Monday, February 18, 2008

لبنان والتحذير السعودي المفاجئ


From Al-Quds Al-'Arabi

لبنان والتحذير السعودي المفاجئ

"عندما تنصح الحكومة السعودية رعاياها بعدم السفر الي لبنان بسبب الوضع السياسي المتدهور، علي حد وصف بيان وزارة خارجيتها الذي صدر امس، فإن هذا يعني ان هذا البلد بات علي وشك الدخول في حالة حرب، سواء حرب اهلية طرفاها المعسكران المتصارعان علي السلطة، او حرب تشنها اسرائيل للانتقام من هزيمتها التي لحقت بها اثناء غزو صيف عام 2006.
واللافت ان هذا الموقف السعودي تزامن مع موقف فرنسي مماثل، انعكس في اغلاق مركزين ثقافيين فرنسيين في مدينة صيدا الجنوبية. وقال متحدث باسم السفارة الفرنسية في بيروت ان قرار الاغلاق جري اتخاذه لاسباب امنية.
المملكة العربية السعودية لاعب اساسي في الساحة اللبنانية، وتعتبر الداعم الاكبر لتحالف الرابع عشر من آذار الذي يضم معظم القوي المسيحية، مثل القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع والكتائب بزعامة امين الجميل الرئيس اللبناني الاسبق، علاوة علي الكتلة الدرزية التابعة لوليد جنبلاط والسنية الموالية للسيد سعد الحريري.
ولا يختلف الموقف السياسي الفرنسي كثيرا عن الموقف السعودي، بل انه مكمل له، مما يعني ان الدولتين تملكان معلومات مؤكدة عن قرب حدوث مواجهات عسكرية تؤدي الي زعزعة الاستقرار، وسقوط ضحايا من المدنيين.
فمن الواضح ان ازمة الفراغ الدستوري الحالية الناجمة عن عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف العماد اميل لحود، المنتهية ولايته في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما زالت علي حالها، بل تزداد تفاقما بعد فشل جهود السيد عمرو موسي امين عام جامعة الدول العربية في اقناع الاطراف المتناحرة بقبول مبادرة السلام العربية التي تبناها وزراء الخارجية العرب.
وليس من قبيل الصدفة ان تتسم تصريحات زعماء فريق الموالاة بالتصعيد غير المسبوق في الايام الاخيرة، فالسيد وليد جنبلاط سخر من السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله والعماد ميشال عون بطريقة اثارت استغراب الكثيرين، لاستخدامه توصيفات والفاظا لا تصدر عن سياسيين محترفين، مضافا الي ذلك ترحيبه بالحرب والفوضي، وهجومه الشرس علي سورية وايران، وهو الهجوم الذي شاركه فيه السيدان الحريري وجعجع في كلمتيهما اللتين القياهما في الذكري الثالثة لرحيل رفيق الحريري.
فهناك من يقول ان هذه اللهجة التصعيدية من قبل قادة فريق الاكثرية النيابية جاءت بعد زيارة السيد جنبلاط الي واشنطن، وتعريجه بعدها علي الرياض، ولا بد انه سمع في هاتين الزيارتين تطمينات بدعم عسكري مؤكد في حال اندلاع المواجهات مع فريق المعارضة بزعامة حزب الله .
وما يؤكد علي هذه الحقيقة، ان السيد جنبلاط مال الي التهدئة، والابتعاد عن الاضواء بعد عودته من زيارة سابقة لواشنطن قبل عام، واستخدم لهجة فيها الكثير من المهادنة لسورية علي وجه الخصوص، دفعت الكثيرين الي التكهن بتلقيه معلومات غير مطمئنة عن مدي الالتزام الرسمي الامريكي بدعم تحالف الرابع من آذار عسكريا.
العنصر الجديد الذي يزيد من احتمالات الانفجار العسكري، بالاضافة الي الفراغ السياسي والمماحكات بين المعسكرين المتناحرين، هو اغتيال الراحل عماد مغنية زعيم الجناح العسكري في المقاومة الاسلامية اللبنانية، حزب الله ، حيث هدد قادة الحزب بحرب مفتوحة ضد اسرائيل انتقاما لعملية الاغتيال هذه.
النصائح السعودية هذه ليست نذير خير للبنان وشعبه، في الوقت الراهن علي الاقل، فليس من عادة الحكومة السعودية ان تصدر مثيلاتها الا فيما ندر، وبعد التأكد من وجود خطر حقيقي علي رعاياها في الدول المعنية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو حول ما يمكن ان يترتب علي اي حرب في لبنان من نتائج، ليس فقط علي الشعب اللبناني وانما علي شعوب المنطقة بأسرها، لان هذه الحرب اذا ما اندلعت لن تتوقف عند الحدود اللبنانية فقط."

No comments: