كابوس اسمه معبر رفح
رأي القدس
"السفر بالنسبة الى الفلسطينيين يعتبر مصدرا للقلق والخوف، ولكنه بالنسبة الى ابناء قطاع غزة على وجه الخصوص يعتبر كابوسا، سواء كانوا من سكان القطاع او من المقيمين في المنافي، حيث تبلغ المعاناة اقصى درجاتها.
ان تكون من مواليد قطاع غزة، فهذا يشكل اقصر الطرق لغرفة التحقيق في غرف المخابرات العربية المظلمة والمهينة في المطارات العربية، فابناء القطاع يتهمون دائما بالعنف والتطرف وفي افضل الاحوال الانتماء الى حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' حتى لو كانوا حليقي الذقون.
جميع الفلسطينيين باستثناء ابناء القطاع يحملون جوازات او وثائق سفر تؤهلهم للعودة الى منافيهم في المخيمات التي يقيمون فيها مع قليل من المعوقات، اما ابناء القطاع فوثائق او جوازات سفرهم الصادرة عن السلطة او السفارات المصرية فلا تعني شيئا بالنسبة الى السلطات المصرية، فاذا مروا عبر مطار القاهرة بعد سلسلة من التحقيقات والاسئلة المهينة، فان امامهم حاجز قناة السويس، ثم بعد ذلك معبر رفح وما ادراك ما معبر رفح، فالمعاناة مضاعفة في كل هذه البوابات الثلاث.
موسم الصيف يعني الاجازات السنوية، وزيارة الاهل في القطاع، الامر يبدو مألوفا بالنسبة الى الملايين الا ابناء القطاع، فالمضايقات تبدأ منذ البدء في التفكير في السفر، فعليك اولا ان تطمئن بان السلطات المصرية ستسمح لك بالمرور عبر الاراضي المصرية الى القطاع.. واذا ضمنت ذلك فان عليك ان تطمئن الى ان السلطات الامنية المصرية في معبر رفح ستفتح لك البوابة، واذا نجحت في كل ذلك فان عليك ان تضمن خروجك في الوقت المحدد للالتحاق بعملك في دول الخليج، خاصة حيث لا يتسامح الكفيل باي تأخير.
السلطات المصرية تسمح بعبور عدد محدد يوميا من الزائرين للقطاع، والشيء نفسه في طريق الخروج. وعليك الانتظار لاشهر حتى يأتي دورك من مغادرة سجن كبير اسمه قطاع غزة، فالدخول اليه رغم الصعوبات اكثر مشقة من مغادرته، والسبب هو حركة 'حماس'، التي تتحكم بعدد المسافرين.
لدى سؤال حركة 'حماس' او المسؤولين فيها عن اسباب عدم سماحها لاعداد اكبر من المغادرين، يردون بان المشكلة في الجانب المصري حيث يلزموننا بعدد لا يزيد عن 400 مسافر مغادر يوميا، ولكن هناك من يقول ان هناك محسوبيات واعطاء الافضلية لمنتسبي حركة 'حماس' واقاربهم، اما اعضاء المنظمات الاخرى او غير المنتمين فعليهم انتظار دورهم في الخروج الذي قد يطول لبضعة اسابيع او اشهر، فيأتي الرد ان هذا غير صحيح على الاطلاق، فالجميع سواسية.
الفلسطينيون ابناء القطاع، وبسبب مضايقات السلطات المصرية ومحسوبية حركة 'حماس' باتوا يلجأون الى الانفاق كوسيلة مرور، ولكن المرور عبر الانفاق ينطوي على الكثير من المخاطرة، خاصة اذا كان مستخدمو هذا الطريق غير الشرعي عائلات تضم اطفالا.. فالانفاق مظلمة وحارة جدا، علاوة على كونها معرضة للانهيار في اي لحظة. وفوق كل ذلك العبور من خلالها يحتاج الى دفع مبالغ مالية تصل الى الف دولار بالنسبة الى الاسرة الواحدة، ونصف هذا المبلغ للشخص الواحد.
السيد اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة قطاع غزة ناشد السلطات المصرية اكثر من مرة بتسهيل عبور الفلسطينيين، ولكن هذه السلطات تسد اذنيها امام هذه المطالبات، وتصر على فرض اجراءات تجعل المرور الى القطاع رحلة من العذاب من الصعب وصفها بما تنطوي عليه من مفارقات لا يمكن تصديقها.
اعتقدنا ان معاناة ابناء قطاع غزة ستخف تدريجيا منذ ان اعلن السيد نبيل العربي اول وزير خارجية مصري في عهد الثورة ان قطاع غزة سيظل مفتوحا بشكل طبيعي، ولكن الامور تغيرت منذ انتقاله لتولي منصبه الجديد كأمين عام لجامعة الدول العربية، وتصاعد الضغوط على الحكومة المصرية من قبل اسرائيل وامريكا بل والسلطة في رام الله للتضييق على ابناء القطاع وزوارهم حتى لكأن حصار هؤلاء لا يكفي.
احمد ابو الغيط المغرم بتكسير عظام ابناء القطاع اختفى، وانهار النظام الذي عينه وزيرا للخارجية، ولكن السياسات الغليظة التي ارساها حول كيفية التعاطي مع ابناء القطاع ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور.
المأمول ان تنظر حكومة الدكتور عصام شرف ووزير خارجيتها الجديد نظرة انسانية الى ابناء القطاع ووضع حد لمعاناتهم من حيث السماح لهم بالسفر عبر معبر رفح واليه مثل باقي البشر او حتى الحيوانات
"
رأي القدس
"السفر بالنسبة الى الفلسطينيين يعتبر مصدرا للقلق والخوف، ولكنه بالنسبة الى ابناء قطاع غزة على وجه الخصوص يعتبر كابوسا، سواء كانوا من سكان القطاع او من المقيمين في المنافي، حيث تبلغ المعاناة اقصى درجاتها.
ان تكون من مواليد قطاع غزة، فهذا يشكل اقصر الطرق لغرفة التحقيق في غرف المخابرات العربية المظلمة والمهينة في المطارات العربية، فابناء القطاع يتهمون دائما بالعنف والتطرف وفي افضل الاحوال الانتماء الى حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' حتى لو كانوا حليقي الذقون.
جميع الفلسطينيين باستثناء ابناء القطاع يحملون جوازات او وثائق سفر تؤهلهم للعودة الى منافيهم في المخيمات التي يقيمون فيها مع قليل من المعوقات، اما ابناء القطاع فوثائق او جوازات سفرهم الصادرة عن السلطة او السفارات المصرية فلا تعني شيئا بالنسبة الى السلطات المصرية، فاذا مروا عبر مطار القاهرة بعد سلسلة من التحقيقات والاسئلة المهينة، فان امامهم حاجز قناة السويس، ثم بعد ذلك معبر رفح وما ادراك ما معبر رفح، فالمعاناة مضاعفة في كل هذه البوابات الثلاث.
موسم الصيف يعني الاجازات السنوية، وزيارة الاهل في القطاع، الامر يبدو مألوفا بالنسبة الى الملايين الا ابناء القطاع، فالمضايقات تبدأ منذ البدء في التفكير في السفر، فعليك اولا ان تطمئن بان السلطات المصرية ستسمح لك بالمرور عبر الاراضي المصرية الى القطاع.. واذا ضمنت ذلك فان عليك ان تطمئن الى ان السلطات الامنية المصرية في معبر رفح ستفتح لك البوابة، واذا نجحت في كل ذلك فان عليك ان تضمن خروجك في الوقت المحدد للالتحاق بعملك في دول الخليج، خاصة حيث لا يتسامح الكفيل باي تأخير.
السلطات المصرية تسمح بعبور عدد محدد يوميا من الزائرين للقطاع، والشيء نفسه في طريق الخروج. وعليك الانتظار لاشهر حتى يأتي دورك من مغادرة سجن كبير اسمه قطاع غزة، فالدخول اليه رغم الصعوبات اكثر مشقة من مغادرته، والسبب هو حركة 'حماس'، التي تتحكم بعدد المسافرين.
لدى سؤال حركة 'حماس' او المسؤولين فيها عن اسباب عدم سماحها لاعداد اكبر من المغادرين، يردون بان المشكلة في الجانب المصري حيث يلزموننا بعدد لا يزيد عن 400 مسافر مغادر يوميا، ولكن هناك من يقول ان هناك محسوبيات واعطاء الافضلية لمنتسبي حركة 'حماس' واقاربهم، اما اعضاء المنظمات الاخرى او غير المنتمين فعليهم انتظار دورهم في الخروج الذي قد يطول لبضعة اسابيع او اشهر، فيأتي الرد ان هذا غير صحيح على الاطلاق، فالجميع سواسية.
الفلسطينيون ابناء القطاع، وبسبب مضايقات السلطات المصرية ومحسوبية حركة 'حماس' باتوا يلجأون الى الانفاق كوسيلة مرور، ولكن المرور عبر الانفاق ينطوي على الكثير من المخاطرة، خاصة اذا كان مستخدمو هذا الطريق غير الشرعي عائلات تضم اطفالا.. فالانفاق مظلمة وحارة جدا، علاوة على كونها معرضة للانهيار في اي لحظة. وفوق كل ذلك العبور من خلالها يحتاج الى دفع مبالغ مالية تصل الى الف دولار بالنسبة الى الاسرة الواحدة، ونصف هذا المبلغ للشخص الواحد.
السيد اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة قطاع غزة ناشد السلطات المصرية اكثر من مرة بتسهيل عبور الفلسطينيين، ولكن هذه السلطات تسد اذنيها امام هذه المطالبات، وتصر على فرض اجراءات تجعل المرور الى القطاع رحلة من العذاب من الصعب وصفها بما تنطوي عليه من مفارقات لا يمكن تصديقها.
اعتقدنا ان معاناة ابناء قطاع غزة ستخف تدريجيا منذ ان اعلن السيد نبيل العربي اول وزير خارجية مصري في عهد الثورة ان قطاع غزة سيظل مفتوحا بشكل طبيعي، ولكن الامور تغيرت منذ انتقاله لتولي منصبه الجديد كأمين عام لجامعة الدول العربية، وتصاعد الضغوط على الحكومة المصرية من قبل اسرائيل وامريكا بل والسلطة في رام الله للتضييق على ابناء القطاع وزوارهم حتى لكأن حصار هؤلاء لا يكفي.
احمد ابو الغيط المغرم بتكسير عظام ابناء القطاع اختفى، وانهار النظام الذي عينه وزيرا للخارجية، ولكن السياسات الغليظة التي ارساها حول كيفية التعاطي مع ابناء القطاع ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور.
المأمول ان تنظر حكومة الدكتور عصام شرف ووزير خارجيتها الجديد نظرة انسانية الى ابناء القطاع ووضع حد لمعاناتهم من حيث السماح لهم بالسفر عبر معبر رفح واليه مثل باقي البشر او حتى الحيوانات
"
No comments:
Post a Comment