Tuesday, July 17, 2007

عصابة "العشرة"

بقلم/ د. إبراهيم حمّامي


"عصابة "العشرة"

في حديث مع مجموعة من المهتمين بالشأن الفلسطيني سأل أحدهم: حماس وحكومة تسيير الأعمال برئاسة هنية تدعو للحوار مع "الطرف الآخر" بل وتصر عليه بدون شروط مسبقة، ويصر "الطرف الآخر" على رفض الحوار وبكل صوره، لماذا؟

السؤال منطقي، لكن ما لمع في ذهني سؤال آخر أكثر إلحاحاً: من ستحاور حماس؟ وفكرت بصوت مرتفع لأكتشف أن الحوار المقصود هو مع عصابة لا تتجاوز أصابع اليدين، عصابة اختطفت حركة فتح وتحاول اختطاف القرار الفلسطيني برمته، عصابة يقودها عبّاس وبوسوسة من يقفون عن يمينه وشماله، وآخرون يزينون له الباطل، وكلهم لا يتجاوزون "العشرة"!

"عصابة العشرة" هو الاسم الأكثر لياقة لهؤلاء – نسبة لعصابة "الأربعة" الصينية بعد وفاة ماوتسي تونغ- وأترك لكم أن تعدوهم بمعرفتكم.

المنطقة السوداء

يقولون أن من في غزة محاصر، ويجولون العالم لتشديد الخناق على مليونين إلا ربع من أبناء شعبنا، ويصرفون رواتب على تفصيلات أعدوها، ويحرضون على إبقاء معبر رفح مغلق، ويتباهون أمام الجميع وعلى لسان سدنتهم أن الضغط المالي والسياسي سبيلهم، لكن لحظة.....

المحاصرون هم عصابة "العشرة" في رام الله، وبحماية المحتل، ونذكرهم أنه لو رفع الاحتلال حمايته لهم، وسحب دباباته التي جاءوا على ظهورها، فلن يكون لهم وجود، أي أنهم هم المحاصرون، وإلا فليجرأ أحدهم أن يخرج من رام الله في زيارة لأي مدينة فلسطينية دون حراسة وحماية المحتل، أو لننصف قليلاً دون التفاف زعرانهم حولهم، كصورة عبّاس في جنين محمولاً على الأكتاف مع الزبيدي قبيل الانتخابات الرئاسية!

طالما أننا في حديثنا نسبنا العشرة للأربعة، لننسب صفة أخرى تليق بمنطقتهم المخزية: في بغداد يطلقون اسم المنطقة الخضراء على المربع الذي تختبئ فيه الحكومة المنصبة ومؤسساتها، أما في فلسطين فهي "منطقة سوداء" كوجوه من فروا إليها ملتحقين بقطيع وكلاء الاحتلال.

رسمنا بما هو آت

عصابة "العشرة" في "المنطقة السوداء" من رام الله - بحماية المحتل- جن جنونها، فقلبت الأبيض أسود، والشرعي انقلابيا، والمجرم شهيدا، والفار من غزة بطل الأبطال، وبدأ زعيم تلك العصابة بإصدار المراسيم، وكأنه سلطان عثماني، أو ملك لإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، ولا يمر يوم إلا نسمع: رسمنا بما هو آت!

عبّاس صدق نفسه، وصدق وساوس من حوله، فهو يعزل، ويرفّع، ويقيل، ويحرم، ويلغي، ويجمد مواد القانون، ويعين، والأهم كله باسم الديمقراطية.

الديمقراطية والشرعية التي تقزمت في شخص "لحاكم بأمره العبّاسي"، الحاكم الذي يرى ما لا يراه أحد، عبّاس فوق كل قانون وصاحب كل قانون، هذا هو شعار العصابة وزعيمها، وكله باسم الديمقراطية والشرعية!

الشرعية في ذمة الله

عشرات المراسيم باسم الشرعية، حكومة تنصب في رام الله باسم الشرعية، رسمنا بما هو آت باسم الشرعية، عربدة قانونية باسم الشرعية، صدعوا رؤوسنا باسم الشرعية، وأي شرعية؟ شرعية الفرد الواحد صاحب العظمة أو الغبطة، حبر فلسطين الأكبر وكوهينها الأوحد.

الوطن والقضية ارتبطت بنظرهم بعبّاس لأنه الشرعية الوحيدة، والمجلس التشريعي المنتخب الذي لا يحق لعباس أن يحله لكنه يستطيع أن يعزل عبّاس ويقاضيه لا قيمة له، ومصير الجميع هو مع عبّاس وعبّاس وحده؟

تذكرت عام 2004 يوم ضرب عبّاس على باب التشريعي ومعه رأس الفتنة المنبوذ دحلان، وهتف المنافقون يومها: لا عباس ولا دحلان أبو عمار هو العنوان، لا دحلان ولا عباس أبو عمار هو الأساس، هل تذكرون؟ اليوم ذات الهتيفة يصيحون عباس وبس والباقي خس، وعباس سيد الناس، فهو الشرعية والشرعية هو!

ترى لو استيقظنا يوماً على خبر: انتقل عباس إلى الرفيق الأعلى، وهو في أواخر السبعينيات من عمره ومريض بالقلب، فهل أصبحت شرعيتنا في ذمة الله؟ وانتهت قضيتنا بالشرعية الوحيدة شرعية الحاكم بأمره العبّاسي؟

وأخيراً ..... آه يا قدس

تاجروا باسمك يا قدس، باعوك بأبخس الأثمان، فرطوا بك في اتفاقياتهم من عباس – بيلين إلى قريع – بيريز، إلى وثيقة جنيف، ومن لا يصدق ليقرأ ما خطت أياديهم.

جعلوا منك يا قدس ورقة انتخابية، وبحجتك أرادوا إلغاء الانتخابات التشريعية، ثم خسروا كل مقاعدهم هناك، فنسوك ولم يبكوك، بل عانقوا من يخنقوك.

اليوم عادوا لتجارتهم في سوق النخاسة، فصارت القدس "نوطاً" يمنح لكل قاطع طريق ومجرم، نوطاً يحمل اسم أقدس الأقداس ويمنح من أخس الناس لأخس الناس.

لن تفيدهم أنواط الأرض يا عباس، فقد أفضوا إلى ما قدموا، ولن تجمل صورتك وصورتهم بأنواطك البالية، فالقدس منك ومنهم براء، وتذكر أنهم السابقون! "

No comments: