مفاوضات حزب الله السرية مع الشيطان الأكبر!
رأي القدس
تأكدت، من مصادر عديدة، حكاية المفاوضات السرية التي جرت بين ايرانوامريكا (او الشيطان الأكبر حسب تسمية آية الله الخميني الشهيرة للولايات المتحدة) منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني والتي أوصلت الطرفين (مع الجوقة الاوروبية والمقاولة الروسية) الى الاتفاق التاريخي بالغاء مشروع القنبلة النووية الايرانية مقابل التخفيض التدريجي للعقوبات الاقتصادية والسياسية ضدطهران.
وتبعها، ما نشر مؤخرا في صحيفة (الوورلد تريبيون)، عن حوار سري بين الأمريكيين وحزب الله نشر في مقالة بالصحيفة تحت عنوان ‘أصدقاء شيعة أكثر: الولايات المتحدة في حوار سري مع حزب الله’. مضمون الحوار حسب المصادر البرلمانية اللبنانية التي نقلت الخبر هو ‘استقرار لبنان’ و’تشكيل الحكومة اللبنانية’.
يبدو الخبر الأخير مجرد خيط في مجموعة خيوط متشابكة ستظلل شبكتها المنطقة بعد الاتفاق الايراني الامريكي، وسنشهد فصولها في سورية أولاً، حيث يحتدم القتال بالوكالة بين ايران وأعدائها الاقليميين، وفي لبنان ثانياً، الذي يشكّل حزب الله ورقة طهران الأعلى صوتاً ووزناً سياسة وعسكراً واعلاماً، وستنداح موجاتها في العراق مروراً بالخليج العربي ووصولاً الى اليمن.
يستدعي الخبر تداعيات علاقة العداء الطويلة بين الايرانيين وحزب الله من جهة والأمريكيين وحلفائهم من جهة أخرى، بدءاً من احتلال السفارة الامريكية في طهران عام 1979، ثم تفجير حزب الله للسفارة الامريكية في بيروت في نيسان (ابريل) 1983، الذي أدى لمقتل 58 امريكياً، ثم تنفيذ عملية التفجير الانتحاري لثكنات المارينز في بيروت في تشرين الأول (اكتوبر) من العام نفسه والذي ادى لمقتل 241 امريكيا و58 فرنسياً.
يمكن اعتبار الاتفاق الامريكي الايراني أساساً لمراجعة تاريخية لمبادئ راسخة في نظريات الحرب والسياسة العالميتين، فمغامرة جورج بوش الصغير الأشبه باندفاعة الاسكندر المقدوني، قادته الى حتفه السياسي جارّة معه الولايات المتحدة الأمريكية (معطوفة على أزمة اقتصادية شاملة) الى مراجعة اضطرارية لتاريخها الذي استوحى رموز روما القديمة (الكابيتول والكونغرس) واستلهم مرات لا تحصى قرار روما المشؤوم (قرطاجة يجب ان تدمر) الذي أنهى حرباً طويلة بين ضفتي المتوسط بدمار كامل لحضارة وسكانها.
تبدو سياسة اوباما الامريكية وكأنها مراجعة اعتذارية كبرى لهذا الخطّ السياسي الذي طالما اتبعته امريكا، أولاً مع سكّان القارة الأصليين، ثم طبقته في اليابان والمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ثم كررته مجدداً في العراق وافغانستان.
لكن السؤال الكبير هو هل قررت الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد 34 عاماً على تأسيسها أن تتحوّل من ثورة الى دولة، وأن تنتظم حقاً في المنظومة الدولية، فتتفاوض أيضا مع جيرانها الأقربين وتطبّع علاقاتها معهم وليس فقط مع القوى الكبرى أم أن اغلاقها الملفّ النووي كان خطوة اضطرارية دفعتها اليها العقوبات الاقتصادية والسياسية الشديدة ضدها؟
لا يمكن أن تكون مفاوضات امريكا السرّية مع ايران وحزب الله قد تجاهلت ملفّات المنطقة وتبويبها، في حالة حزب الله، ضمن التعاون على ‘استقرار لبنان’ لا يمكن أن يتجاهل علاقة تصدّع هذا ‘الاستقرار’ بتدخل حزب الله العسكري المباشر لصالح النظام في دمشق وقتاله ضد المعارضة السورية.
تتقاطع امريكا موضوعياً مع حزب الله في نقطتين رئيستين: أمن اسرائيلومواجهة ‘القاعدة’ وأخواتها.
هدوء الجبهة الاسرائيلية اللبنانية منذ عام 2006 وانخراط الحزب في مواجهة ‘القاعدة’ في سورية يجعلانه أقرب بكثير للسكّة الامريكية مما تزعمه دعايته الاعلامية، وهو أمر لم يفت وسائل الاعلام الموالية للحزب الاشارة اليه ومحاولة استثماره للحصول على تغطية غربية لحربه مع ‘التكفيريين’، كما يسمّيهم.
قضية ‘الاستقرار’ في لبنان تعني بالتأكيد قضية ‘الحرب’ في سورية، وعندها على كثيرين أن يقلقوا حقاً من ‘سرّية’ المفاوضات.
No comments:
Post a Comment