LINK MUST READ ANALYSIS
بعد تمنع (وهذه يشتق منها تعبير ممانعة) اعترف حسن نصرالله بأن حزب الله يقاتل دفاعا عن النظام السوري، كما أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي بأنه يقاتل دفـــاعا عن النظام، وأنـه لن يسمح بسقوطه.
لهذا قرّر دفع حزب الله لكي ترسل آلاف المقاتلين إلى سوريا، وفرض إرسال آلاف المقاتلين من تنظيم عصائب أهل الحق (وهو تنظيم طائفي قام بعمليات تطهير طائفي في بغداد استدعت طرد زعيمه وعناصره من قبل مقتدى الصدر، حيث كانوا جزءا من التيار الصدري)، ومن قوى طائفية أخرى، إضافة إلى إرسال قوات من الحرس الثوري الإيراني، بعد أن كان مشاركا في التخطيط والتدريب والإشراف منذ بدء الثورة.
والآن يعترف قادة من حزب الله بأن دورهم هو الذي منع انهيار السلطة السورية، وهذا ما يقرره بشار الأسد كذلك في لقاء مع «ممانعين» من مصر.
طبعا هذا يعني أن الثورة قد وصلت مرحلة أنهكت السلطة، وألحقت بـ«القوة الصلبة» التي تعتمد عليها، أي الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والشبيحة والمخابرات الجوية، ضربات قوية جعلتها عاجزة عن الدفاع عن السلطة وحمايتها من الانهيار.
وكان ذلك يبدو واضحا قبل معركة القصير التي ظهر فيها دور حزب الله بشكل واضح وأساسي، لكن كان عجز الكتائب المسلحة عن بلورة إستراتيجية واضحة لكيفية السيطرة على السلطة في دمشق هو السبب في عدم حسم الصراع لمصلحة الثورة. وبالتالي فتح الباب لدخول كل تلك القــــوات التـي باتت هي التي تحمي النظام. وهذا يعني أيضـا أن المعركة لم تعد بين الشعب والسلطـة في سوريـا، بل بين الشعب وبقايـا السلطـة والقوى الخارجيــة التي تحمي النظام، أي إيران وتوابعها من حزب الله والقـوى الطائفيــة في العراق.
هذا الأمر فرض تعديل ميزان القوى على الأرض لمصلحة السلطة، التي باتت تعمل على حسم الصراع لمصلحتها مستفيدة من قوى طائفية «سنية» زرعتها في ما بات يسمى بـ«المناطق المحررة»، خصوصا «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، وجبهة النصرة، التي سهّلت السلطة تشكيلها لأنها تعرف الدور الذي ستقوم به ضد الشعب والثورة، ومستفيدة من اختراقاتها لها. حيث بدأت داعش الحرب ضد الكتائب المسلحة، وباتت تسعى إلى السيطرة على كل المناطق المسماة «محررة»، وتقوم بعملية تصفية واعتقال لكثير من الكادر العسكري والإعلامي ومن نشطاء المجتمع المدني.
ورغم التفارق الشكلي بين القوتين الطائفيتين (حزب الله والقوى العراقية من جهة وداعش والنصرة من جهة أخرى)، فإن السلطة السورية استطاعت أن تضعهما معا في خدمة استمرارها؛ الأولى في الدفاع عن السلطة ومحاولة تصفية الكتائب المسلحة وفرض السيطرة على «المناطق المحررة»، والثانية بتخريب وضع الثورة وإرباكها، وتصفية ما تستطيع من كادر فيها، وبالتالي تمهيد الطريق لاستعادة تلك المناطق. بعد أن تكون قد استفادت من وجود تلك القوى الأصولية لتخويف قطاع من الشعب، والعالم من «خطر الأصولية»، ومن احتمال وصولها إلى السلطة، وبالتالي فرض الاصطفاف خلف السلطة وهي تنكّل بالشعب من خلال قصف الطائرات والصواريخ والدبابات، وارتكاب مجازر متتالية في العديد من المناطق.
لقد نجحت السلطة في جرف الثورة إلى المساحة التي تريدها، لكنها هزلت أمام قوة إرادة الشعب، وباتت قواها الصلبة «مضعضعة» إلى حدّ كبير، بعد أن باتت تخشى من استخدام الجيش الذي تصاعد الاحتقان فيه إلى حدّ فرض عليها حصره في المعسكرات، وهو الأمر الذي يفسر لماذا تضعضعت بعد أن تكسرت «قوتها الصلبة»، ولم تعد قادرة على الدفاع عن السلطة رغم عدم انشقاق الجيش.
في هذا الوضع بات الشعب (المقاتل في الكتائب المسلحة وفي كل أشكال الحراك السلمي والإغاثي والإعلامي والمدني)، يقاتل على عدد من الجبهات وليس في جبهة واحدة رُغما عنه. فهو يقاتل السلطة، ويقاتل داعش والنصرة والقوى الأصولية أيضا، ويتصدى للفوضى والقوى التي تستغل الثورة لكي تنهب وتمارس الفوضى. ولقد بات يقاتل حزب الله وإيران وأدواتهـا التي تحمل السلطــــة كي لا تنهار.
بالتالي إذا كان هناك من يتحدث عن «التدخل الخارجي» (بمعنى التدخل الإمبريالي الأميركي والخليجي) والذي هو مرفوض وأضرّ الثورة، فإن المظهر الرئيسي للتدخل الخارجي بات يكمن في تلك القوى التي تحمل السلطة وتحميها. وهو العبء الذي أصبح يحمله الشعب السوري، والذي يفرض البحث عن إمكانات مواجهة جديدة ضد تلك القوى.حيث لم يعد يكفي «الوقوف مع الثورة» بل لا بد من تلمّس كيفية مواجهة تلك القوى في بلدانها، من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق. وهو الأمر الذي يفرض تطوير العلاقة مع الشعوب في هذه البلدان، ومع القوى الثورية لشلّ كل إمكانية للحشد في سوريا من قبلها.
في إيران ربما نشهد ثورة كذلك، لكن لا بد من تلمس كيفية إرباك النظام.وفي العراق يجب تطوير الصراع الشعبي ضد نظام نوري المالكي، والتصدي إلى كل القوى الطائفية التي ترسل عناصرها للدفاع عن سلطة استبدادية مافياوية في دمشق. وفي لبنان لا شك في أن الوضع السوري ينعكس بشكل متسارع على لبنان، ومن الواضح أن دور حزب الله في قمع الثورة السورية، يؤسس لحالة من الاحتقان سوف تنفجر في وجهه، ليس من الطوائف الأخرى فقط بل من الشيعة خصوصا، حيث يضحي بكادرات ومقاتلين تدربوا لمواجهة الدولة الصهيونية، لحماية سلطة باتت في حكم المنتهية.
ولا شك في أن انتصار الثورة السورية يفترض سحب مقاتلي ذاك الحزب من سوريا، خصوصا بعد أن أكدوا أنهم من يحمي النظام من السقوط. إذن، تطور الثورة السورية ربما يفترض توسعها في المحيط، خصوصا هنا في لبنان والعراق.
كاتب فلسطيني
1 comment:
I found this particularly interesting:
"حيث لم يعد يكفي «الوقوف مع الثورة» بل لا بد من تلمّس كيفية مواجهة تلك القوى في بلدانها، من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق. وهو الأمر الذي يفرض تطوير العلاقة مع الشعوب في هذه البلدان، ومع القوى الثورية لشلّ كل إمكانية للحشد في سوريا من قبلها.
في إيران ربما نشهد ثورة كذلك، لكن لا بد من تلمس كيفية إرباك النظام.وفي العراق يجب تطوير الصراع الشعبي ضد نظام نوري المالكي، والتصدي إلى كل القوى الطائفية التي ترسل عناصرها للدفاع عن سلطة استبدادية مافياوية في دمشق. وفي لبنان لا شك في أن الوضع السوري ينعكس بشكل متسارع على لبنان"
Post a Comment