Tuesday, February 17, 2009

المصالحة العربية: من يجر من؟


المصالحة العربية: من يجر من؟

عبد الباري عطوان

"......
الانطباع الأول الذي يخرج منه اي مراقب لهذه التحركات هو لعب قادة الاستخبارات دوراً رئيسياً فيها، اي ان الحوار حول المصالحة يتم من خلال القنوات الاستخبارية، وليس السياسية مثلما تقتضي الأعراف، وكأن هذه المصالحة مشروع أمني، او ان الخلاف الذي يتم التركيز على ازالة اسبابه هو خلاف امني وليس على اساس قضايا سياسية محضة، مثل التعامل مع ملف الصراع العربي الاسرائيلي، وكيفية التعامل مع نتائج الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة، ووصول ادارة امريكية جديدة الى سدة الحكم، وتعاظم صعود قوى اقليمية جديدة غير عربية في المنطقة مثل ايران وتركيا.
نحن الذين طالبنا بضرورة وضع حد، وبشكل سريع دون ابطاء، للانقسامات العربية الرسمية، لا يمكن ان نعارض، او حتى نشكك، بأي جهود تبذل حالياً من اجل تحقيق المصالحة العربية، ولكن يظل من حقنا ان نسأل على اي اساس ستتم هذه المصالحة، وما هي الارضية السياسية والاستراتيجية التي ستقوم عليها.
بمعنى آخر نسأل الى اي مدى سيذهب هذا الغزل السعودي السوري الحالي، ولماذا يتكثف في هذا التوقيت بالذات عندما بدأت الوفود الامريكية، من الكونغرس ومجلس الشيوخ، تحج الى قصر المهاجرين في دمشق، ثم هل ستجرّ الحكومة السورية نظيرتها السعودية الى معسكرها، اي ما يسمى بمعسكر دول الممانعة، او العكس؟
خطة الادارة الامريكية الجديدة تفكيك المحور السوري الايراني، وابعاد سورية عن ايران على وجه التحديد، من خلال عروض بكسر الحصار واعادة العلاقات الى طبيعتها بين واشنطن ودمشق، وربما التلويح مجدداً بجزرة هضبة الجولان. فهل ستصب المصالحة السعودية السورية في الهدف نفسه؟
......
ولكن هل يدرك كبير الطباخين السوريين ان كل هذا الاهتمام ببلاده يعود الى تحالفها مع ايران وحزب الله وحركة 'حماس'، ويمكن ان يتبخر اذا ما تحقق الهدف منه، اي اخراج سورية من هذا التحالف، وقد ينقلب الى نتائج وربما اجراءات عكسية. وتجربة الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه مع امريكا ماثلة في الأذهان، خاصة تحالفه مع دول الاعتدال وامريكا واوروبا لكبح جماح الثورة الايرانية، والحيلولة دون امتدادها الى شواطئ الخليج العربية الغربية، ثم انقلاب الجميع ضده، والتآمر على اطاحة نظامه.
ما نريد ان نخلص اليه من هذا الاستطراد هو التأكيد على ان تقوم اي مصالحة عربية على اساس الثوابت العربية، ومشروع نهضوي عربي متكامل يحقق لهذه الأمة مكانتها، ويبلور مشروعها في مواجهة مشاريع القوى الأخرى، والمشروعين الايراني والتركي على وجه الخصوص.
......"

No comments: