د.إبراهيم حمّامي
ما أن كتبت الموضوع الأخير المعنون " سيادة الرئيس الكاذب" بتاريخ 17/10/2006 رداً على مؤتمر محمود عبّاس الصحفي ، حتى انهالت عليّ العديد من الرسائل والاتصالات حول ما ذكرته بين مؤيد ومعارض، لكن ما يهمني هنا هو تلك الاعتراضات على وصف محمود عبّاس بالكاذب، وسرد أسباب يراها أصحابها منطقية لرفض ما ذكرت وتكذيبه ومن منطلقات مختلفة، جعلتني أقرأ وأتمعن وأتفحص الردود، ووصلت لنتيجة مفادها أنه يجب حقيقة الاعتذار لمحمود عبّاس عن هذا الوصف، أي "الكاذب"!
تلخصت الاعتراضات على محاور أهمها:
1- أحد النواب العرب في الكنيست طلب ازالته من القائمة البريدية بسبب "انفلات لغة ما أكتب"، على اعتبار أن وصف الكاذب فيه مجافاة للحقيقة، وكان له ذلك
2- أحد الأكاديميين في جامعة فلسطينية عريقة كتب وبكل احترام وجهة نظره، وهو ما يستحق التقدير والشكر، وكانت أهم نقاط اعتراضه الكثيرة " أليس هناك تيارا في الساحة الفلسطينية وبين الشعب الفلسطيني يؤمن ويؤيد الرئيسالمنتخب، أليس الاساءة للرئيس هو اساءة لهذه الشريحة الهامة من الشعب والتي يجب أنيتم كسبها الي جانب مشروع المقاومة؟"
3- لا دليل على ما ذكرت حول وثيقة الوفاق، وهناك من طلب نسخاً من وثيقة البرغوثي (قبل التعديل) ووثيقة الوفاق (بعد التعديل) وكما وعدت القاريء أرسلتها لمن طلب.
رغم توثيقي الكامل للردود على محمود عبّاس، والتي تجاهلها الكثيرون ممن كتبوا، ومن هذه النقاط السابقة تحديداً أنطلق وأقول رداً على كل منها واحقاقاً للحق، وبالاثبات القطعي الموثق ما يلي:
* حول انفلات اللغة، وأيضاً من قال أن هذا الأسلوب عيب أقول: أن العيب ليس في وصف السارق بأنه سارق ولا المجرم بأنه مجرم ولا الكاذب بأنه كاذب، لكن العيب كل العيب أن يقف من يدعي أنه يمثل الشعب الفلسطيني ليكذب على الملأ ليبرر مواقفه المخزية، دون أن يرف له جبن، واللغة المنفلتة التي لم تعجب عضو الكنيست، اعتبرها البعض تهاوناً وكتب يقول وبالحرف: لدي اعتراض على العنوان:الرئيس الكاذب، العنوان يجب أن يكون الرئيس الكذوب أوالكذاب أي كثيرالكذب (صيغة مبالغة)، يبدولي أن لغتك العربية ضعيفة.
العيب كل العيب أن نسكت ونصمت ونحن نسمع عبّاس يتحدث باسم الشعب الفلسطيني ليهين هذا الشعب ويحقره ويرفض لقاء رئيس حكومته، بينما يفتح ذراعيه وأحضانه لقاتل أطفالنا دون قيد أو شرط، والعيب أن تتبجح أبواقه الناعقة بهذا التمنع عن لقاء هنية كما صرح أحد هذه الأبواق، والعيب والعار أن يضع عباس عن يمينه نذير الشؤم الشيء المسمى ياسر عبد ربه والذي لا نسمع نعيقه إلا للتشكيك بأي اتفاق أو وفاق كلما اقتربت الأطراف منه، والعيب والعار أن يطلب منا أحد أن نكون شهود زور على جرائم عبّاس وعصابته وتآمرهم على شعبنا.
* الإساءة للرئيس إساءة لمن انتخبه وخسارة لشريحة يمكن أن يتم كسبها: هذه الشريحة التي تحدث عنها الأخ الكريم قبلت بعباس بناء على برنامج معين طرحه في ظل فراغ سياسي خلقه موت عرفات، هذا البرنامج تخلى عنه عبّاس تماماً، بل تنكر له ولفظه ورماه من وراء ظهره، وللتذكير فإن هذا البرنامج احتوى على 14 نقطة لم يحافظ عبّاس على أي منها اللهم إلا النقطة الرابعة المعنونة: " التمسك بخيار السلام الاستراتيجي"، أما باقي البنود فهي بمنظور عبّاس اليوم لا تليق بنا، واقتبس من هذا البرنامج النقطة السادسة التي تقول:
"سادساً- استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال:
إن حق شعبنا في مقاومة الاحتلال حق كفلته المواثيق الدولية، ولن يتنازل عن هذا الحق، وعن حقه في الدفاع عن النفس أمام الاعتداءات الإسرائيلية. ومهمتنا أن نمارس وفي الوقت المناسب أشكال المقاومة المناسبة والمتوافقة مع تقاليدنا وتراثنا الثوري ومع القانون الدولي".
لم تعد حتى كلمة المقاومة وليس فعلها مقبولة من قبل عبّاس، وأذكر أيضاً بما كتبته في هذا السياق:
"لم يكتف بذلك بل أطلقة أكذوبة عجيبة هذه المرة ليقرر نيابة عن العالم أجمع أن " الحكومات في العالم كله لا تتبنى المقاومة" وأن "الحكومة يفترض أن لا تمارسها" وأن "كلمة المقاومة لا تصلح"، هكذا قرر العلامة عبّاس في كذبة جديدة وكأنه مفوض العالم السامي، راجع التاريخ يا عبّاس وراجع برامج كل شعوب الأرض التي كانت ترضخ تحت الاحتلال، وراجع برامج حكوماتها التي كانت إما على جزء محرر من أوطانها أو في المنافي، لتعرف مقدار كذبك وادعائك الباطل"
ترى هل بقيت تلك الشريحة مؤيدة لمن تنصل من برنامجه، بل لمن خدعها وكذب عليها ليصل إلى مبتغاه ثم يحقر الشعب بعد ذلك؟ إن كانت هذه الشريحة التي تحدث عنها الأخ الكريم موجودة ولم تكتشف بعد خداع عبّاس وعصابته، فلا أمل أخي الكريم في أن يتم كسبها مطلقاً، لأنه عمى البصر والبصيرة.
في المجر وبلسبب غلطة تقنية أسمعت الجماهير صوت رئيس الوزراء وهو يعترف أنه خدعها في برنامجه الانتخابي، قامت الدنيا ولم تقعد بعد، وانطلقت المظاهرات وازداد عدد المشاركين بها، معتبرين أنه من العار أن يقودهم كاذب مخادع، أما عندنا فرئيس السلطة يقف مفاخراً مجاهراً بكذبه، ويجمع لذلك الصحفيين والاعلاميين، ثم يحرك أبواقه لتبرير فعلته المشينة، هل شعبنا الفلسطيني البطل أقل من شعوب العالم؟
* وثيقة الوفاق لا تختلف عن وثيقة السجناء (هكذا اسماها امتثالا لتسمية المحتل بدلا من الأسرى)، ورفضها بداية كان مضيعة للوقت، وفي النهاية قبلت كما هي دون تعديل، كان هذا ما ذكره عبّاس في معرض كذبه ليلة 17/10/2006، وفي هذا الشأن أقول إن كان الأمر كذلك فلماذا يرفضها عبّاس اليوم وهو الذي استمات مع عصابته في تمرير الوثيقة غير المعدلة وحدد موعداً للاستفتاء عليها؟ لماذا لا يقبل بها اليوم برنامجاً للحكومة ما دامت هي ذات الوثيقة دون تعديل والتي أراد أن يستفتي عليها الشعب في خطوة غير قانونية وغير دستورية.
لكن يأبى الله إلا أن يفضح أمثال هؤلاء، فقدر سبحانه لي أن أحصل على صورة للتواقيع على وثيقة الوفاق الوطني، وهي بخط اليد وعليها توقيعات ممثلي الأطراف المختلفة من فصائل ومجتمع مدني ومستقلين إضافة إلى ممثل "الرئيس!" روحي فتوح. ويظهر في الورقة بوضوح النقاط التي تم تعديلها من وثيقة الأسرى بعكس ما ادعاه عباس من أن الوثيقة وقعت "كما هي"، أنشرها اليوم لتكون أكبر دليل دامغ على كذب عباس وعصابته:
والآن لكل من اعترض وهاجم وكتب أقول: هذا هو عبّاسكم، وهذه أكاذيبه قد وضحت أكثر، فقد خان عهده امام الناخب من خلال برنامجه، وكذب على الشعب عندما قال أن الوثيقة وقع عليها كما هي، وتآمر على الشعب والحكومة فاحتجز الأموال المثبت وصولها إلى حسابه، وغيرها من الأفعال المشينة المخزية، وأقول هاتوا ردودكم وبرهانكم إن كان لكم ردود.
أما عبّاس فأقول له: عذراً ومعذرة فقد ظلمتك حين وصفتك بالكاذب، فأنت الكذوب المخادع المعادي لشعبك، ولو كان لديك ذرة من عزة نفس أو كرامة لرحلت غير مأسوف عليك وتواريت عن الأنظار وقد انفضحت وتعريت، وأقول أتحداك وكل زمرتك الفاسدة والمفسدة أن تكذبوا حرفاً واحداً مما ذكرت، وأتحداكم في الوقت والزمان والمكان الذي تختارونه لمقارعة الحجة بالحجة، لكن هيهات هيهات فدور عبّاس لم ينته بعد، وعصابته أجبن من أن تواجه الحقيقة بالحقيقة، والحجة بالحجة، لأنهم تربوا في مدرسة الكذب والغش والخداع والتشويه.
No comments:
Post a Comment