A Great Article by Azmi Bishara
يشرح هذا المقال الدوافع لموجة اقتراحات القوانين التي تغرق جدول أعمال الكنيست. وجلها قوانين تقيِّد مظاهر الوطنية الفلسطينية وتضع قيودا بالقانون على النشاط السياسي للمواطنين العرب داخل الخط الأخضر. ويشرح المقال باختصار المعنى السياسي لهذه الموجة.
".....
ومن هنا فالاعتقاد أن إسرائيل كانت أكثر ديمقراطية وأنها تتجه نحو الفاشية هو اعتقاد خاطئ
....
إسرائيل هي استعمار استيطاني مر واستوطن. والفاشية نظام حكم عيني جدا، ليس ضروريا أن يقوم في مجتمع مستوطنين مجيّش قام على أنقاض شعب آخر، خاصة أن هذا المجتمع قد نظم نفسه بشكل تعددي ديمقراطي، وهو موحد في الأساسيات التي ينعقد عليها الإجماع، ومنها القيم العسكرية، فهو إذا ليس بحاجة لانقلاب فاشي فيه.
....
بموازاة ذلك جرى في أوساط المواطنين العرب في الداخل تطوران متوازيان أيضا، تمثل الأول بازدياد الوعي بحقوق المواطنة والحريات المدنية بعد فترة سيطر فيها الخوف من الحكم العسكري والأجهزة الأمنية الإسرائيلية والعزلة عن الأمة العربية في الوقت ذاته.
كما تميزت تلك الفترة بمحاولات إثبات الولاء للدولة في خدمة الصراع اليومي على الحياة المادية، وللتقدم في الحياة المدنية اليومية.
وتمثل التطور الثاني بازدياد الوعي الوطني مع ارتفاع نسبة التعليم وتطور الحركة الوطنية الفلسطينية في الخارج وتأثير وسائل تصال وتوسع الطبقة الوسطى، واتساع التواصل التنظيمي بين المواطنين العرب الداخل، والتبادل الثقافي والتجاري مع الضفة الغربية وقطاع غزة.
.....
يعني ازدياد عدد القوانين أن إستراتيجية أخرى قد ضربت جذورها بين العرب في الداخل تراها المؤسسة الإسرائيلية كخطر ماحق.
ويتلخص هذا الخطر بالنسبة لإسرائيل بأن يرى الناس بحقوق المواطنة فرصة للنضال من أجل المساواة وفي الوقت ذاته استغلال الحريات المدنية لممارسة الهوية الوطنية والتوعية الوطنية، بما في ذلك مظاهر مثل إحياء ذكرى النكبة، وللتواصل مع الأمة العربية.
وإحياء ذكرى النكبة سياسيا وحزبيا وجماهيريا ظاهرة جديدة عند العرب داخل الخط الأخضر تعود إلى أواسط التسعينيات فقط. المهم أنه حتى أواخر السبعينيات وقبل انتشار الوعي الوطني بقوة كان العديد من عرب الداخل يحيي يوم استقلال إسرائيل إما خوفا أو جهلا. وكان قادتهم حتى نهاية السبعينيات وأكثر، من أحزاب صهيونية وغير صهيونية، يهنئون إسرائيل بيوم استقلالها.
....
لم تتغير إسرائيل وحدها، بل تغيرت أيضا الثقافة السياسية لأوساط واسعة من عرب الداخل باتجاه وطني يحيي ذكرى النكبة ولا يجد تناقضا بين هذا وبين حقوق المواطنة، بل يستغل الحريات التي تمنحها المواطنة لممارسة سياسية يراها هو حقه الطبيعي وتراها إسرائيل بمجملها كمتناقضة مع المواطنة.. ويزداد هذا الموقف حدة طبعا مع تطور وتعاظم قوة الخطاب الصهيوني اليميني الديني العنصري في تلك البلاد
....
ولكن عندما يكون موضوع التهريج المفضل هو التحريض على العرب، فهذا يعني أن العنصرية والآراء المسبقة منتشرة، وأن التحريض والتهويل والتخويف والافتراء على العرب ينتشر كالنار في الهشيم. وهذا عنصر خطير وغير مضحك قائم فعليا في ما نراه تهريجيا.
وكما قلنا سابقا، فإنه في مرحلة أوباما وبعد فشل سياسة بوش سوف توجه الحكومة الإسرائيلية طاقة اليمين الائتلافي العنصرية نحو القدس ونحو العرب في الداخل، حيث يعتبر الشأن داخليا ويبدو التشديد على يهودية الدولة أقل صعوبة من التشديد على الاستيطان في المناطق المحتلة.
....
طبعا يصعب على أية دولة مهما بلغت شموليتها أن تفرض الولاء والتعاطف بالقوة، فما بالك بدولة استعمارية ترغب بفرض الولاء على السكان الأصليين بعد أن حولتهم من أكثرية إلى أقلية في وطنهم؟ لا شك أن إسرائيل سوف تجد منع التظاهر بعدم الولاء أسهل تشريعيا من مظاهر فرض الولاء
....
هنا قمنا في السنوات الأخيرة بطرح تفسير تجديد ما زالت إسرائيل ترفضه. وقد دخلت معنا في صراع يعرف القارئ نتائجه. ويفاجئ المواطن العربي الفلسطيني المستمِع الإسرائيلي به كل مرة، إذ يقول للسلطة الحاكمة في إسرائيل: لا ولاء أكثر من العمل في إطار القانون، ودفع الضرائب وغيرها. أما التواصل مع التاريخ الفلسطيني فلا يمر عبركم، والتواصل مع الوطن العربي يجب أن يكون عربيا عربيا لا يمر عبركم، ولا بإذن منكم.
لم تسمع إسرائيل في الماضي مثل هذا الكلام، وكانت تسمع كلاما عن "مواطنيها العرب" كـ"جسر سلام"، وكـ"قوة ديمقراطية إسرائيلية" وكـ"معسكر سلام". يقول نفس هذا النمط الجديد من العرب: إن فلسطينيتي معطى قبل قيام دولتكم التي قامت على أنقاض شعبي، وإن المواطنة هي حل وسط لنتمكن من العيش هنا في وطننا. المواطنة ليست معروفا تسدوه لي بشروط
....
من هنا، فهي ترى أنها تحتاج إلى قوانين لوقف ما تعتبرها مظاهر خطيرة من عدم الولاء. وهذه خطوات قمعية، ولكنها أيضا عبارة عن إعلان فشل الأسرلة.
....."
No comments:
Post a Comment