يقول الأستاذ أحمد علي المدير العام لصحيفة الوطن القطرية في مقاله اليوم الأحد:
مع دخول العدوان الإسرائيلي على لبنان أسبوعه الرابع، وانقشاع غبار معارك "بنت جبيل" الصامدة و"عيترون" وسائر قرى الجنوب، يأتينا صوت الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله" بروح معنوية عالية، وإرادة وطنية لا تنكسر، ليبشر الأمة بنصر قريب بإذن الله.
ولأن مقاييس النصر وحسابات الهزيمة تختلف في هذه الحرب غير المتكافئة عن غيرها من حروب إسرائيل ضد العرب، فإن مجرد ظهور حسن نصر الله على تليفزيون "المنار"، متحديا الغارات العشوائية يعني انتصارا لمبادئ الرجل الذي أصبح رمزا للمقاومة الوطنية بوجه الغطرسة الإسرائيلية.
ما من شك في أنه كلما استطاعت المقاومة الصمود يوما آخر في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية المدمرة والمدعومة أميركيا فإن ذلك يعني انتصارا لها، وهزيمة لمقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
لقد تعدت الحرب الظالمة التي تشنها إسرائيل ضد لبنان بأهدافها الإستراتيجية قضية الإفراج عن الجنديين الأسيرين، وبات واضحا أنها جزء من مخطط تآمري لتغيير المعادلات السياسية بالمنطقة، بالتخلص من حركات المقاومة الوطنية بالعالم العربي، وإعادة تشكيل شرق أوسط يريدونه خاليا من المدافعين عن كرامة الأمة، بمشروع يحظى بموافقة بل مشاركة أنظمة عربية تريد دورا وموقعا مؤثرين.
وإذا كانت الحرب كشفت صلابة المقاومة وصعوبة هزيمتها، فإنها كشفت أيضا هشاشة مواقف حكومات عربية وجدناها مع إطلاق الرصاصة الإسرائيلية الأولى على الجنوب ترفع راية الاستسلام، بدلا راية الإسلام!
فوضى كبيرة وتخبط وتردد بل وعجز في حركة النظام الرسمي العربي الذي يقف ساكتا ولا يحرك ساكنا، إزاء مجازر إسرائيل الوحشية دون أن يسعى لقمة عربية طارئة, وكأن أطفال لبنان الذين قتلوا في "قانا" الأولى والثانية لا ينتمون إلى أمتنا العربية، ولا يمثلون مستقبلنا العربي الذي يبدو مظلما، خصوصاً مع إصدار فتاوى ملكية تفصل حسب مقاسات ومتطلبات وتقلبات الظروف السياسية تحرم نصرة "حزب الله"، مما يدعم موقف إسرائيل بعدوانها، ويساهم في تقسيم الأمة الإسلامية.
المؤسف، بل المخجل، أن هذه الأنظمة الخائفة على مصائرها ذهبت إلى حد توفير غطاء رسمي عربي لضرب المقاومة، بإعطاء الضوء الأخضر لشن العدوان بتحميل المسؤولية لحزب الله، ليكون ضربه عملا مشروعا بأذهان الرأي العام العالمي، وتكسير إرادته عملا مقبولا لدى رجل الشارع العادي، مما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" إلى التفاخر بالتأييد الرسمي العربي.
سواء اختلفنا طائفيا أو مذهبيا أو سياسيا مع حزب الله، فالظرف لم يكن مناسبا أبدا لتصفية الحسابات الأيديولوجية، واتهامه بخوض "المغامرات"، وإنما كان مطلوبا رصّ الصفوف وبحث السبل الكفيلة بوقف العدوان الغاشم.
لا أدري ما الذي تغير في القواميس السياسية لأنظمة ابتعدت عن إرادة شعوبها حتى أصبحت المقاومة المشروعة من أعمال "المغامرات"، فالذي نعرفه أن "حزب الله" هو نفس الحزب الشيعي المقاتل الذي أجبر إسرائيل على الانسحاب من الجنوب اللبناني قبل ستة أعوام بعمل بطولي شجع الأمير الشاعر خالد الفيصل للتغني بإنجاز المقاومة اللبنانية بقصيدة "لبنان أكبر من بلد" والتي يقول فيها:
قالوا إسرائيل ما تُهزم أبد
وانسحب جيش العدو قبل الوعدْ
أرغموه أبطال لبنان الرّجال
ما انسحبْ لا لا تحجّم وانطردْ
يسبق اللّحظات في ليل الهروب
يدري إن الموت حظّه لو قعدْ
لو ظهر لبنان في حجمه صغير
بالنصر لبنان أكبر من بلد
No comments:
Post a Comment