اعمار غزة كسلاح سياسي
عبد الباري عطوان
"تبدأ اليوم في 'منتجع شرم الشيخ' اعمال المؤتمر الدولي لإعمار قطاع غزة بمشاركة 75 وفداً، ليس من بينها وفد الدولة التي دمرت القطاع وقتلت 1350 من ابنائه (اي اسرائيل) ولا حركات المقاومة التي دافعت عنه وصمدت برجولة في مواجهة العدوان.
ومثلما جرى استخدام ورقة المعابر ولقمة الخبز لتركيع الفلسطينيين ابناء القطاع ودفعهم للثورة ضد حركات المقاومة هذه، من المرجح ان يتم استخدام ورقة إعادة الاعمار، والاموال التي سترصد لهذه المهمة (2.8 مليار دولار) من اجل تحقيق الغرض نفسه، اي القول لأبناء القطاع بشكل واضح لا لبس فيه او غموض: اذا اردتم هذه الاموال واعادة الاعمار فأنتم تعرفون جيداً المقابل المطلوب، والكرة الآن في ملعبكم.
الدول المانحة أكدت انها لن تتعامل في مسائل الاعمار الا مع السلطة في رام الله، وان جميع الاموال والمشاريع المخصصة ستمر عبر قنواتها فقط، اي وضع 'فيتو' كبير على حركات المقاومة، وحركة 'حماس' على وجه التحديد.
تنفيذ هذا 'الفيتو' بدأ بمجرد صدور القرار الاسرائيلي بوقف اطلاق النار من جانب واحد. فجميع المسؤولين الغربيين والامميين الذين زاروا قطاع غزة لتفقد أوضاع الدمار فيه، ابتداء من بان كي مون امين عام الامم المتحدة، ومروراً بخافيير سولانا، وانتهاء بتوني بلير، لم يلتقوا مطلقاً مع اي من المسؤولين في حكومة حركة 'حماس'، حتى ان وفد الكونغرس الامريكي الذي قيل انه تسلم رسالة من الحركة الى الرئيس الجديد باراك اوباما تركها في القدس المحتلة ولم يحملها معه في طريق العودة.
نستغرب هذه 'المرونة' من قبل هذه الحكومة، مثلما نستغرب قبولها بمثل هذا التجاوز لها، وهي القوة المسيطرة التي تتكفل بادارة شؤون القطاع، لعلها تريد عدم الوقوف في طريق العاصفة، او تقديم مصلحة الناس المتضررين من جراء العدوان، وهم الاغلبية الساحقة، على مصلحة الحركة وكرامتها الشخصية (بالنسبة الى قياداتها) والتنظيمية (بالنسبة الى الحركة ككل).
....
....."
No comments:
Post a Comment