املاءات رايس علي المعتدلين
عبد الباري عطوان
"السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية باتت تقيم في المنطقة العربية وعواصمها اكثر من اقامتها في منزلها في واشنطن، فلا يمر شهر دون ان تحط الرحال في المنطقة، تارة لمتابعة تطورات المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية التي أطلقتها في مؤتمر انابوليس للسلام، وتارة اخري للالتقاء بوزراء خارجية محور الاعتدال لبحث استعدادات الحرب ضد ايران، وتارة ثالثة لترؤس مؤتمر دول الجوار العراقي.
ويبدو ان المنطقة العربية باتت الشغل الشاغل للسياسة الخارجية الامريكية وآلياتها الدبلوماسية، ومع ذلك، لا نري غير الفشل الذريع في هذا الخصوص، فالاوضاع في العراق تسير من سيئ الي اسوأ، والمفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية فشلت في منع اقامة وحدة سكنية يهودية واحدة في مستوطنات القدس المحتلة، واعداد قتلي حلف الناتو في تصاعد مستمر في افغانستان، وكان آخرهم ابن وزير الدفاع الهولندي.
....
.....
المنطق يقول بعدم تجاوب دول محور الاعتدال مع اي من هذه الاملاءات الامريكية، ليس فقط لان ستة اشهر بقيت من عمر الادارة الحالية، وانما ايضا لان هذه الادارة هي التي اوصلت العراق الي هذا الوضع المأساوي وعليها اصلاح ما كسرته وتحمل المسؤولية الكاملة المترتبة علي جرائمها هذه التي ادت حتي الآن الي مقتل مليون ونصف المليون عراقي، واغرقت البلاد في حروب طائفية ومذهبية مدمرة.
ولكن متي كانت الحكومات العربية تستخدم المنطق كاساس لسياساتها، او تعاملها، مع الادارة الامريكية، فلم يكن من المنطق مساندة الحصار علي العراق لاكثر من ثلاثة عشر عاما بعد اخراج قواته من الكويت، ومطالبته بتدمير اسلحة دمار شامل لم تكن موجودة في حوزته، ثم فتح اراضيها واجوائها لشن حرب عليه، ومن ثم احتلاله، وتغيير نظامه، واحداث اكبر خلل استراتيجي في المنطقة لمصلحة ايران واسرائيل معا، وتحول العرب الي مجرد بنك لتمويل الحروب الامريكية في المنطقة، والحيلولة دون انهيار الاقتصاد الامريكي بالكامل بسبب تكاليفها العالية؟
السيدة رايس ستحصل قطعا علي معظم طلباتها من وزراء خارجية دول محور الاعتدال بالجملة او بالتقسيط، فلم يحدث ان رفض لها هؤلاء طلبا في السابق، ولماذا يخرجون عن هذه السنّة الحميدة الآن؟ ولم يكن مفاجئا بالنسبة الينا ان يكون اول طلب سيلبيه وزراء خارجية دول الخليج هو قبول العراق عضوا في مجلس التـــــعاون الخليجي فورا، ومشاركة السيد زيباري في جميع اجتماعاته الوزارية المقبلة، بــــعد عناق حار بينه والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ايذانا ببدء العهد الجديد. اما اليمن فعليه الانتظار لعقود قادمة حتي يحظي بهذا الشرف، فرغم خدماته الكثيرة في الحرب علي الارهاب، فانه ما زال غير مؤهل امريكيا وخليجيا للانضمام الي هذا النادي."
No comments:
Post a Comment