Thursday, July 26, 2007

تطبيع مجاني.. وبيع اللاجئين

تطبيع مجاني.. وبيع اللاجئين

عبد الباري عطوان

"......
اسرائيل نجحت، وبعد اشهر معدودة من اطلاق مبادرة السلام العربية في تحقيق خطوة تطبيعية كبري مع الجامعة العربية، ودون ان تقدم تنازلا واحدا، وكل محاولات الانكار التي يطلقها السيد عمرو موسي في هذا الصدد غير مقنعة، فالوفد المصري ـ الاردني يمثل الجامعة، ولجنة تفعيل المبادرة التي ينبثق عنها، واي تفسير غير ذلك هو اهانة للعقل العربي، او ما تبقي منه.
وما يثير القلق اكثر، ان الشرط الثاني الذي وضعته اسرائيل للقبول بمبادرة السلام العربية، اي اسقاط البند المتعلق بحق العودة فيها، بدأ يتآكل وبسرعة قياسية مدروسة، بحيث لا نصل الي مؤتمر نيويورك الا وقد تلاشي كليا.
السيد سلام فياض رئيس حكومة الطوارئ الفلسطينية (طوارئ لماذا؟) كان اول من بدأ عملية التمهيد لإسقاط هذا الشرط، عندما صرح لصحيفة اسرائيلية بان عودة اللاجئين الفلسطينيين مسألة تحل بالاتفاق بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، دون اي اشارة مطلقا الي الامم المتحدة وقراراتها، وخاصة القرار رقم 194. ثم جاء رئيســـه السيد عـــباس ليطمـــئن الاسرائيليين بصورة اكثر وضوحا، عندما صرح امس لصحيفة معاريف الاسرائيلية ايضا، بانه لا توجد قوة في العالم بامكانها الزام اسرائيل بإعادة ملايين اللاجئين الفلسطينيين الي اراضيها . وقال ان مشكلة اللاجئين هذه يجب ان تحل بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي عن طريق ايجاد حل خلاق لها.
الرئيس عباس لم يذكر الامم المتحدة وقراراتها ايضا، ولم يقل لمراسل الصحيفة، الذي اجري معه هذه المقابلة، ان الولايات المتحدة الامريكية ومعها ثلاثة وثلاثون دولة، استخدمت القوة المسلحة، ونصف مليون من جنودها لتطبيق قرارات مجلس الامن الدولي الصادرة في حق العراق عندما اجتاحت قواتها الاراضي الكويتية.
ما يمكن استنباطه من كل ما تقدم هو ان هناك عملية تمهيد مدروسة بعناية فائقة لالغاء حق العودة، مقابل تفضل حكومة اولمرت بقبول مبادرة السلام العربية، اي تفريغ القضية الفلسطينية من اهم مضامينها. وهذا ما يفسر رفض الرئيس عباس النزق لاي تحاور مع حركة حماس واصراره علي بقاء السيد ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الذي تنازل عن هذا الحق كليا في وثيقة جنيف الي جانبه كمستشاره السياسي الابرز.
الايام المقبلة مرعبة ، فهناك حراك غير طبيعي يجري في المنطقة، وزحمة زوار ومبادرات، فالعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني طار الي واشنطن، وتوني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية الجديد ومهندس الحربين علي العراق وافغانستان، انهي لتوه جولة في المنطقة زار خلالها الاردن ورام الله والقدس المحتلة وابوظبي، ليتبعه فورا وزيرا خارجية مصر والاردن، علي الدرب نفسه، بينما يستعد قادة دول المنطقة لفرش السجاد الاحمر للسيدة رايس ورفيقها روبرت غيتس وزير الدفاع الامريكي، في جولة هي الرابعة في اقل من ستة اشهر.
اليس لافتا ان وزير الدفاع الامريكي يرافق رايس في جولتها هذه؟ الا توجد علاقة لهذه الجولة مع وجود اكثر من نصف السفن الحربية الامريكية في منطقة الخليج لاول مرة في تاريخ هذه الدولة، من بينها ثلاث حاملات طائرات؟
الم نتعود علي مثل هذا الحراك السلمي في كل مرة تستعد فيها الادارات الامريكية لحرب في المنطقة؟ التاريخ يعيد نفسه وبأسرع مما نتصور."

No comments: