Link
قدرت دراسة صدرت أخيراً عن معهد الدراسات الأمنية الأوروبية، كلفة الحروب والنزاعات في المنطقة العربية خلال العقود الأخيرة بنحو 12 ترليون دولار. وهذه الخسائر حسب المعهد، تعني الكفة المالية الفعلية للحروب زائداً الفرص الاقتصادية التي أضاعها العرب بسبب المخاطر الاستثمارية. وهذه الكلف لا تأخذ في الحسبان الخسائر البشرية والثقافية والإنسانية. وأشارت الدراسة إلى أن متوسط دخل الفرد العربي رغم الموارد الطبيعية وثروات الطاقة الهائلة التي يملكها يعد الأقل في العالم، مقارنة بدخول المواطنين في باقي أنحاء المعمورة. حيث تقدر دخل الفرد العربي في المتوسط بنحو 7981 دولار في السنة، مقارنة بمتوسط الدخل العالمي المقدر بحوالى 11975 ألف دولار. وفيما تنصهر الأمم وتذيب خلافاتها العرقية والمذهبية لتكوين دولة مركزية قوية، يلاحظ أن العالم العربي يغرق في محيط من دماء الاقتتال الطائفي والقبلي، لتكون النتيجة الدمار الشامل للعمار والأجيال ويعود الإنسان العربي عقوداً إلى الوراء. وعادة ما تقود هذه الحروب إلى زيادة مخاطر التأمين ورفع كلفة المشاريع وإحجام رأس المال العالمي عن الاستثمار في المنطقة. وهو ما يحدث حالياً في العديد من الدول العربية التي تواصل فقد نصيبها من تدفقات الاستثمارات العالمية. فالعراق أصبح فضاء مفتوحاً للإرهاب والقتل والسلب والنهب، كما انتشرت الأمية وتدمرت المدن والبنى التحتية، وفي سورية اختفت الحياة في مدن كاملة، أصبح ينعق فيها البوم، فيما لا يزال حاكمها بشار الأسد يفتخر بأنه يحقق انتصارات. وفي اليمن تواصل "مليشيات الحوثي" زرع الرعب والدمار في صنعاء وعدن. والحال لا يختلف في ليبيا التي بات كل ما فيها نهباً لمناهضي الثورة. وحسب الدراسة فإن أولى ضحايا هذه الحروب بعد سقوط القتلى وأنات الجرحى، كانت مشاريع التنمية الاقتصادية وبناء الإنسان. فالاضطراب الأمني الذي تعرضت لها المنطقة العربية خلال الأعوام الأخيرة، غير بسرعة مسار الأولويات في سياسات الدول العربية، حتى في دول مجلس التعاون التي تنعم بالاستقرار النسبي. فالأولويات تحولت من التنمية والتطور الاقتصادي إلى القضايا الأمنية والدفاعية. وشهدت المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في الإنفاق على التسلح والمهام الأمنية. وأصبحت فاتورة الدفاع والأمن في العالم العربي باتت تقارب ترليون دولار. ولاحظت الدراسة، أن دول مجلس التعاون الخليجي منذ انقلاب "مليشيا الحوثي" التي تدعمها إيران على الشرعية في اليمن، تجد صعوبات مالية في تمويل مشاريع تنويع الاقتصاد والإصلاح المالي. وقد كانت هذه الدول تركز على عمليات هيكلية واسعة لتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل وبناء صناعات ناجحة بديلاً عن النفط. وتشير الدراسة إلى أن الاقتصاد السوري تدهور إلى أدنى مستوى له قبل بسبب الحرب الدائرة رحاها هناك حتى الآن. وتقول الدراسة أنه في أفضل السيناريوهات المتفائلة، فإن إجمالي الناتج المحلي السوري يحتاج إلى 30 عاماً من النمو المتواصل وبنسبة تبلغ 5.0% حتى يتمكن من العودة إلى معدلات الدخل العام التي كان عليها في عام 2010. كما قالت إن ليبيا ربما تكون تأخرت اقتصادياً عشر سنوات.
No comments:
Post a Comment