سلبيات وايجابيات اتفاق التهدئة
"......
واللافت ان هذه المفاوضات التي استغرقت ستة اشهر ظلت محصورة في حركة حماس والمسؤولين فيها، دون ان يكون لسلطة رام الله، والرئيس محمود عباس اي دور مباشر او غير مباشر فيها، بل لا نبالغ اذا قلنا انه سمع ببنود الاتفاق الذي تمخض عنها مثل كل الفلسطينيين اي عبر محطات التلفزة.
الاتفاقية تتضمن نقاطا ايجابية، واخري سلبية، وثالثة تتسم بالكثير من الغموض، الامر الذي يعكس نواقص عديدة فيها، ربما تحتاج الي المزيد من المفاوضات لبلورة تفاهم حولها.
فمن الواضح ان حماس لم تحقق شرطها بفتح فوري لمعبر رفح، مثلما كانت تصر في جميع تصريحات مسؤوليها، كما ان اسرائيل لم تظفر بالافراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط، مثلما كررت دائما كشرط لقبولها بالتهدئة، وهذا يعني ان تنازلات متبادلة وقعت من قبل الطرفين مما قد يؤدي الي انهيار هذا الاتفاق اذا تعثرت المفاوضات المقبلة حول هاتين المسألتين، اي معبر رفح، والافراج عن شاليط.
مدة سريان هذا الاتفاق، اي ستة اشهر، تظل ايضا موضع تساؤل، فهل هو مرهون بالاشهر الستة المتبقية من رئاسة جورج بوش، وبالتالي افساح مجال للمفاوضات بين اسرائيل وسلطة رام الله للتوصل الي تسوية، ام لاعطاء فرصة للحوار الوطني الفلسطيني الشامل لكي يأخذ مجراه والوقت الكافي للتوصل الي نتائج تعيد اللحمة للصف الفلسطيني؟
ولعل اكثر النقاط غموضا هي تلك المتعلقة بالضمانات الكفيلة بتطبيق بنود هذا الاتفاق علي الارض، والمرجعية التي يمكن الاحتكام اليها في حال حدوث اختراقات من قبل اي من الجانبين، او حتي فصائل المقاومة الفلسطينية الاخري التي قال السيد محمود الزهار انه حصل علي مباركتها قبل التوقيع علي الاتفاق والقبول ببنوده في المؤتمر الصحافي الذي عقده في غزة واعلن فيه عن الاتفاق.
السيد الزهار لم يجب في مؤتمره الصحافي المذكور عن سؤال حول هذه المسألة بما يعطي تفاصيل ترضي فضول السائل، واكتفي بالقول ان مصر هي الضامن له. والضمانة المصرية تظل غير كافية وحدها قياسا علي اتفاقات تهدئة سابقة جري التوصل اليها عبر وساطات مصرية مماثلة.
اتفاق التهدئة يظل محفوفا بخطر الانهيار طالما ظل معبر رفح علي الحدود المصرية مغلقا امام مليون ونصف المليون من ابناء قطاع غزة، ولا يلوح في الافق ان هناك امكانية للتوصل الي تسوية سريعة او قريبة لهذه المسألة الشائكة. فكل ما نص عليه الاتفاق في هذا الخصوص هو عقد لقاءات ثلاثية في مرحلة لاحقة بين حركة حماس وسلطة رام الله والاوروبيين برعاية مصرية لبحث كيفية اعادة فتح المعبر مجددا. ودون تحديد اي جدول زمني واضح في هذا الصدد.
حركة حماس ستجد نفسها في وضع حرج للغاية اذا امتد امد المفاوضات الثلاثية هذه حول المعبر لعدة اسابيع او اشهر دون اتفاق، وربما سيصبح وضعها اكثر حرجا اذا ما التزمت اسرائيل بالتهدئة في قطاع غزة وواصلت توغلاتها واغتيالاتها في الضفة الغربية لنشطاء فصائل المقاومة.
من الصعب اطلاق احكام مسبقة علي اتفاق لم يبدأ تطبيقه بعد، ولكن من خلال الحكم علي التجارب والاتفاقات السابقة المماثلة يمكن القول بانه ربما يكون هدنة قصيرة لالتقاط الانفاس، وتخفيف حدة الوضع الخانق الذي يعيشه ابناء قطاع غزة في ظل حصار تجويعي ظالم بينما يقف القادة العرب بل والعالم بأسره موقف المتفرج."
No comments:
Post a Comment