف مفاوضات إسرائيل مع عباس، وتفرغ لاستعادة شعبيته الأمريكية، وعلى أمل الترشح مجددا لرئاسة البيت الأبيض، بينما عباس حائر في رئاسته المنقضية مدتها، ولا يطلب منه غير مواصلة تقديم الخدمات الأمنية للإسرائيليين، وتجنيد جهازه الأمني لمطاردة المقاومين في الضفة الغربية والقدس، وإصدار الإدانات الروتينية لكل عملية فدائية فلسطينية تجري ضد الإسرائيليين. عباس ـ إذن ـ ضائع في ركام الحوادث، ولم يعد قادرا على تعويم نفسه إسرائيليا، فقد انتهى الإيحاء بوجود تفاوض ما، أو مكوكيات تذهب وتجيء إلى رام الله، أو موضوعات يجري بحثها، أو الادعاء بالعمل من أجل إنهاء الاحتلال، وبدت تسريبات 'ويكيليكس'، وبعدها تسريبات قناة الجزيرة، وما جرت إذاعته من وثائق المفاوضات المخزية، ثم صدامه مع محمد دحلان الذي انتهى إلى نتيجة صفرية، بدا كل ذلك وغيره، مما يؤذن بنهاية دور عباس، وهذا ما يفسر مناوراته الأخيرة، وإعلانه الاستعداد لزيارة غزة، واللقاء المباشر مع قيادة حماس هناك، وعلى أمل تعويم شخصه الغارق، أو زيادة سعره في بورصة الإسرائيليين والأمريكيين، والإيحاء بأنه قد يسبب لهم مشكلة ما، وهو الإيحاء الذي رد عليه نتنياهو بعنف وصلافة ظاهرة، فقد تعامل مع عباس كأنه مجرد وزير في حكومته الإسرائيلية، وهدد بإخراجه من بيت العطف، وعقابه على احتمال الخروج من بيت الطاعة، وهو ما يزيد من حرج عباس الذي فقد سنده المصري مع خلع مبارك، ومع خروج اللواء عمر سليمان من منصب رئيس المخابرات المصرية، ثم نـــهاية سليمان المأساوية إلى عزلة موحشة في خريف العمر، وبعد أن أطاحت به الثورة المصرية الشعبية مع رئيسه مبارك، وهو ما يعني أن ورقة المصالحة المصرية ذهبت عمليا إلى خبر كان، وبعد أن غاب الرعاة المصريون القدامى عن المسرح، والذين ظاهروا عباس على حماس، وطرحوا على حماس شروطا مما لا يقبل، وشفعوا الشروط بضغوط ميدان تضيق الخناق على حماس، وتحكم الحصار على سلطتها في غزة بالذات، وتقطع خطوط الدعم عن مقاوميها، وتفرض عليهم أولويات الأمريكيين والإسرائيليين، أو اتصال المشاركة المصرية في المجهود الحربي الإسرائيلي لخنق غزة، وتصفية نفوذ حماس وتشكيلاتها العسكرية المقاومة. وعلى العكس من حال عباس، تبدو حماس في حال انتعاش بأثر من تطورات أعقبت الثورة المصرية الشعبية، فقد آلت سلطة السياسة في القاهرة إلى قيادة الجيش المصري، والأخيرة لا تبدو مستعدة لمواصلة خط مبارك، ولا لإعطاء الأولوية لخدمة إسرائيل على حساب حماس والفلسطينيين، صحيح أنها تتعرض لضغوط أمريكية ظاهرة، لكنها تحاول استخلاص أولوية ما لمصالح مصر الوطنية، وفي السباق المتدافعة فصوله، بدا طي صفحة أحمد أبو الغيط مما له مغزى لا يخفى، فأبو الغيط، وزير الخارجية المصري المقال، كان عدوا لحماس، ومشهورة هي تصريحاته المخزية عن كسر أرجل الفلسطينيين إن هم عبروا الحدود إلى مصر، في حين لا يبدو نبيل العربي، وزير الخارجية الحالي، من ذات المدرسة الإسرائيلية في الدبلوماسية المصرية، فالعربي قريب من إيحاءات لقبه، دبلوماسي مصري وطني، وعظيم الكفاءة في أداء مهامه، ولا يقبل دور الدمية الذي ارتضاه أبو الغيط، خاصة بعد تداعي نفوذ عمر سليمان الذي كان يلعب دور وزير الخارجية الحقـــيقي، وبدت تصريحات نبيل العربي الأولى مما يدل على تطور تدريجـــي في الموقف المصري، فقد أنهى الرجل قصة العداء الأرثوذكسي لدور إيران، وأوحى باتجاه لتحسين العلاقة مع طهران، بل والاســتعداد للتواصل مع حزب الله، وهو ما يبدو انفتاحا يشمل حماس أيضا، خاصة مع ظهور الوزن الراجح للتيار الإسلامي على الساحة المصرية، وما يبدو من علاقة تفاهم بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري الحاكم برئاسة المشير حسين طنطاوي، وكلها تطورات تضيف لبيئة تفاهم أفضل مع قيادة حماس، وهو ما عبر عنه محمود الزهار وزير خارجية حماس، والرجل القوى في قيادة الداخل، الذي كان أول مسؤول حماسي بارز يدعى لزيارة مصر بعد الثورة، وترتب له لقاءات على مستويات مميزة، وعلى خلفية التحذير المصري لإسرائيل من شن حرب مجددة على غزة. والتفاصيل على الجبهة المصرية كثيرة، وقد لا يستحسن الخوض في تشابكاتها الآن، ربما الخلاصة: أن عزلة حماس تنفك مصريا، بينما عزلة عباس تزداد، حتى لو جرت دعوته ورجاله لزيارة القاهرة، كما هو معتاد بروتوكوليا، فلم يعد الوسيط المصري كما كان بالضبط، لم يعد ذلك الطرف الضاغط على حماس لحساب عباس، وهو ما يعني أن حوار حماس وعباس صار مرتبطا أكثر بالمعادلات الفلسطينية الداخلية، وهي تميل، أيضا، لمصلحة سياسة حماس، وتخذل عباس، فكل الفصائل المؤثرة ميدانيا ـ عدا حال فتح المأزوم ـ أقرب لتقبل الوزن المميز لحماس، وهيئة الثوابت الفلسطينية، وهي تضم أغلب الشخصيات الفلسطينية الوطنية، هذه الهيئة تخاصم تنازلات عباس، وحركة الشباب الفلسطيني تميل باطراد للربط الوثيق المستحق بين شعار (الشعب يريد إنهاء الانقسام) وشعار (الشعب يريد إنهاء الاحتلال)، وهو ما يضيق الخناق أكثر على عباس، ويحاصر مناوراته، ويكشف استحالة عودته عن خدمة إسرائيل إلى خدمة الكفاح الفلسطيني، ويخلق شعورا أقرب لشعار قد يتطور إليه المزاج الفلسطيني، وهو أن (الشعب يريد إقصاء عباس). "
عبد الحليم قنديل
"هي لحظة تاريخية بامتياز في حياة الأمة، حيث تتدافع الثورات العربية السلمية، وتفلت الأحوال من قبضة الركود، ويحتدم الصدام ـ بالنار والدم ـ بين قوى تتراجع وأخرى تتقدم. ولا تبدو الأحوال الفلسطينية معزولة عن سياق اللحظة، وعن تفاعلاتها الموّارة، فقد وصل الحال الفلسطيني إلى المأزق من زمن، وبدت سلطة أوسلو كأنها من الآثار الدارسة، وبدا الرئيس عباس كأنه مومياء محنطة، تلعب الحوادث ضده، ويستخف به الإسرائيليون بطريقة رسمية جدا، ويخيره نتنياهو ـ بالنص ـ بين الاتفاق مع إسرائيل أو الاتفاق مع حماس، ويقول له في وضوح ما يتعين عليه فعله، وهو أن الاتفاق مع إسرائيل أفضل. وبالطبع، لا يعرض نتنياهو أي اتفاق تسوية، ويقصد باتفاق عباس مع إسرائيل ما هو مفهوم للكل، وهو أن يعمل مع إسرائيل ضد حماس، وبديلا عن العمل مع حماس ضد إسرائيل، وهو ما يعني ـ بصريح العبارة ـ أن إسرائيل ضد أي اقتراب لعباس من حماس، وضد إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتتخوف من زيارة عباس المزمعة إلى غزة، واللـــقاء مع قيادة حماس هناك، والبحث عن صيغة مصالحة فلسطينية تستعيد زخم الوحدة الوطنية. الفيتو الإسرائيلي ليس جديدا، وإن كان معلنا بأوضح الألفاظ هذه المرة، والفيتو الأمريكي داعم للإسرائيليين كالعادة، وضاغط بقوة مئات الملايين من الدولارات الممنوحة لسلطة الرئيس عباس، وهو ما يضع عباس في القيد من جديد، ويشل حركته السياسية، ويغلق عليه الطرق، ويدفعه لخانة العزلة التامة، فقد قطع الرجل كل رابطة تربطه بالحس الفلسطيني المقاوم، يرفض العودة لسلاح المقاومة، ويرفض الدعوة لانتفاضة فلسطينية ثالثة، ويتحدث عن سلام ومفاوضات لا وجود له ولا لها، فقد تضاعف الاستيطان الإسرائيلي بمعدل أربع مرات في العام الأخير وحده، وبدت واشنطن كأنها تترك عباس لأقداره، فلديها ما يشغلها أكثر، لديها حيرة إعادة ترتيب الأوراق مع مفاجآت الثورات الزلزالية في المنطقة، وتهاوي العروش والكروش، التي خبرت كيفية التعامل معها لعقود، ولديها ـ أي واشنطن ـ أولوية الالتزام برغبات إسرائيل. تخلت عن الضغط المظهري على إسرائيل في قضية الاستيطان، وسارع أوباما لاستخدام الفيتو المعتاد ضد مشروع قرار مخفف يدين التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وباختصار: أغلق أوباما ملف مفاوضات إسرائيل مع عباس، وتفرغ لاستعادة شعبيته الأمريكية، وعلى أمل الترشح مجددا لرئاسة البيت الأبيض، بينما عباس حائر في رئاسته المنقضية مدتها، ولا يطلب منه غير مواصلة تقديم الخدمات الأمنية للإسرائيليين، وتجنيد جهازه الأمني لمطاردة المقاومين في الضفة الغربية والقدس، وإصدار الإدانات الروتينية لكل عملية فدائية فلسطينية تجري ضد الإسرائيليين. عباس ـ إذن ـ ضائع في ركام الحوادث، ولم يعد قادرا على تعويم نفسه إسرائيليا، فقد انتهى الإيحاء بوجود تفاوض ما، أو مكوكيات تذهب وتجيء إلى رام الله، أو موضوعات يجري بحثها، أو الادعاء بالعمل من أجل إنهاء الاحتلال، وبدت تسريبات 'ويكيليكس'، وبعدها تسريبات قناة الجزيرة، وما جرت إذاعته من وثائق المفاوضات المخزية، ثم صدامه مع محمد دحلان الذي انتهى إلى نتيجة صفرية، بدا كل ذلك وغيره، مما يؤذن بنهاية دور عباس، وهذا ما يفسر مناوراته الأخيرة، وإعلانه الاستعداد لزيارة غزة، واللقاء المباشر مع قيادة حماس هناك، وعلى أمل تعويم شخصه الغارق، أو زيادة سعره في بورصة الإسرائيليين والأمريكيين، والإيحاء بأنه قد يسبب لهم مشكلة ما، وهو الإيحاء الذي رد عليه نتنياهو بعنف وصلافة ظاهرة، فقد تعامل مع عباس كأنه مجرد وزير في حكومته الإسرائيلية، وهدد بإخراجه من بيت العطف، وعقابه على احتمال الخروج من بيت الطاعة، وهو ما يزيد من حرج عباس الذي فقد سنده المصري مع خلع مبارك، ومع خروج اللواء عمر سليمان من منصب رئيس المخابرات المصرية، ثم نـــهاية سليمان المأساوية إلى عزلة موحشة في خريف العمر، وبعد أن أطاحت به الثورة المصرية الشعبية مع رئيسه مبارك، وهو ما يعني أن ورقة المصالحة المصرية ذهبت عمليا إلى خبر كان، وبعد أن غاب الرعاة المصريون القدامى عن المسرح، والذين ظاهروا عباس على حماس، وطرحوا على حماس شروطا مما لا يقبل، وشفعوا الشروط بضغوط ميدان تضيق الخناق على حماس، وتحكم الحصار على سلطتها في غزة بالذات، وتقطع خطوط الدعم عن مقاوميها، وتفرض عليهم أولويات الأمريكيين والإسرائيليين، أو اتصال المشاركة المصرية في المجهود الحربي الإسرائيلي لخنق غزة، وتصفية نفوذ حماس وتشكيلاتها العسكرية المقاومة. وعلى العكس من حال عباس، تبدو حماس في حال انتعاش بأثر من تطورات أعقبت الثورة المصرية الشعبية، فقد آلت سلطة السياسة في القاهرة إلى قيادة الجيش المصري، والأخيرة لا تبدو مستعدة لمواصلة خط مبارك، ولا لإعطاء الأولوية لخدمة إسرائيل على حساب حماس والفلسطينيين، صحيح أنها تتعرض لضغوط أمريكية ظاهرة، لكنها تحاول استخلاص أولوية ما لمصالح مصر الوطنية، وفي السباق المتدافعة فصوله، بدا طي صفحة أحمد أبو الغيط مما له مغزى لا يخفى، فأبو الغيط، وزير الخارجية المصري المقال، كان عدوا لحماس، ومشهورة هي تصريحاته المخزية عن كسر أرجل الفلسطينيين إن هم عبروا الحدود إلى مصر، في حين لا يبدو نبيل العربي، وزير الخارجية الحالي، من ذات المدرسة الإسرائيلية في الدبلوماسية المصرية، فالعربي قريب من إيحاءات لقبه، دبلوماسي مصري وطني، وعظيم الكفاءة في أداء مهامه، ولا يقبل دور الدمية الذي ارتضاه أبو الغيط، خاصة بعد تداعي نفوذ عمر سليمان الذي كان يلعب دور وزير الخارجية الحقـــيقي، وبدت تصريحات نبيل العربي الأولى مما يدل على تطور تدريجـــي في الموقف المصري، فقد أنهى الرجل قصة العداء الأرثوذكسي لدور إيران، وأوحى باتجاه لتحسين العلاقة مع طهران، بل والاســتعداد للتواصل مع حزب الله، وهو ما يبدو انفتاحا يشمل حماس أيضا، خاصة مع ظهور الوزن الراجح للتيار الإسلامي على الساحة المصرية، وما يبدو من علاقة تفاهم بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري الحاكم برئاسة المشير حسين طنطاوي، وكلها تطورات تضيف لبيئة تفاهم أفضل مع قيادة حماس، وهو ما عبر عنه محمود الزهار وزير خارجية حماس، والرجل القوى في قيادة الداخل، الذي كان أول مسؤول حماسي بارز يدعى لزيارة مصر بعد الثورة، وترتب له لقاءات على مستويات مميزة، وعلى خلفية التحذير المصري لإسرائيل من شن حرب مجددة على غزة. والتفاصيل على الجبهة المصرية كثيرة، وقد لا يستحسن الخوض في تشابكاتها الآن، ربما الخلاصة: أن عزلة حماس تنفك مصريا، بينما عزلة عباس تزداد، حتى لو جرت دعوته ورجاله لزيارة القاهرة، كما هو معتاد بروتوكوليا، فلم يعد الوسيط المصري كما كان بالضبط، لم يعد ذلك الطرف الضاغط على حماس لحساب عباس، وهو ما يعني أن حوار حماس وعباس صار مرتبطا أكثر بالمعادلات الفلسطينية الداخلية، وهي تميل، أيضا، لمصلحة سياسة حماس، وتخذل عباس، فكل الفصائل المؤثرة ميدانيا ـ عدا حال فتح المأزوم ـ أقرب لتقبل الوزن المميز لحماس، وهيئة الثوابت الفلسطينية، وهي تضم أغلب الشخصيات الفلسطينية الوطنية، هذه الهيئة تخاصم تنازلات عباس، وحركة الشباب الفلسطيني تميل باطراد للربط الوثيق المستحق بين شعار (الشعب يريد إنهاء الانقسام) وشعار (الشعب يريد إنهاء الاحتلال)، وهو ما يضيق الخناق أكثر على عباس، ويحاصر مناوراته، ويكشف استحالة عودته عن خدمة إسرائيل إلى خدمة الكفاح الفلسطيني، ويخلق شعورا أقرب لشعار قد يتطور إليه المزاج الفلسطيني، وهو أن (الشعب يريد إقصاء عباس). "
No comments:
Post a Comment